بقلم د. ماجد عزت اسرائيل
في(18 نوفمبر2012م) تَوَلَّى صاحب القداسة البابا "تواضروس الثاني" مهام منصبه كبطريرك للكنيسة القبطية الأرثوذكسية التى توالى عليها قبله(117) بطريركاً،أي إن قداسته يعد البطريرك رقم (118) في تاريخ عداد بطاركة الإسكندرية. ومن الجدير بالذكر أن هناك أربعة بطاركة في العالم وهم بطاركة مدينة الإسكندرية وروما ثم اضييف عليهم بطريرك القسطنطينية عام(381م) وإنطاكية وأورشليم. جاء قداسة البابا تواضروس الثاني من بين(17) مرشحاً للكرسي البطريركي من فئات متنوعة ما بين مطارنة وأساقفة ورهبان.وأيضًا أتى من خارج الأساقفة الذين تولوا مناصب بالدار البطريركية في حبرية المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث(1971-2012م).كذلك وفد قداسة البابا تواضروس الثاني من محافظة البحيرة فاعتبرها البعض عنصر دخيل على الدار البطريركية.
ونتيجة لذلك بين عشية وضحاها تخرج علينا فئات قلة من داخل الكنيسة القبطية يقودها بعض الأساقفة تطالب تارة تطالب بعزل البابا، وتارة أخرى تطالب بالحفاظ على الإيمان الأرثوذكسي والتي كان آخرها "حرب الماستير"لمواجهة جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19)، الذي حصد الآف الضحايا،وهذه الحرب المُفتعلة فقد حسمها قداسة البابا "تواضروس الثاني" بمحبته وحكمته وعلمه من خلال مقالة قداسته التاريخية المنشورة في مجلة الكرازة لسان حال الكنيسة القبطية بتاريخ 27 يونيو 2020م وكان عنوانها": أمومة الكنيسة.فقد تناول قداسته مشكلة الماستير من منطلق مسئوليته في حماية الشعب القبطي سواء داخل مصر أو خارجها.
على أية حال، في(27 يونيو2020م)اجتمعت اللجنة الدائمة للمجمع المقدس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية- عبر تقنية الفيديو كونفراس- برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني ونظراً لحالات العدوى والإصابات والوفاة واختلاف معدلاتها من إيبارشية إلى أخرى فرأت اللجنة: أن يقوم الأب الأسقف مع مجمع الكهنة في كل إيبارشية بتقدير الموقف الصحي من حيث استمرار أو تعليق القداسات بالكنائس لمدة أسبوعين أو أكثر أو فتحها تريجيًا مع مراعة كإفة الإجراءات الصحية مراعاة كاملة وشاملة وبصورة جدية.مع تعليق الصلوات بشكل كامل بكافة إيبارشيات الكرازة المرقسية يومي الأحد والجمعة وفقًا لقرار مجلس الوزراء.وبهذا ترك قداسة البابا "تواضروس الثاني" الأمر في يد الأساقفة،وأكيد سوف تكشف الأيام القادمة بنعمة ربنا المتمردين على قداسته أمام شعب الكنيسة.
وربما اعتقد أن قداسة البابا تواضروس الثاني وجهه بعض الدروس والنصائح للمتمردين على قداسته من الكتاب المقدس من خلال مقالته التاريخية وعنوانها أمومة الكنيسة حيث ذكر على لسان معلمنا لوقا البشير قائلاً: "كُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضًا رَحِيمٌ." (لو 6: 36)،وأيضًا ذكر قائلاً:" هذا زمن توبة وليس زمن کلام ومقالات."،وكذلك دون قائلاً: "هذا زمن دموع وليس زمن استعراض ومناقشات ... "وَلكِنْ لَمَّا رَأَى الرِّيحَ شَدِيدَةً خَافَ. وَإِذِ ابْتَدَأَ يَغْرَقُ، صَرَخَ قِائِلًا: يَا رَبُّ، نَجِّنِي!." (مت 14: 30)، و"لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ، وَأَهْلَكَ نَفْسَهُ أَوْ خَسِرَهَا؟" (لو 9: 25). يا ليتنا نتعلم من روافد تعاليم قداسته نتعلم التواضع والمحبة والسلام الداخلي.لأن المحبة جوهر المسيحية وأساس البيان كما ورد بالكتاب المقدس "وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ." (يو 13: 34- 35) .
