بابا الفاتيكان الجديد يُلقي عظته الأولى: "دعوتنا هي أن نشهد بفرح"
09.05.2025 09:47
اخبار الكنيسه في مصر Church news in Egypt
الدستور
بابا الفاتيكان الجديد يُلقي عظته الأولى:
Font Size
الدستور

ترأس  بابا الفاتيكان الجديد، البابا لاون الرابع عشر، القداس الإلهي مع الكرادلة، وذلك في  كابلة السيكستينا.

وللمناسبة ألقى البابا عظةً أولى كشفت عن ملامح خدمته البطرسية، وغاصت عميقًا في لبّ الإيمان الذي تتوارثه الكنيسة منذ ألفي عام. فاستهلّ عظته بكلمات بطرس الرسول: "أنت المسيح ابن الله الحيّ"، جاعلًا منها حجر الزاوية في قراءته لزمننا الحاضر، ودعوته المتقدة للكنيسة لكي تكون، أكثر من أيّ وقت مضى، نورًا في ليل العالم، وسفينة خلاص وسط أمواج التّاريخ المتلاطمة.

تابع البابا لاوُن الرابع عشر يقول أدرك بطرس في جوابه ليسوع هذين الأمرَين معًا: عطيّة الله والطّريق التي يجب أن يسلكها لكي يترك نفسه تتحوّل، وهما بُعدان للخلاص لا ينفصلان، أُعطِيا للكنيسة لتبشِّر بهما من أجل خير الجنس البشريّ. وعُهِدَ بهما إلينا أيضًا، نحن الذين اختارنا من قبل أن يصوِّرنا في الحشا، وولدنا من جديد في ماء المعموديّة، ثمّ، من دون أيّ استحقاق منا وفوق كلّ حدودنا، قادنا إلى هنا، ومن هنا أرسلنا، لكي يُعلَن الإنجيل لكلّ الخليقة.

أضاف الحبر الأعظم يقول ثمَّ إنّ الله الذي دعاني من خلال تصويتكم، إلى أن أكون خليفة أوّل الرّسل، وضع هذا الكنز بين يديَّ لكي أكون، بمعونته، وكيلًا أمينًا عليه لخير جسد الكنيسة السّرّيّ كلّه، لكي تكون دائمًا المدينة المبنيّة على الجبل، وسفينة الخلاص التي تُبحر عبر أمواج التّاريخ، والمنارة التي تُنير ليالي العالم. وذلك ليس بفضل روعة هيكليّاتها أو كِبَر مبانيها – مثل هذا المَعلَمِ الذي نحن موجودون فيه – بل بقداسة أعضائها، وهو "شَعْبٌ اقتَناه اللهُ لِلإِشادةِ بِآياتِ الَّذي دَعاكم مِنَ الظُّلُماتِ إِلى نُورِه العَجيب". مع ذلك، وقبل المحادثة التي أعلن فيها بطرس عن إيمان

 

وثانيًا، أضاف الحبر الأعظم يقول، الجواب الآخر المحتمل على سؤال يسوع هو جواب عامّة النّاس. بالنّسبة لهم، يسوع النّاصريّ ليس "ثرثارًا"، بل رجل صالح، وشجاع، يتكلَّم جيِّدًا ويقول كلامًا عادلًا، مثل غيره من الأنبياء الكبار في تاريخ إسرائيل. لهذا تبعوه، على الأقلّ ما داموا يستطيعون ذلك دون مخاطر وإزعاجات كبيرة. لكنّهم اعتبروه إنسانًا فقط، ولذلك، في لحظة الخطر، وأثناء آلامه، هم أيضًا تخلّوا عنه وذهبوا محبطين. ما يلفت الانتباه في هذين الموقفَين هو تعبيرهما عن واقع اليوم. فيهما في الواقع أفكار يمكن أن نجدها بسهولة على ألسنة الرّجال والنّساء الكثيرين في عصرنا، ربّما بتعابير أو لغة مختلفة، ولكنّها نفسها من حيث المضمون. اليوم أيضًا، الأماكن التي يُعتبر فيها الإيمان المسيحيّ أمرًا عبثيًّا ليست قليلة، فهو للضّعفاء وغير الأذكياء، ويفضّلون عليه مجالات وضمانات أخرى، مثل التّكنولوجيا والمال والنّجاح والسُّلطة والمتعة. هذه أماكن ومجالات يصعب فيها أن نشهد للإنجيل وأن نبشِّر به، وفيها يتعرّض المؤمنون للسّخرية أو المعارضة أو الاحتقار، أو في أفضل الأحوال يتحمّلهم النّاس ويشفقون عليهم. مع ذلك، فهي أماكن ومجالات تستدعي الرّسالة، لأنّ غياب الإيمان يجلب معه مرارًا مآسي مثل فقدان معنى الحياة، ونسيان الرّحمة، والاعتداء على كرامة الإنسان في أقسى أشكاله، وأزمة العائلة، وجراح أخرى كثيرة يتألّم منها مجتمعنا بشدّة.

تابع البابا لاوُن الرابع عشر يقول اليوم أيضًا، لا تغيب المجالات والظّروف التي يُقدَّرُ فيها يسوع كإنسان، لكن يتِمّ اختصاره إلى مجرّد نوع من قائد مواهبي أو رجل خارق. وهذا ليس فقط بين غير المؤمنين، بل أيضًا بين الكثيرين من المعمّدين، الذين ينتهي بهم الأمر، في هذا الحال، إلى أن يعيشوا في إلحاد فعليّ. هذا هو العالم الذي أُوكل إلينا، حيث نحن مدعوّون إلى أن نشهد للإيمان بيسوع المخلّص وبفرح، كما علّمنا البابا فرنسيس مرّات عديدة. لذلك، بالنّسبة لنا أيضًا، من الضّروري أن نردّد: "أَنتَ المسيحُ ابنُ اللهِ الحَيّ". من الضّروري أن نقوم بذلك أوّلًا في علاقتنا الشّخصيّة معه، وفي التزامنا في مسيرة توبتنا اليوميّة. وأن نقوم بذلك أيضًا، بكوننا كنيسة، فنعيش معًا انتماءنا إلى الرّبّ يسوع وننقل البشرى السّارّة إلى الجميع.

وختم البابا لاوُن الرابع عشر عظته بالقول أقول هذا لنفسي أوّلًا، بصفتي خليفة بطرس، وأنا أبدأ رسالتي كأسقف للكنيسة في روما، والمدعوَّة إلى أن تترأّس الكنيسة الجامعة بالمحبّة، بحسب التّعبير المعروف للقدّيس أغناطيوس الأنطاكيّ. فهو، بينما كان يُقتاد وهو مقيَّدٌ بالسّلاسل إلى هذه المدينة، مكان استشهاده الوشيك، كتب إلى المسيحيّين فيها قال: "سأكون حقًّا تلميذًا ليسوع المسيح، عندما لن يرى العالم جسدي". كان يشير إلى الوحوش في السّيرك التي ستفترسه - وهذا ما حدث بالفعل -، لكن كلماته تذكّرنا بمعنى أوسع بالتزام لا يمكن أن يتخلّى عنه أيّ شخص في الكنيسة يمارس خدمة السّلطة: وهو أن نختفي ليبقى المسيح، وأن نصير صغارًا نحن لكي يُعرَف ويُمجَّد هو، وأن نبذل أنفسنا إلى أقصى حدّ حتّى لا تَنقُص الفرصة لأيّ أحد لكي يعرفه ويحبّه.

Leave Comment
Comments
31/12/1969 19:00:12

lhj791