بقلم دندراوى الهوارى
لعالم للتطاول على قيمة وقامة مصر، مثل قطر وتركيا، ومنحتهما الفرصة الذهبية للتخطيط والتآمر لتمزيق أواصر البلاد، وإسقاط القاهرة فى بحور الفوضى العارمة، الثالثة: دمرت الاقتصاد المصرى، ورسخت للانتهازية الاقتصادية والفهلوة فى الحصول على مكاسب دون عمل أو بذل أى جهد، واستباحت الممتلكات العامة والخاصة. الرابعة: أعطت للحكومة الإثيوبية الفرصة الذهبية لبناء سدودها، وأبرزها سد النهضة، فى إعلان صريح وواضح، لقتل المصريين عطشا.
ومن النتيجة الرابعة، نعيش الآن خطر الموت عطشا وجوعا، ونقولها بصوت صارخ، إنه لولا حراك 25 يناير 2011 ما استطاعت إثيوبيا أن تبنى قالب طوب واحدا فى نهر النيل، وإنما وجدت ضالتها فى الحراك الفوضوى، وعبث المراهقة الثورية والمطالب الفئوية والاستغراق فى المحلية التى كانت عليها مصر، وبدأت خطوات بناء سد النهضة، وابتُليت مصر فى 2011 بسد النهضة وفى 2012 ببرنامج النهضة الفنكوش.
وياليت الأمر اقتصر عند حد استغراق مصر فى الفوضى الداخلية بفعل حراك 25 يناير 2011 ولكن قرر مرضى الهبل الثورى، التجويد، لمنح الطمأنينة المطلقة، والدعم الكامل لإثيوبيا لبناء السد، فشَكّلَ حمدين صباحى وفدا مكونا من 48 ناشطا وثوريا، فى إبريل 2011، وأطلق عليه وفد الدبلوماسية الشعبية، لزيارة إثيوبيا وأوغندا والسودان، لبحث أزمة مياه النيل، وعلى الأخص بناء سد النهضة!!
وتدثر حمدين صباحى فى هذه الزيارة عباءة رئيس مصر الفعلى، وقدم نفسه للقيادات الرسمية فى الدول الثلاث، على أنه رئيس مصر القادم لا محالة، وأنه سيخوض الانتخابات الرئاسية 2012، وبالطبع كال كل الاتهامات والشتائم والسباب لنظام مبارك، واعتبره نظاما خائنا، وأنه جاء على رأس وفد يمثل رموز ثوار ونشطاء يناير، لزيارة إثيوبيا لإصلاح ما أفسده النظام القديم!!
وبالطبع أشاد الرئيس الإثيوبي، حينذاك، بالثورة المصرية التى استمرت 18 يوما وكانت حاسمة فى إسقاط مبارك ونظامه، وعَبّر عن إعجابه بشباب الثورة، وقال: نجحت ثورتكم وهو ما يؤكد أن لمصر حضارة ورقيّا، مطالبا بتجديد العلاقة بين مصر وإثيوبيا فى إطار الشراكة والصداقة ودون عدوانية!!
وانتاب الوفد الثورى حالة من الأنا والغرور، فى حضرة الرئيس الإثيوبى الذى أشاد بدورهم العبقرى والعظيم فى إزاحة مبارك ونظامه، دون أن يدروا بأن إشادة الرئيس الإثيوبى بثورة يناير، وفرحته الشديدة بإزاحة مبارك، إنما إشادة تجسد مصلحة إثيوبيا بالدرجة الأولى، وأن 25 يناير، تعتبر هدية وغنيمة كبرى قدمها أدعياء الثورية ونشطاء السبوبة، وخونة الإخوان، لإثيوبيا لتنفذ مخططها بإقامة عدد من السدود على نهر النيل، والتى كان مبارك يرفض إقامتها ويقف جيش مصر كصخرة مانعة لبناء سلسلة هذه السدود ومن بينها بالطبع سد النهضة.