عزيزي القارئ الكريم نريد هنا أن نطرح عليك الدور المنوط به قداسة البابا تواضروس الثاني، أو بمعني آخر ما هو دور قداسته؟ أو مهام البطريرك؟ البطريرك يبارك ولا يبارك عليه، ويرأس المطارنة والأساقفة (المجمع المقدس)، ويعمل على حفظ الدين على أصوله،وقطع البدع، والحكم بالعدل، وإعطاء الرئاسات (الرسامات والدرجات الكهنتوية) لمستحقيها والقائمين بها. كما يجب على البطريرك لا يدنس لسانه بلعنه (شتيمة) لئلا يرث أللعنه(غضب الله) بدلاً من البركة ومشورة أهل العلم والتعليم لشعبه والوعظ والتهذيب،لأنه الرقيب عليهم بعد الله والمطالب بهم أمام الله. كما أوصي الله حزقيال النبي قائلاً:" "يَا ابْنَ آدَمَ، قَدْ جَعَلْتُكَ رَقِيبًا لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. فَاسْمَعِ الْكَلِمَةَ مِنْ فَمِي وَأَنْذِرْهُمْ مِنْ قِبَلِي."(حز 3: 17).كما ورد في قوانين الآباء الرسل تحذير للبطاركة بعدم استخدام المنشار الحاد الأسنان وعدم الظلم أو القسوة في الحكم.وأيَضا على البطريرك لا يتعـالى (يتكبر)على الأســـاقفة لأنه واحــد منهم، والأساقفة على القسوس والشمامسة على الشـــــعب لأن قيام الكــنيسة ببعضها البعض. والبابا مسئول عن انعقاد "المجمع المقدس" ورئاسته؛ والاهتمام بالعمل المسكوني والسعي وراء وحدة الكنائس. كما أن قداسته مــسئول عن توفير الكـــنائس لإقامة الشعائر والطقوس الدينية في كل رعــيته؛وأيضا مسئول عن صناعة "الميرون "،والأوقاف القبطية، ورعاية الفقراء، ويفصل من الخدمة الكنسية كل من ثبت عدم أمانته. وعلى البابا رعاية أقباط المهجر في كل المسكونة عن طريق تنــظيم الزيارات الرعوية لهــــم،الخلاصة.. للبطريرك الحق في الإشراف العام في كل شىء يخص الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل قام قداسة البابا تواضروس الثاني بمهام منصبه أم لا؟.
هنا نريد أن نذكر....كلمة حق للتاريخ، قام صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني بكل مهام منصبه تجاه شعب الكنيسة القبطية، طيب ماذا يريد الأقباط من قداسته؟ لقد جاء قداسة البابا تواضروس الثاني في ظروف صعبة كانت تمر بها مصر عقب ثورتي 25 يناير 2011م و 30 يونيو 2013م مع وجود جماعة الإخوان المسلمين وقيامها بحرق ما يقرب من(104) ما بين دير وكنيسة ومؤسسات خدمية. بالإضافة إلى وجود مجموعة من الأساقفة داخل الكنيسة القبطية ﻴﻀﻌوا كل العراقيل والمعوقات أمام فكرة الإصلاح بحجة حماية الإيمان الأرثوذكسي المستقيم.
فالإنسان القبطي الأصيل يطالب قداسة البابا تواضروس الثاني بمواصلة لإصلاح الشامل للدار البطريركية والاهتمام بحياة الإيمان وتنمية الجوانب الروحية،والرعاية والتعليم داخل المؤسسات الكنسية،وحل المشاكل الخاصة بالاحوال الشخصية والطلاق وعلاج مشاكل البطالة والعناية بالمرضى والفقراء والأرامل والحوارات اللاهوتية مع الطوائف ومع الأديان الأخرى. وكذلك البحث عن حلول مع مؤسسات الدولة المصرية في مشكلة بناء الكنائس، وأيضًا مشكلة إسلام القاصرات القسري.تأكد عزيزي القارئ الكريم أن قداسة البابا تواضروس الثاني عندما يتخذ قرار ما فمن أجل شعب الكنيسة،ومن أجل مصلحة المجتمع والوطن الذي نعيش فيه. وأخيراً، نتمنى لصاحب القداسة البابا تواضروس الثانى كل التوفيق والنجاح .. من أجل بناء وإصلاح وتجديد وتقوية روابط الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.في ظل السياسة الحكيمة للرئيس "عبد الفتاح السيسي" حفــظ الله مصــر وشعبــها مــن كــل ســوء.