تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بذكرى استشهاد القديس أمونيوس أسقف إسنا.
وقال كتاب التاريخ الكنسي "السنكسار" الذي تُتلى فصوله على مسامع الأقباط يوميًا، والذي يحتوي على الوقائع والأحداث والتذكارات المهمة في التاريخ الكنسي، إنه في مثل هذا اليوم استشهد الأب العظيم الأنبا أمونيوس أسقف مدينة إسنا. وكان منذ حداثته حسن السيرة وذاعت فضائله. فرسمه الأنبا بطرس بابا الإسكندرية أسقفا على مدينة إسنا، ولرغبته الشديدة في الوحدة بني "دير" على حافة الجبل بجوار عين ماء، وأعد مغارة كان يقيم فيها طوال الأسبوع . وينزل يوم السبت إلى الكنيسة، ويقوم بخدمة القداس يوم الأحد، حيث يجتمع به شعبه، فيعظهم ويفصل في قضاياهم، ويمضي معهم يوم الإثنين أيضا ثم يعود إلى مغارته مداوما على النسك والعبادة. وقد استشهد في أيامه عدد كبير من شعبه. وذلك أنه لما ذهب إريانوس الوثني إلى الصعيد، كان في طريقه يضطهد النصارى، ويكلفهم بالسجود للأوثان، ومن خالف عذبه ثم قتله. واستمر كذلك حتى وصل إلى مدينة إسنا، وعند دخوله وجد أربعة من الصبية يسوقون دواب تحمل بطيخا. فسألهم أحد جند الوالي عن معتقدهم فأجابوه "نحن نصارى"، فقبضوا عليهم.
ولما علمت أمهم أسرعت إليهم وكانت تشجعهم وتقول للجند "نحن نحب يسوع المسيح ولا نعبد أصنامكم المرذولة"، فأمر الوالي باعتقالهم في السجن، وفي نصف الليل ظهرت السيدة العذراء لهذه الأم وقالت لها "اعلمي أن ابني المخلص والرب قد دعاك أنت وأولادك السعداء سروس وهرمان وبانوف وبسطاي إلى الملكوت السمائية. وأعطتها السلام ثم صعدت إلى السماء .ولما كان الصباح، استحضرهم الأمير، وعرض عليهم عبادة الأصنام فرفضوا بإباء وشجاعة، فقطع رءوسهم، وكان ذلك في السادس من شهر بشنس، وأخذ المؤمنون أجسادهم ودفنوها في بيتهم. وظهرت من أجسادهم جملة عجائب وآيات. وكان بالمدينة أربعة أراخنة يقومون بجباية الضرائب. وإذ كانوا يقدمون لإريانوس حساب عملهم، حدث أن ذكر أحدهم اسم المسيح، فغضب إريانوس عند ذلك وأمر بتعذيبهم. وإذ رأي قوة صبرهم أمر بقطع رءوسهم فكملوا شهادتهم في اليوم السادس من شهر بؤونة، واستشهد معهم عدد وفير من النساء والرجال والرهبان. ولما ذهب إريانوس إلى أرمنت هرعت إلى هناك امرأتان اسمهما تكلة ومرتا من أهل إسنا، واعترفتا أمامه بالمسيح، فالتفت إلى من حوله من أهل أرمنت قال لهم "كيف تقولون إذن إنه ليس في مدينتكم نصراني واحد"، أما هم فقد بحثوا حتى علموا أن المرأتين من إسنا، فقالوا له "إنهما غريبتان عن مدينتنا المحبة للملوك والآلهة".
