
أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تعليق جميع المساعدات العسكرية المقدمة إلى أوكرانيا، في خطوة مفاجئة تهدد بإحداث تحول جذري في مسار الحرب الأوكرانية وتوازن القوى في أوروبا الشرقية.
وأكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن القرار يشمل تعليق شحنات الذخائر والمركبات العسكرية والمعدات الحربية المختلفة، بما في ذلك أسلحة سبق الاتفاق عليها خلال فترة إدارة الرئيس السابق جو بايدن، والتي كانت في طريقها إلى أوكرانيا أو بانتظار شحنها عبر أراضي بولندا.
ضغوط أمريكية وورطة زيلينسكي
يأتي القرار على خلفية المواجهة الحادة التي اندلعت بين ترامب وزيلينسكي خلال الاجتماع الذي جمعهما في البيت الأبيض يوم الجمعة الماضي.
وخلال اللقاء، وجّه ترامب تحذيرًا شديد اللهجة لزيلينسكي، متهمًا إياه بأنه يلعب بالنار ويدفع العالم نحو حرب عالمية ثالثة. وأضاف أن زيلينسكي لن يكون مرحبًا به في واشنطن مجددًا إلا إذا أبدى استعدادًا حقيقيًا لعقد اتفاق سلام مع روسيا
ونقلت وكالة "بلومبرج" الأمريكية عن مصادر مطلعة أن تعليق المساعدات يشمل كل المعدات العسكرية الأمريكية التي لم تصل بعد إلى الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك الأسلحة التي كانت في طريقها على متن الطائرات والسفن.
ووفقًا للمصادر ذاتها، أصدر ترامب تعليماته المباشرة لوزير الدفاع بيت هيجسيث بتنفيذ هذا التعليق بشكل فوري.
كواليس اتخاذ القرار
وجاء القرار عقب اجتماع مغلق في البيت الأبيض، حضره إلى جانب ترامب، كل من وزير الدفاع بيت هيجسيث، ونائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، والمبعوث الرئاسي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.
وأكد مسئول بارز في البيت الأبيض أن ترامب يضع السلام كأولوية قصوى، وأن الإدارة الأمريكية تريد من الشركاء التزامًا واضحًا بهذا الهدف، مضيفًا أن المساعدات العسكرية ستخضع لمراجعة دقيقة لضمان أنها تخدم الوصول لحل سياسي وليس تأجيج النزاع.
وأعرب رئيس لجنة الشئون الخارجية في البرلمان الأوكراني، أولكسندر ميريجكو، عن صدمته من القرار، معتبرًا أن ترامب يدفع أوكرانيا نحو الاستسلام وقبول الشروط الروسية.
وأضاف أن وقف المساعدات في هذا التوقيت هو بمثابة دعم مباشر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الوقت الذي تحتاج فيه أوكرانيا لكل دعم عسكري لمواجهة الحرب الروسية.
من جانبها، قالت منظمة "رازوم لأجل أوكرانيا"، وهي واحدة من أبرز جماعات الضغط الأوكرانية في الولايات المتحدة، إن القرار يضع الشعب الأوكراني في مواجهة الخطر وحده، ويمنح روسيا ضوءًا أخضر لمواصلة عدوانها والتمدد غربًا.
ودعت المنظمة البيت الأبيض إلى التراجع الفوري عن هذا القرار واستئناف المساعدات العسكرية، مع الضغط المباشر على بوتين لإنهاء غزوه الوحشي.
ومنذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، قدمت الولايات المتحدة مساعدات تجاوزت قيمتها 175 مليار دولار لأوكرانيا، وفقًا للجنة المستقلة للميزانية الفيدرالية.
وتشمل هذه المساعدات دعمًا عسكريًا وأموالًا لدعم الميزانية العامة، تُصرف عبر صندوق ائتماني تديره البنك الدولي، بالإضافة إلى برامج مساعدات تنفذها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وتلعب المساعدات الأمريكية دورًا حاسمًا في تمويل رواتب المعلمين والأطباء في أوكرانيا، والحفاظ على استمرار عمل المؤسسات الحكومية، ما يسمح للسلطات الأوكرانية بتوجيه كل مواردها للدفاع عن البلاد في مواجهة الحرب الروسية.
ويتركز القرار الحالي على تعليق المساعدات التي سبق الموافقة عليها لكنها لم تُرسل بعد. ولم يوافق ترامب منذ توليه منصبه على أي حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا، وسط توقعات بأن أي حزمة مستقبلية ستواجه صعوبات كبيرة في تمريرها داخل الكونجرس، الذي يشهد انقسامًا حادًا حيال هذا الملف.
تصاعد التوتر بين ترامب وزيلينسكي بعد تصريحات أدلى بها الأخير يوم الإثنين الماضي، قال فيها إن الحرب مع روسيا قد تستمر لفترة طويلة جدًا، ورد ترامب على هذه التصريحات قائلًا إن أمريكا لن تتحمل مثل هذه التصريحات لفترة أطول.
في تصريحات لاحقة، قال ترامب إن زيلينسكي لن يستمر طويلًا في منصبه إذا لم يرضخ للضغوط ويقبل صفقة السلام وفق الشروط الأمريكية.