منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أكتوبر الماضي، والجهود المصرية لا تتوقف من أجل تقديم وإنفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية للأشقاء في القطاع بكل الوسائل المتاحة برا وجوا، فيما كانت التحذيرات المصرية من حدوث كارثة إنسانية في قطاع غزة سبيلا للضغط الدولي على الاحتلال لفتح المعابر وإيصال المساعدات للقطاع.
أكثر من 245 يوما، وما زالت دائرة الحرب المشتعلة في سماء وأرض غزة قائمة دون أن يتوقف الاحتلال عن القتل والتدمير والقضاء على الأخضر واليابس، فيما لم تكل مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي من مساعيها لوقف الحرب منذ اللحظة الأولى التي أطلقت فيها إسرائيل رصاصة الغدر في صدور أهالي غزة العارية وقصف المدنيين قبل المباني والأحجار.
قمة القاهرة للسلام
مع بداية الحرب في غزة عقب هجوم 7 أكتوبر الماضي، بدأت معها الدولة المصرية في مساعيها العربية والإقليمية والدولية لوقف الحرب وعدم اتساعها لما يمثل ذلك خطورة على المنطقة والعالم، حيث انطلقت فعاليات قمة "القاهرة للسلام 2023" يوم السبت الموافق 21 أكتوبر الماضي بدعوة من الرئيس السيسي وأن سبقها لقاءات واجتماعات واتصالات منفصلة مع قادة وزعماء العالم.
"قمة القاهرة للسلام"، دعت إليها مصر، لبحث تطورات القضية الفلسطينية، والتوصل إلى توافق اتساقا مع المبادئ الدولية والإنسانية لخفض التصعيد ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، والتأكيد على أهمية نفاذ المساعدات الإنسانية للقطاع والدفع نحو تفعيل عملية السلام في الشرق الأوسط.
وفي مساء اليوم ذاته، افتتح الرئيس السيسي، أعمال القمة بالعاصمة الإدارية الجديدة والتي شارك فيها عدد كبير من الملوك والرؤساء ورؤساء الوزراء ووزراء الخارجية ورؤساء عدد من المنظمات الدولية، وناقشت الجهود الدولية لوقف التصعيد وإطلاق النار من أجل بحث مستقبل القضية الفلسطينية، وفتح آفاق لتسوية الصراع على أساس حل الدولتين، وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة بشكل يحقق طموح شعوب المنطقة، كما ركزت على أهمية وقف العمليات العسكرية وتأمين النفاذ الإنساني وإتاحة الفرصة لاحتواء الموقف واستعادة التهدئة.
من البداية بات الحرص المصري واضحا هو استمرار تدفق المساعدات الموجهة لقطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية المكدسة ليتم توزيعها بالقطاع، وأن يكون وصول المساعدات دائما ومتواصلا ودون انقطاع.
"هدنة غزة"
ومع استمرار التحركات المصرية على كافة المحاور والأطر العربية والإقليمية والدولية، كانت ثمرة هذا الحراك هو الوصول إلى أول وآخر هدنة إنسانية حتى الآن في قطاع غزة منذ بداية الحرب، حيث بدأت "الهدنة الإنسانية المؤقتة" فى قطاع غزة صباح الجمعة الموافق 24 نوفمبر 2023 لمدة أربعة أيام، بعد أن اتفق الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي على بنودها التفصيلية بوساطة مصرية قطرية ورعاية أمريكية.
وبموجب هذه الهدنة تم تبادل 50 محتجزا في غزة مقابل تحرير 150 أسيرا فلسطينيا بالسجون الإسرائيلية، وإدخال 130 ألف لتر سولار و4 شاحنات من الغاز عبر ميناء رفح البري إلى قطاع غزة، وتدفق المساعدات الإنسانية من مصر إلى القطاع، بحيث يتم يوميا إدخال 200 شاحنة محملة بالمواد الغذائية والأدوية والمياه وذلك للمرة الأولى منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر الماضي.