فأمر بأخذ رأسيهما في اليوم السابع عشر من شهر أبيب. أما القديس أمونيوس فقد ظهر له ملاك الرب وهو في البرية وقال له: "السلام لك يا أمونيوس . الرب قبل صلواتك عن شعبك، وهيأ لكم الأكاليل، فقم وانزل وعظهم أن يثبتوا علي الاعتراف بالسيد المسيح"، وأعطاه السلام وانصرف عنه. فنهض القديس وأسرع بالنزول إلى المدينة، وجمع الشعب ووعظهم وأخبرهم بما قاله له الملاك. فصاح الجميع "نحن يا أبانا على استعداد أن نتحمل على اسم المسيح كل عذاب حتى الموت". واتفق عيد القديس إسحق في ذلك اليوم، فصعد بشعبه كله إلى جبل كاتون، الذي تأويله جبل الخيرات، واحتفلوا هناك بالعيد.
أما إريانوس فقد رحل من أرمنت إلى قرية تسمي حلوان غرب إسنا، فخرج أهلها إليه واعترفوا باسم المسيح، فأمر بقطع رءوسهم، ونالوا إكليل الشهادة. ودخل إريانوس المدينة وسار في شوارعها فلم يجد بها شخصا واحدا، حتى وصل إلى الباب القبلي المسمى "باب الشكر"، لأن الأسقف كان قد صلي هناك مع شعبه صلاة الشكر. فوجد امرأة عجوز لم تستطع الصعود معهم إلى الجبل. فسألها الوالي عن أهل المدينة فقالت له "لقد سمعوا أن الوالي الكافر قادم إلى المدينة ليقتل النصارى، فصعدوا إلى الجبل للاحتفال بالعيد". فقال لها من هو معبودك من الآلهة ؟ فأجابته: "أنا مسيحية". فأمر بقطع رأسها، وخرج من المدينة يقصد الجبل، فوجد جماعة في مكان يقال له "المبقلة" فقتلهم، ثم جماعة في قرية تسمي "جرماجهت" فقتلهم أيضا. وغيرهم في مكان يقال له "سرايا" فقتلهم كذلك. وكان يقتل في طريقه كل مسيحي يصادفه حتى وصل إلى الجبل، وهناك قابله الشعب بصوت واحد قائلين "نحن مسيحيون. فهددهم وإذ لم يصغوا لتهديده، أمر جنده أن يستلوا سيوفهم ولا يبقوا على أحد منهم. فكان الواحد منهم يقدم ابنته إلى السياف ويقول لها تقدمي إلى العريس الحقيقي الذي لا يموت.
وكان الجميع يتقدمون إلى السياف قائلين: "نحن ماضون إلى الفرح الدائم في ملكوت السموات"، وكملوا شهادتهم في التاسع عشر من شهر أبيب. أما الأسقف فإنهم قبضوا عليه وأحضروه أمام إريانوس فأمر بغضب أن يربط خلف الخيل ثم أخذه معه إلى أسوان. وفي عودته إلى إسنا قابله ثلاثة رجال، وكانوا يصيحون "نحن نصارى". فقال الجند لقد حلفنا ألا نجرد سيوفنا هنا. فقال لهم الرجال: هذه فئوسنا معنا. فاخذوا منهم الفؤوس ووضعوا رءوسهم على حجر بجوار باب المدينة البحري وقطعوها بالفئوس ونالوا إكليل الشهادة . أما الأب الأسقف أمونيوس فقد وضعوه في مؤخرة المركب وكان إريانوس يخرجه من حين لآخر ويطلب منه التبخير للآلهة فيرفض. وأخيرا أمر بحرقه فنال إكليل الشهادة في اليوم الرابع عشر من شهر كيهك، وأخذ جسده بعض المؤمنين وكان سالما لم تصبه النار بأذى، وكفنوه وأخفوه حتى انقضي زمن الاضطهاد، حيث أتى أهل كرسيه يريدون نقله إلى مدينتهم، فسمعوا صوتا من الجسد يقول: "هذا هو المكان الذي اختاره لي الرب".
الأقباط يحتفلون اليوم بذكرى استشهاد القديس أمونيوس أسقف إسنا
الدستور
الدستور
اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.