
أقيم حفل استقبال في دير السيدة العذراء بجبل أسيوط (درنكة) على شرف قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الذي يزور إيبارشيات وأديرة محافظة أسيوط حاليًا.
حضر الحفل اللواء دكتور هشام أبوالنصر، محافظ أسيوط، وقيادات المحافظة النيابية والعسكرية والأمنية والدينية، ورؤساء الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة، وممثلو الوزارات والهيئات والطوائف المسيحية ورموز المجتمع الأسيوطي.
فلتة الطبيعة
وقال البابا تواضروس الثاني في كلمته: أشكركم كثيرا على كلمات المحبة التي استمعنا إليها والتي تتغنى بحب مصر، وأشكركم على هذا اللقاء الكبير فى محبة ووئام، وما أحلى المحبة، فالله يبحث في حياة الإنسان على مقدار المحبة التي حصلها في أيام عمره، وهى لا بالكلام، ولا باللسان، بل بالعمل والحق.
وتابع: ونحن في وطن نفتخر به بالحقيقة، فكلمة وطن هي ثلاثة حروف: الواو: الوفاء، وقيمة الوفاء والانتماء قيمة غالية فى حياة أى إنسان، للأسرة، للمجتمع، المحافظة، والوطن، والطاء: طمأنينة، فوجود الوطن هو طمأنينة وأمان لكل أحد فينا، ونون: نعمة، فوجود وطن ينعم بالأمان والسلام هو نعمة كبيرة من الله، يعطيها لنا جميعا، والدكتور جمال حمدان، أستاذ الجغرافيا والذي كتب كتاب "شخصية مصر"، تكلم وتغنى عن مصر.
وواصل: هذا الوطن فلتة الطبيعة، لأن أبوه التاريخ وأمه الجغرافيا، فهو وطن فريد ننتمى إليه، وأسيوط جزء منه كمحافظة مشهورة في وسط محافظات صعید مصر.
مصر وطن مربع الشكل
واستطرد البابا تواضروس الثاني: مصر وطن مربع الشكل ۱۰۰۰ كيلو في ۱۰۰۰ كيلو، فالإنسان المصرى أينما ينظر فنظرته تصير متوازنة، ففي هذا الوطن نجد نهر النيل، الذي هو نعمة وهبة مصر، ونحن الدولة الأخيرة في مشوار يمر بـ٩ دول قبل مصر، ونشأتنا كلنا كمصريين هي حول هذا النهر، وفي دول العالم يسمون أولادهم اسم نيل، وأشهرهم نيل أرمسترونج. إنه نيل فريد لا يوجد له مثيل.
◄ تمتاز بالأهرامات وبالآثار القيمة
وأضاف: إن مصرتمتاز بالأهرامات وبالآثار القيمة، وقد جاءت إليها العائلة المقدسة، في انفراد لا يوجد له مثيل في دول العالم، ويعوزنى الوقت لو تكلمت عن التاريخ والجغرافيا والطبيعة والتقاليد والدين والحياة المصرية، معلمة للعالم كله، ومنها فضيلة الاستقامة، استقامة الحياة، والسلوك، والكلمة، والفكر.
وأكمل: ولذلك أبدعت ما نسميه في التاريخ الفرعونى "المسلة"، فالمسلة في استقامتها تعلم الإنسان أن يكون مستقيما في حياته، لذلك نصلي ونقول "قلبا نقيا اخلق فيا يا الله وروحا مستقيما جدده في أحشائي"، أي أعطني دائما حياة الاستقامة. وكما تعلمون المسلة تنتهى دائما بمثلث مطلي بالذهب، وكانت توضع المسلة في الحقول، لكي عندما تشرق الشمس يلمع الهرم الذهبي، فيبدأ يوم العمل، ويعيش الإنسان باستقامة وأمانة حتى النهاية وغروب الشمس. وعندما دخلت المسيحية إلى مصر في القرن الأول الميلادى، تحولت المسلة، وهي رمز الاستقامة، إلى شكل المنارة، وصارت المنارة هي التعديل المسيحى للمسلة وصارت أيضا تعليم الاستقامة.
وأضاف: وعندما دخل الإسلام إلى مصر فى القرن الرابع الميلادى، أخذت المسلة شكل المئذنة، ونشأت في مصر قبل نشأتها فى أى دولة عربية أخرى، وصارت المئذنة ليست مجرد تعبير فقط عن مكان المسجد إنما تعبير عن الاستقامة، فتمشي في الشارع ترى منارة أو مئذنة أو مسلة، فهذا تنبيه ورسالة لنا جميعا بأن الاستقامة هى طريق السماء ولا يوجد طريق آخر.
وتابع: إن سار الإنسان في طريق معوج لن يكون له نصيب في السماء، لذلك نحتاج أن نملا قلوبنا بالاستقامة التي تظهر في أعمالنا.
وأوضح: في التاريخ المصرى الحديث نحتفل بـ٦ أكتوبر العظيم الذي هو فخر لنا جميعا كمصريين، ونتذكر جميعا هذه الحرب.
واختتم: أنا سعيد للغاية بهذه الزيارة، وسعيد بهذا التجمع، وكما قلت في البداية "ما أجمل المحبة التي تجمعنا، ما أجمل المحبة التي يعيشها الإنسان بقلبه، وما أجمل المحبة التي تغمر حياة الإنسان وتمتد لكل إنسان فى الحياة"، أشكركم من قلبي على تعبكم وضيافتكم وترحيبكم ومحبتكم، وكل الكلمات الطيبة التي استمعنا إليها.