وبجهد مصري تم تمديد "الهدنة" لمدة يومين إضافيين بذات الشروط، وتم خلالهما الإفراج عن المزيد من المحتجزين بغزة والأسرى الفلسطينيين، حيث ينص اتفاق التمديد على الإفراج عن 10 من المحتجزين من النساء والأطفال مقابل 30 من الأسرى الفلسطينيين فى كل يوم؛ ليصبح الإجمالي 20 إسرائيليا مقابل 60 فلسطينيا، كما تم التمديد ليوم واحد مرة ثانية.
قمة العقبة
وفي سبيل التأكيد على محورية القضية الفلسطينية ورفض المحاولات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين، كان الرئيس السيسي مشاركا في القمة الثلاثية المصرية- الأردنية- الفلسطينية، التي عقدت في شهر يناير الماضي بمدينة العقبة بالأردن بدعوة من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وذلك في إطار اللحظة الفارقة التي تواجه المنطقة العربية، حيث حرص الرئيس السيسي على تنسيق المواقف مع شقيقيه الملك عبدالله الثاني، والرئيس محمود عباس، لضمان وحدة الصف والمواقف، وبما يحافظ على أمن واستقرار شعوب المنطقة.
وكانت أيضا تأكيدات مصر والأردن بضرورة تقديم وتنسيق وإيصال المساعدات الإغاثية إلى أهالي القطاع، وهو ما نتج عنه إدخال آلاف الأطنان من الوقود والمواد الإغاثية، واستقبال أعداد كبيرة من المصابين لعلاجهم بالمستشفيات المصرية أبرز ما أكدته هذه القمة الثلاثية.
مؤتمر الاستجابة الطارئة
واليوم وفي إطار التعاون والتنسيق والجهد المشترك بين مصر والأردن، ما زال العمل مستمرا من خلال استضافة منطقة البحر الميت الأردنية، المؤتمر الدولي للاستجابة الطارئة في غزة بمشاركة أكثر من 150 شخصية دولية ما بين رؤساء وزعماء وقادة ورؤساء وزراء ووزراء ومديرين لمنظمات دولية بهدف تقديم المزيد من المساعدات والدعم للشعب الأعزل في قطاع غزة.
محورية الدور المصري والأردني"
وقال الدكتور محمد حسن الطراونة مساعد الأمين العام لحزب الأنصار الأردني، لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، إن الجهود المصرية الأردنية لم ولن تتوقف حتى تنتهي الحرب على غزة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، مشيرا إلى أن هذا هو دور مصر والأردن التاريخي والإنساني بشأن القضية الفلسطينية.
وأضاف أن انعقاد مؤتمر"الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة"، بتنظيم مصري أردني هو تأكيد لمحورية هذا الدور الإنساني والتاريخي للبلدين، مشيرا إلى أن المؤتمر يهدف إلى تسريع عملية تقديم المساعدة وتبسيطها وتسريعها، وتحديد سبل تعزيز استجابة المجتمع الدولي للكارثة الإنسانية، وتحديد التدابير والإجراءات الموحدة الفعالة لتقديم جميع المساعدات اللازمة إلى غزة.
ونوه إلى أن المؤتمر يسعى إلى تحقيق أهداف جوهرية من خلال المشاركة الدولية فيه، من خلال مناقشة مجموعة من المحاور والملفات عبر عدة جلسات لمجموعة العمل التي ستنظر في الآثار التشغيلية والموارد اللازمة للحفاظ على خطوط المساعدات وتهيئة الظروف المواتية للتوصيل الآمن للمساعدات وحماية المدنيين.
ساعات فاصلة في تاريخ الأزمة في غزة وخصوصا عقب تبني مجلس الأمن الدولي مشروع قرار أمريكي بوقف إطلاق النار في قطاع غزة بتأييد 14 صوتا وامتناع صوت واحد، مع مواصلة مصر جهودها الكبيرة من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار من خلال المقترح الأمريكي المعروض حاليا على طرفي الصراع.