تستعد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، للاحتفال بعيد السيدة العذراء، يوم 22 من شهر أغسطس الجاري، في نهاية صومها الذي بدأ في السابع من نفس الشهر، ليتغرق 14 يومًا متصلة.
وفي فترة الصوم، تداول النشطاء الأقباط إجابة لأحد الأسئلة اللاهوتية المتعلقة بالسيدة العذراء وهو سؤال: «هل السيدة العذراء هي مصدر اللاهوت؟» وكان قد أجاب عنه الأنبا بيشوي مطران دمياط الراحل، في كتاب «والدة الإله» وقال: طبعاً السيدة العذراء ليست مصدر اللاهوت وهي لم تلد اللاهوت، كما يدعون، لأن اللاهوت لا يولد ولا يتألم ولا يصلب.إن هناك فرق بين تعبير الله (ثيئوس) وبين تعبیر لاهوت ثيئوتيس) ولكي نوضح ذلك فنحن يمكننا أن نقول إن الله (الإبن) قد مات على الصليب (بحسب جسده الخاص) ولكن لا يمكننا أن نقول إن لاهوت الإبن قد مات على الصليب.
ويشرح القديس كيرلس الكبير في مسألة ولادة جسد السيد المسيح كيف أننا لا ندعى أن اللاهوت قد أخذ بدءا من العذراء مريم ولكن نقول إن الله الكلمة قد أخذ منها ناسوتاً كاملاً وجعله واحداً مع لاهوته وولد منها بحسب الجسد. فما ينسب إلى جسده ينسب إلى شخصه لذلك نقول إنها والدة الإله.
ففي رسالة القديس كيرلس الثانية إلى نسطور وهي الرابعة في عداد الرسائل من القديس وإليه وهي المسماة بالرسالة العقائدية كتب القديس كيرلس في الفقرة 7 والفقرة 4 مایلی: "لكن في اتخاذه جسداً ظل كما هو. إن تعليم الإيمان الصحيح يحتفظ بهذا في كل مكان. وهكذا سوف نجد أن الآباء القديسين قد فكروا بهذه الطريقة. ولهذا لم يترددوا في تسمية العذراء القديسة بوالدة الإله
وهم لم يقولوا إن طبيعة الكلمة أى لاهوته أخذ بداية وجوده من العذراء القديسة، بل أن جسده المقدس، المحيى بنفس عاقلة، قد ولد منها، الذي به إذ اتحد الكلمة أقنومياً، يقال عن الكلمة إنه ولد حسب الجسد.".. “فيقال إن الكلمة قد قبل الولادة الجسدية، لكي ينسب إلى نفسه ولادة جسده الخاص”.
إن مـا يخص الجسد ننسبه إلى كلمـة الله مثل الميلاد والآلام. إننا ننسـب غيـر المحدوديـة إلـى الذبيحـة علـى الصليب، لأن الاستحقاقات الأدبيـة للكلمـة تـخـص هذه الذبيحة. إن الطبيعة الواحدة المتجسدة الله الكلمـة تجمـع خصائص الطبيعتين بغير امتزاج.
ولم تنهدم خصائص الطبيعتين بسبب الاتحاد ولكن كل هذه الخصائص تنسب إلى كلمة الله المتجسد الواحد لسبب اتحاد الطبيعتين. إنه اتحاد يفوق الوصف والإدراك ولكنه اتحاد حقيقي لا يمكن أن ينفصل. والسيدة العذراء هي معمل الاتحاد كما يسميها الآباء لأنه بداخلها تم هذا الاتحاد الفائق للوصف بين الطبيعتين الإلهية والإنسانية. فنقول في ثيئوطوكية يوم الأربعاء من تسبحة نصف الليل "السلام لمعمل الاتحاد غير المفترق الذي للطبائع التي أتت معاً إلى موضع واحد بغير اختلاط."
ويذكر في القسمة السريانية أن: لاهوته لم ينفصل قط لا عن جسده ولا عن نفسه هكذا نؤمن وهكذا نعترف وهكذا نصدق.. واحد هو عمانوئيل إلهنا وغير منقسم من بعد الاتحاد، وغير منفصل إلى طبيعتين. ولذلك انبرى القديس كيرلس الكبير مدافعاً عن لقب "والدة الإله" ومفنداً آراء المقاومين له من النساطرة ليس من أجل السيدة العذراء فحسب إنمـا مـن أجـل مـفـهـوم سـر التجسد الإلهى، وقد أيدته في ذلك الكنيسة الجامعة أي أغلب أساقفة وشعوب الشرق والغرب في زمانه.