نشر الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران طنطا والغربية ومتحدث كنيسة الروم الأرثوذكس، دراسة له عن سيرة القديس روفائيل (هواويني) أسقف بروكلين، مؤسس البعثة الأرثوذكسية في أميركا.
وقال: «إنه الأسقف الأرثوذكسي الأول الذي كُرِس في العالم الجديد وهو من أبناء دمشق ومواليد بيروت في 1860/11/8 من أبوين أرثوذكسيين تقيين ميخائيل هواويني ومريم جرجورة التي ربته على الإيمان والتقوى والأدب، وعلى أثر المذبحة التي صارت في دمشق في العام 1860 التي ذبح فيها العديد من المسيحيين هرب والده وأمه الحبلى به من دمشق إلى بيروت وهناك رأى قديسنا الضوء».
وأضاف: «أتم روفائيل دراسته الابتدائية والثانوية في مدرسة البطريركية في دمشق حيث برع في اللغة العربية ومبادئ اللغتين التركية واليونانية، كما برع في مبادئ الموسيقى الكنسية، وفي نهاية عام 1874 أنهى دراسته وحاز على الجائزة الدراسية الأولى، وأكمل دراسته اللاهوتية في مدرسة البطريركية المسكونية اللاهوتية في خالكي، ولاحقاً درس في أكاديمية كييف اللاهوتية في روسيا الإمبراطورية وكان مساعداً لرئيس الأمطوش البطريركي الأنطاكي في موسكو ودرَّسَ في أكاديمية اللاهوت في قازان».
وتابع: «في 29 مايو 1878 رسمه غبطة بطريرك روسيا إيروثيوس راهباً وعينه مرافقاً له، وفي 8 ديسمبر سنة 1885 رُسم الراهب رفائيل شماساً إنجيلياً في كنيسة مدرسة خالكي اللاهوتية بوضع يد بروكييوس مطران ملانيكون في مكدونيا، وفي 6 يوليو نال شهادة اللاهوت من الدرجة الأولى وكان عنوان أطروحته «التقليد المقدس وسلطاته»، فتقلد لقب معلم الإلهَيات، ولما عاد بعد ذلك إلى سوريا لازم مطران عكار خريستوفورس صليبا الذي ساعده أثناء تعلمه في استانبول».
وأكمل: «ولما زار البطريرك الأنطاكي جراسيموس الأبرشية طلب إلى المطران أن يأذن للشماس لرفائيل كي يرافقه في جولاته وأن يكون ومعلماً في المدرسة البطريركية، التي صمم البطريرك على أنشائها، فكان ذلك وعاد رفائيل إلى دمشق مع البطريرك في 13 سبتمبر سنة 1887 ورسم كاهناً، وخلال ذلك الوقت كانت الجالية العربية في المجتمع الأمريكي تنمو بنسبة مرتفعة، وبموافقة المنظمة الأرثوذكسية الأنطاكية الخيرية ورئيس الأمطوش الأنطاكي في موسكو حضر رفائيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فأتاها عام 1895م وعُيِّنَ في أبرشية نيويورك».
وأردف: «فور وصوله باشر ببناء مقر للبعثة الأرثوذكسية الأنطاكية، وأقام كنيسة صغيرة في قلب الحي الأنطاكي في نيويورك بمنهاتن السفلى، ولاحقاً صار هذا المقر كاتدرائية القديس نيقولاوس في بروكلين. وقد ساهم في تنظيم الجالية الأنطاكية عبر السفر إلى الولايات في الأمريكا وترتيب الأبرشيات، وفي عام 1898 طبع الكاهن روفائيل كتاب خدمة الصلوات باللغة العربية ووضعه في الكنائس لاستخدامه في الصلوات، وفي 12 ديسمبر 1899 وصل رئيس أساقفة روسيا تيخن، خلفاً لنيقولاوس، وبدأ عمله الكهنوتي والرعائي، لكنه أناب الأرشمندريت روفائيل لرعاية بقية البعثة، باعتباره الأقدم».
واستطرد: «في استقبال رئيس الأساقفة الجديد تيخون، قال القديس في عظته خلال القداس الإلهي في 1898/12/15 متحدثاً عن رئيس الأساقفة تيخون: لقد أرسل إلى هنا لكي يرعى قطيع المسيح الروسي والسلافي والأنطاكي واليوناني المبعثرين في كل أنحاء قارة أمريكا الشمالية.. وبموافقة المجمع الروسي المقدس، بتاريخ 1904/3/13 تمت سيامة الأرشمندريت روفائيل أسقفاً على بروكلين في كاتدرائية القديس نيقولاوس ببروكلين ليرعى الأرثوذكس الأنطاكيين، وخلال الأحدى عشر سنة التالية استمر الأسقف روفائيل بخدمته للرعية الأنطاكية في أمريكا، ووضع حجر الأساس لدير القديس تيخن في شمال بنسلفانيا، الدير الأرثوذكسي الأول في العالم الجديد، وإلى جانبه دير للأيتام رعته الأم ماري في جنوب Canaan على بعد عشرة أميال من Mayfield».
وأكمل: «ألّف الأسقف روفائيل العديد من الكتب والمقالات، كما ترجم نصوصاً ليتورجيا من اليونانية إلى العربية، وأسس مجلة الكلمة عام 1905 كي ينشر الكلمة في الأماكن التي لا يستطيع الوصول إليها، وهي الآن النشرة الرسمية لمطرانية أمريكا الشمالية الأنطاكية، وفي صباح الخميس 25 أكتوبر 1912 بدأ المرض يفتك في أوصال جسده ابتداءً من المعدة إلى الأعضاء الأخرى ولكنه لم ينفك عن القيام بنشاطاته الرعوية التبشيرية، وفي فجر يوم 1915/2/27 رحل في الساعة الثانية عشرة والدقيقة الخامسة والأربعين عن عمر يناهز خمسة وخمسين عاماً، وقد شارك في جنازته ما لا يقل عن 25000 مؤمن من أنطاكيين وروس ويونان».
واختتم: «عشرون عاماً قضاها روفائيل هواويني من الخدمة في أمريكا الشمالية، خلالها أسّس 30 رعيّة، وفي عام 2000م قرر أعضاء المجمع الأرثوذكسي في الولايات المتحدة المؤلف من عدة كنائس أرثوذكسية، إعلان المطران رفائيل هواويني قديساً، وإدراج اسمه بين القديسين المعيد لهم في الولايات المتحدة».