ليس جديدا قيام أجهزة الأمن التابعة لحركة حماس في قطاع غزة بإعدام من تثبت عليهم تهمة التعامل أو التخابر مع أجهزة الأمن الإسرائيلية، وهو ما دأبت عليه في حملات كانت تقوم بها من حين لآخر، خاصة إثر اغتيال أي من قادتها أو كوادرها السياسيين أو العسكريين.
وفي هذه الإطار يأتي إعدام حماس ثلاثة من هؤلاء بعد فترة من اغتيال أحد قادتها، ويدعى مازن الفقهاء في ظروف غامضة. لكن بعض الخبراء القانونيين يشككون في المسوغات والصلاحيات القانونية التي تتيح لحماس تنفيذ مثل تلك الإعدامات، ناهيك عن التشكيك في المنظومة القضائية وآلية التحقيق المتبعة لتحقيق تلك النتائج، ومدى توافقها مع القوانين الدولية ذات الصلة.
ومنذ اغتيال القيادي في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مازن فقهاء، على يد مجهولين في غزة قبل نحو أسبوعين، وجهت الحركة الاتهام إلى إسرائيل وعملائها.
وأعلنت حملة لملاحقة العملاء، وفتحت ما أسمته باب التوبة، لمدة أسبوع أمام يسلم نفسه، قبل أن يعلن النائب العام في غزة، عن نية تنفيذ تصفيات بحق عدد من المتهمين بالتخابر مع إسرائيل.
لم تمض سوى 16 ساعة عن الإعلان، حتى نفذت التصفية شنقا بحق ثلاثة متهمين، في قلب غزة.
تحت أي قوانين ومصوغات وقرائن، تقرر الحركة، تنفيذ تصفياتها هذه؟ تساؤل تفتح إجاباته أقواسا من الجدل، بشأن كلمة السلطة الفلسطينية، والمصالحة الوطنية المنشودة.
تتمسك حماس بروايتها حول نزاهة جسمها القضائي، وتقول إنها نفذت ما تصر على تسميتها بالإعدامات بحق الفلسطينين الثلاثة، بعد استيفاء الإجراءات اللازمة كافة.
لكن محاكم حماس الثورية كما تسميها، لم تشكل في واقع الأمر، بموجب قانون فلسطيني نافذ، وقضاتها لم يعينوا وفقا لذلك، والنائب العام في غزة، غير النائب العام التابع للسلطة الفلسطينية.
والإعدامات في فلسطين، لا تتم كما يفترض إلا بمصادقة من الرئيس، بموجب القانون الأساسي، وقانون الإجراءات الجزائية.
جدل مستمر
الجدل قديم ومستمر، وأعنف صوره ربما كانت عام 2014، حين أطلقت حماس حملة باسم خنق الرقاب، أقدمت خلالها على تصفية عدد من المواطنين، ومن ثم سحلهم في الشوارع أمام المارة، والتهمة هي نفسها التخابر مع إسرائيل.
بصرف النظر عن عدم قانونية أحكام الموت التي تصدرها وتنفذها حماس، تجيز الحركة غايتها من تلك التصفيات، في كونها عبرة للآخرين من مغبة الوقوع في شباك الموساد.
فيتكشف التناقض بين حدي هذا الإيجاز، بمجرد التمعن في أيديولوجية الحركة المتاورية خلف دخان معاركها مع الإسرائيليين، كما يرى معارضوها.
تصفيات باسم القانون وخارج القانون، تصدر عن محاكم، تستقي قوانينها من فتاوى، أطلقت على قياس هوى أصحابها، بحسب رأي كثير من ابناء الشعب الفلسطيني.