تحجب تركيا حصة كبيرة من مياه نهر الفرات عن سوريا، مخالفة الاتفاقيات الدولية، ما يولد موجة عطش مميتة في الأراضي السورية، ويشكل ضربة مؤلمة للأكراد الذين يسيطرون على أجزاء من الشمال السوري.
إيلاف من دبي: نشرت مجلة "شبيغل" تقريرا يسلط الضوء على حرمان تركيا السوريين حق الاستفادة من مياه نهر الفرات، بما يخالف القوانين الدولية. وقد تراجع منسوب النهر مؤخراً بسرعة كبيرة، ما استدعى المنظمة الدولية للهجرة إصدار تحذير خلال يوليو الماضي من التداعيات الخطيرة لنقص المياه في الفرات ودجلة.
شاحنات تركية على ضفاف نهر دجلة في ديسمبر الماضي.
وأوضحت شبيغل ان "مستوى المياه في نهر الفرات قلّ خلال الأسابيع الماضية عن مستوياته المعتادة". ولفتت الى ان الاتفاقيات الدولية تؤكد حق سوريا في الحصول على 500 متر مكعب في الثانية من مياه نهر الفرات. إلا أن سوريا تحصل حاليا "على ما يقل عن 200 متر مكعب في الثانية".
عواقب مميتة
وحذرت شبيغل من "العواقب المميتة" لنقص المياه، موضحة: "يزود سد تشرين، ثاني أكبر سد سوري على الفرات، الملايين بالكهرباء، ويقدر إنتاجه بـ800 ميغاوات من الطاقة الكهربائية، لكن نقص المياه أدى الى تراجع هذه الإنتاجية إلى الربع (200 ميجاوات)".
شريان حياة
ولا يقتصر استخدام مياه نهر الفرات في مجال توليد الطاقة، انما يتسع أكثر ليشمل الزراعة وصيد الأسماك. في هذا السياق، تقول شبيغل: "يشكل الفرات مصدرا أساسيا للمياه بالنسبة الى عدد كبير من السوريين، وتستخدم مياهه في ري مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية التي يعتمد عليها ملايين الناس في الشمال السوري لكسب قوت يومهم، وبالتالي فإن هؤلاء مهددون بالجوع أيضا".
أكثر من ذلك، يقتات آلاف السوريين على صيد الأسماك من الفرات، لكن الثروة السمكية تراجعت كثيرا مع نقص المياه، ما يعرض هؤلاء أيضا لخطر الجوع".
سدود تركيا الجديدة
ولم تجد المجلة الألمانية في ارتفاع درجات الحرارة مبرراً لنقص مياه الفرات، مرجعة السبب في هذا التراجع الى "مشروعات الرئيس التركي في جنوب شرق الأناضول"، لافتة إلى أن "السدود الجديدة التي شيدها أردوغان في المنطقة تحبس المياه، وتسمح بتدفق مياه شحيحة إلى سوريا والعراق".
وكان نهر الفرات موضع جدل كبير تاريخيا حتى عام 1987، حين توصلت تركيا وسوريا لاتفاق دولي يقضي بأن تحصل دمشق على 500 متر مكعب من مياه النهر كل ثانية، مقابل وقف دعم حزب العمال الكردستاني، العدو اللدود لأنقرة".
ضربة للأكراد
ويسيطر الأكراد على أجزاء من الشمال السوري، ما يدفع بتركيا الى تسديد ضربات مؤلمة لهم من خلال التحكم بالمياه.
وفي هذا الإطار، يقول الباحث المتخصص في قضايا المياه توبياس فون لوسو إن "تركيا تستخدم المياه سواء في الفرات، أو محطات الضخ السورية التي تسيطر عليها مثل العلوك، كسلاح حرب لتعزيز وجودها وحلفائها في سوريا، وتوجيه ضربات قوية للأكراد الذين يسيطرون على أجزاء من الشمال السوري، على حساب المدنيين".
يتابع لوسو أن اختيار فصل الصيف شديد الحرارة لم يأتِ عبثاً، ويقول إن "أنقرة اختارت فصل الصيف شديد الحرارة لتنفيذ مخططها، لأن الناس في حاجة كبيرة للمياه، وشحها يضغط عليهم بشكل كبير، ويمثل ضغطا أكبر على السلطات الحاكمة".
يضيف الباحث في قضايا المياه إن تركيا لا تعاني من نقص المياه، ما يفند "أي تبرير تركي لتحركاتها انطلاقاً من حاجة الأتراك للمياه غير صحيح".