تحتفل الكنائس الغربية في مصر والممثلة في الطوائف اللاتينية والمارونية والبيزنطية بعيد تدشين كنيسة القدّيس يوحنّا المعمدان في اللاتران بروما، وشيَّد هذه الكنيسة الامبراطور قسطنطين. ويعود الاحتفال بعيد تدشينها الى القرن الثاني عشر، أولا في روما ثم في العالم كله، على اعتبار هذه الكنيسة "أم جميع كنائس المدينة والعالم ورأسها"، علامة على المحبة لكرسي بطرس والوحدة معه، كما كتب ذلك القديس أغناطيوس الأنطاكي: "المترئسة جماعة المحبة كلها".
يأتي ذلك بجانب تذكار البارّة مطرونة التي عاشت في القسطنطينيّة، عيشة الزهد وقهر الجسد والانقطاع إلى الله، في عهد الامبراطور لاون الكبي، بجانب تذكار القدّيسَين الشهيدَين أونيسيفورس وبورفيريوس واستشهد هذان القديسان في عهد الامبراطور ديوكليسيانوس ومكسيميانوس سنة 290.
وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها انه يفتخر بعض الناس بمعرفتهم؛ لكنّ بولس الرسول وجد المعرفة السامية في الصليب. فقد قال: "فإِنِّي لم أَشَأْ أَن أًَعرِفَ شَيئًا، وأَنا بَينَكُم، غَيرَ يسوعَ المسيح، بل يسوعَ المسيحَ المَصْلوب"أوليسَ الصليبُ إتمامًا للشريعة الكاملة وأسلوبَ الحياة الأمثل؟ ويستطيع بولس أن يجيب الّذين يتفاخرون بقوّتهم إنّه يستمدّ من الصليب قوّةً لا تُضاهى: "ففإِنَّ لُغَةَ الصَّليبِ حَماقةٌ عِندَ الَّذينَ يَسلُكونَ سَبيلَ الهَلاك، وأَمَّا عِندَ الَّذينَ يَسلُكونَ سَبيلَ الخَلاص، أَي عِندَنا، فهي قُدرَةُ اللّه" هل تفتخرون بالحريّة التي اكتسبتموها؟ لقد اكتسب بولس مجد حرّيّته من الصليب: "ونَحنُ نَعلَمُ أَنَّ إِنسانَنا القَديمَ قد صُلِبَ معَه لِيَزولَ هذا البَشَرُ الخاطِئ، فلا نَظَلَّ عَبيدًا لِلخَطيئَة".
ويفتخر بعضهم الآخَر بانتخابهم أعضاء في جماعات مرموقة؛ أمّا نحن، فإنّنا بصليبِ يسوع المسيح مدعوّون إلى لقاء السموات: "فقَد حَسُنَ لَدى الله... أَن يُصالِحَ بِه ومِن أَجلِه كُلَّ موجود مِمَّا في الأَرْضِ ومِمَّا في السَّمَوات وقَد حَقَّقَ السَّلامَ بِدَمِ صَليبِه". وأخيرًا يفتخر بعضهم بشعارات النصر التي تُهدى للظافرين؛ لكنّ الصليبَ هو راية انتصار يسوع المسيح على الشياطين: فقد "خَلَعَ أَصحابَ الرِّئاسةِ والسُّلْطان وشَهَّرَهم فسارَ بِهِم في رَكْبِه ظافِراً