وقدم حمدين صباحى ورفاقه، اعتذارا مذلا للرئيس الإثيوبى، ولا نعرف سببا واحدا لهذا الاعتذار الذى كان بمثابة رسالة طمأنة جوهرية للاستمرار فى بناء سد النهضة وبسرعة، استغلالا لانهماك جيش مصر فى الشأن الداخلى للحفاظ على البلاد من السقوط فى وحل الفوضى.
وهنا اعتبر عدد كبير من عمداء الدبلوماسية المصرية، أن الوفود الشعبية قد أساءت إلى الصورة التاريخية للشعب المصرى، وقدمت تنازلات غير مبررة لإثيوبيا، فى زياراتها بعد ثورة يناير، وما كان يجب على الوفود الشعبية أن تذهب دون تنسيق مع الدولة المصرية ممثلة فى وزارة الخارجية، ولا يمكن للشارع أن يدير الدول، وهل هناك دولة واحدة فى هذا الكوكب يديرها الشارع؟!
حمدين صباحى وكهنة يناير من أدعياء الثورية، لم يكفهم ما صنعوه بالوطن فى الداخل، فقرروا أن يذهبوا إلى إثيوبيا، ليمنحوا الضوء الأخضر لبناء سد النهضة، وقتل المصريين عطشا!!
زيارة الوفد الشعبى لإثيوبيا أعطت صورة مذلة ومهينة لمصر، تستوجب محاكمة كل أعضاء الوفد، بجانب كل من شارك فى مؤتمر الفضيحة والعار للتآمر على إثيوبيا، بقيادة محمد مرسى العياط، وأيمن نور ومحمد أنور السادات وعمرو حمزاوى، وآخرين وأذيع على الهواء مباشرة!!
وفى قلب للحقائق وتشويهها، يأتى هؤلاء بجانب الإخوان وكهنة يناير غير الميمونة، ليوجهوا سهام اتهاماتهم للرئيس عبدالفتاح السيسى، بأنه وراء بناء سد النهضة، وهى مغالطة وقحة وحقيرة، فالرئيس السيسى تولى رئاسة مصر فى منتصف 2014، أى بعد مرور 3 سنوات كاملة من زيارة حمدين صباحى ودراويشه لإثيوبيا، وتقديمه اعتذارا مذلا، كان بمثابة الضوء الأخضر لبناء سد النهضة!!
فأى عدل يستقيم بأن توجه اتهامات لمسؤول جاء بعد وقوع الكارثة بثلاث سنوات كاملة؟! فى الوقت الذى لا يتم فيه محاسبة كل من تسببوا فى انغماس البلاد فى شأنها الداخلى، وتركوا إثيوبيا تنفذ مخططاتها، وتستغل الظرف التاريخى الذى تمر به مصر وتنتهز اعتذار حمدين صباحى، ومؤتمر الفضيحة للمعزول محمد مرسى ورفاقه لتمضى وبسرعة فى بناء السد؟!
وهل جماعة الإخوان الإرهابية، وكهنة يناير يعتبرون المصريين معاقين ذهنيا يمكن الضحك عليهم بسهولة وخداعهم أكثر من مرة بذات السيناريو؟! المصريون أثقلتهم تجربة الثورات الفوضوية وما أحدثتها من تقلبات أمنية واقتصادية وسياسية، فاقت كل توقعاتهم وسقف خيالهم الخصب فزادت من قريحتهم ووعيهم فى التقييم، وعدم الوقوع فى براثن الخديعة من جديد!!
ونحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن الرئيس السيسى، أو نوجه اتهامات لأى شخص بالباطل، ولكن نحن نعلى من شأن الحقيقة المدعومة بالمعلومات والوقائع والأرقام والتواريخ، ودون تزويق أو تجميل!!
ولَكِ الله.. ثم شعب واع وصبور.. وجيش قوى يا مصر...!!