
بمناسبة عيد شهيدنا المصري الأشهر، مارمينا صانع الأعاجيب، نستعرض في الصور المرفقه للتقرير مطبوعة قبطية نادرة بقلم الدكتور منير شكري عن "القديس مارمينا العجايبي، ومدينته الأثرية بمريوط"
ويشار إلى أن الشهيد مارمينا صانع الاعاجيب كان جده لأبيه حاكم الإقليم، وتولى بعده عمه، وكان "أودكسيس" والد القديس رجلًا غنيًا محبوبًا من أهل الإقليم لكثرة فضائله، ولأنه كان رحيمًا حسده أخوه ووشى به لدى الإمبراطور "كارينوس" (تولى الإمبراطورية الرومانية فى المدة من 283 إلى 284م)، الذى لم يقبل الوشاية بل عينه واليًا على إقليم أفريقيا (إقليم أفريقيا كان تابعا للإمبراطورية الرومانية فى موقع دولتي تونس والجزائر وجزء من ليبيا).
كانت "أوفوميه" زوجة "أودكسيس" والدة القديس، امرأة تقية مداومة على الصلاة والصوم، ولأنها كانت عاقرا كانت تطلب كثيرًا من الرب أن يهبها نسلًا طاهرًا، وكانت لذلك تصوم كل يوم إلى المساء، وتقدَّم صدقات كثيرة للغرباء والأرامل والأيتام.
فى عيد نياحة العذراء القديسة مريم فى 21 طوبة ذهبت إلى الكنيسة، ورأت النساء فرحة متهللة يحملن أطفالهنَّ، فوقفت بانسحاق أمام أيقونة والدة المسيح، ورفعت قلبها وتضرعت إلى الله بدموع ولجاجةٍ أن يعطيها نسلًا، وبينما هيَ قائمة هكذا تُصلى، سمعت صوتًا صادرًا من الأيقونة يقول: "آمين مينا"، ففرحت، ولما مضت إلى بيتها أخبرت زوجها بما حدث، فامتلأ قلبه بالفرح العظيم.
لما تمت أيام حَبلها، ولدت هذا القديس، دعته "مينا" ( اسم فرعوني معناه: مستمر، دائم، ثابت)، حسب الصوت الذى سمعته، وكان ذلك حوالي عام 286م.
اهتمَّ والداه بتنشئته تنشئة روحية، فهذَّباه بتعاليم الكنيسة، حيث سلَّماه إلى كهنة قديسين فعلموه وأدبوه بالكتب الإلهية التى تعلمها بسرعة، وكان كثير التردد على الكنيسة ليلًا ونهارًا، مُلازمًا الصوم والصلاة، فامتلأت نفسه بالفضيلة. لقد كان ولدًا روحانيًا مثل صموئيل النبي.
لما بلغ من العمر إحدى عشر سنة، تنيح والده وبعده بثلاث سنوات تنيحت والدته، وتركا له أموالًا كثيرة. ولكنه ظل فى ممارسة الحياة الروحانية مُلازمًا الصلاة والصوم، وإعطاء الصدقات.
لما بلغ من العمر خمس عشرة سنة، صدر منشور ملكي بأن يؤخذ من كل بلد مَن يصلح للجندية، فكان القديس ممَن وقع عليهم الاختيار، فعينه الوالي الذى تولى الحكم بعد أبيه نائبًا عنه فى قيادة الجيش، وكان القديس محبوبًا من الجميع لتواضعه ووداعته.
فى عام 303م اصدر الإمبراطوران "دقلديانوس" و"ومكسيميانوس" مرسوما (هذا هو المرسوم الأول، ولم يكن يقضى بقتل المخالفين) يأمران فيه بالسجود للأوثان وتقديم القرابين لها، فلم يحتمل "مينا" أن يرى الكثيرين وقد سقطوا صرعى أمام خداع الشيطان.
قام القديس في شجاعة ووزَّع كل ثروته وممتلكاته على المحتاجين، وتخلَّى عن منصبه، ورحل إلى الصحراء ليتمكن من التمتع بالعشرة الإلهية مع الله مُرددًا القول: "قد رأيت عصيانًا وخصامًا فى المدينة، فبعدت هاربًا، وآويت البرية منطلقًا إلى إلهي ومخُلصي يسوع المسيح"، وكان فى البرية يصوم حتى المساء، ويقضى الليل كله فى الصلاة.
بعد أن قضى القديس حوالي خمس سنوات فى نُسك كثير وأصوام وصلوات، حدث في أحد الأيام بينما هو قائم يُصلى أشرقت نعمة الله عليه من السماء، فرأى السماء مفتوحة وجمهور من الملائكة النورانيين حاملين أكاليل ذهب نورانية ويضعونها على رؤوس القديسين الذين أكملوا جهادهم وشهادتهم، ثم يصعدون بهم إلى السماء وهم منيرون كالشمس بمجد عظيم.
عيد إستشهادة بالنسبة للكنيسة القبطية اﻷرثوذوكسية هو يوم 15 هاتور من كل عام، وبالنسبة للكنيسة الكاثوليكية هو يوم 11 نوفمبر حيث استشهد يوم 11 نوفمبر سنة 296 ميلادية.
دشن دير مارمينا العجايبي بكينج ماريوت بالإسكندرية، في 16 هاتور 1676 شهداء، بيد البابا كيرلس السادس، الذي وضع حجر الأساس للدير الحديث.