راجى أسعد أكد تزايد التشغيل فى القطاع الخاص الرسمى لـ11%.. وانخفاض غير الرسمى إلى 38%
- الإناث سجلن انخفاضًا فى معدلات التشغيل وزيادة ملحوظة للنساء فى العمل الحر
الصناعة والتجارة والنقل الأكثر جذبًا للعمالة و«التعليم» سجل أكبر تراجع فى معدلات التوظيف
كشف الدكتور راجى أسعد، المشرف على المسح التتبعى لخصائص سوق العمل المصرية ٢٠٢٣، والذى يجريه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، بالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولى، عن تحقيق سوق العمل المصرية عددًا من المؤشرات الإيجابية، رغم الضغوط الاقتصادية المحلية والعالمية، مع انخفاض معدلات البطالة من ٨.٢٪ فى عام ٢٠١٨ إلى ٦.٣٪ فى عام ٢٠٢٣. وأوضح «أسعد»، خلال حديثه لـ«الدستور»، أن قطاعات الصناعة والتجارة والنقل كانت أكثر القطاعات جذبًا للعمالة، فيما سجل قطاع التعليم أكبر تراجع فى معدلات التوظيف، منوهًا إلى انخفاض نسب التشغيل فى القطاع الخاص غير الرسمى من ٤٢٪ من إجمالى التشغيل فى عام ٢٠١٨، إلى ٣٨٪ فى عام ٢٠٢٣، بينما ارتفع التشغيل الرسمى فى القطاع الخاص من ٩٪ إلى ١١٪ فى نفس الفترة، بمعدل نمو سنوى بلغ ٤.٤٪.
■ بداية.. ما أهمية مسح سوق العمل؟
- مسح سوق العمل هو مسح يقوم به منتدى البحوث الاقتصادية، بالتعاون مع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، منذ عام ١٩٩٨، ويتم إجراء المسح بشكل دورى كل ٦ سنوات، وهذه هى الدورة الخامسة له.
ويتميز هذا المسح بطابع خاص لأنه مسح تتبعى، أى يتتبع نفس الأسر والأفراد عبر الزمن، لرصد التغيرات التى تحدث فى مشاركتهم فى سوق العمل، وكذلك خصائص الوظائف التى يشغلونها.
■ حدثنا عن الجديد الذى يقدمه المسح الخامس مقارنة بالنسخ الأربع السابقة.
- الجديد هو أن المسح يحاول أن يطرح نفس الأسئلة، لتسهيل المقارنة مع مرور الوقت، ورصد التغيرات التى حدثت فى سوق العمل المصرية، إلا أنه فى كل مرة تتم إضافة أسئلة جديدة، لتغطية جوانب أخرى.
وفى هذه المرة، تمت إضافة بعض الأسئلة حول المهارات التى لم تكن موجودة فى المسوح السابقة، بالإضافة إلى أسئلة تتعلق بالمهارات المطلوبة والموجودة لدى الأفراد، كما تم تضمين أسئلة حول الوظائف الخضراء، ومدى دخول الوظائف فى النواحى البيئية والاقتصاد الأخضر.
وإضافة إلى ذلك، تم طرح أسئلة جديدة حول الوظائف التى تعتمد على المنصات الإلكترونية الرقمية، نظرًا لدور أنماط العمل الجديدة التى ظهرت فى هذه الوظائف.
■ ما أبرز التحديات التى تواجهها سوق العمل المصرية حاليًا خاصة بعد جائحة كوفيد-١٩ والحرب الروسية- الأوكرانية؟
- أكبر التحديات التى تواجه سوق العمل المصرية هى التضخم الذى بدأ فى عام ٢٠١٧، بعد أول انخفاض فى سعر الصرف، ثم ازدادت الضغوط بعد الحرب الروسية- الأوكرانية منذ عام ٢٠٢٢، وشكل التضخم ضغطًا كبيرًا على الدخل الحقيقى من العمل، حيث أثر بشكل ملحوظ على القدرة الشرائية للأفراد.
وهناك تحدٍ آخر يتمثل فى انخفاض معدلات التشغيل والمشاركة الاقتصادية، وهو الانخفاض الذى بدأ منذ عام ٢٠١٠ وحتى الآن، سواء بالنسبة للذكور أو الإناث.
وقد سجلت الإناث انخفاضًا أكبر فى معدلات التشغيل مقارنة بالذكور، ورغم أن معدلات البطالة قد انخفضت من ٨.٢٪ فى عام ٢٠١٨ إلى ٦.٣٪ فى عام ٢٠٢٣، فإن هذا الانخفاض يعود بشكل أساسى إلى انخفاض المشاركة فى سوق العمل، وليس بالضرورة إلى زيادة كبيرة فى مستويات التشغيل.
والبطالة تعنى الأشخاص الذين لا يعملون ولكن يبحثون عن عمل بجدية، وعند عدم وجود جدية فى البحث قد يخرج الأفراد من قوة العمل ولا يُحسبون ضمن البطالة، وهذا ما اتضح بوضوح بعد جائحة كورونا، حيث خرج كثير من الإناث من قوة العمل ولم يتمكن من العودة إليها.
■ هل هناك قطاعات وأنشطة اقتصادية كانت أكثر تأثرًا سلبًا أو إيجابًا بسوق العمل؟
- أظهرت نتائج المسح فى هذه الدورة أن معدلات التشغيل بالنسبة للذكور شهدت تباطؤًا فى الانخفاض، خصوصًا فى زيادة العمل بأجر فى القطاع الخاص الرسمى، الذى تتم تغطيته بالتأمينات الاجتماعية، وهناك تحسن كبير مقارنة بالفترات السابقة.
وفى المقابل، لوحظ انخفاض العمل فى القطاع غير الرسمى خارج المنشآت، والذى يمثل أحد أكبر أنواع العمل التى تتميز بعدم الاستمرارية والانتظام، ما يتسبب فى نوعية عمل رديئة. وهذا التحسن جاء فى قطاعات، مثل الصناعة، والخدمات المالية، والنقل والمواصلات، وقطاع التجارة، فى حين تراجع قطاع التشييد والبناء، الذى كان متسارعًا فى السابق. كما تم رصد زيادة فى العمالة فى قطاع الصحة مقابل نقص فى العمالة فى القطاعات التى تركز على القطاع العام، مثل الإدارة العامة والتعليم، حيث انخفضت نسبة التشغيل فى التعليم من ١٠٪ إلى ٨٪ من إجمالى التشغيل من عام ٢٠١٨ إلى عام ٢٠٢٣، بمعدل انخفاض سنوى قدره ٢.١٪.
■ ماذا عن القطاع غير الرسمى؟
- بالنسبة لموقف القطاع غير الرسمى، فقد ازدادت نسبته بشكل عام على حساب القطاع الحكومى، فى حين أن القطاع الخاص الرسمى شهد زيادة أيضًا، ولكن ليست كافية لتعويض الانخفاض فى العمل الرسمى فى القطاع العام.
لذلك، لا يزال العمل غير الرسمى يزداد بشكل ملحوظ، أما من ناحية إيجابية، فقد رصدنا زيادة فى التشغيل فى المنشآت الصغيرة والمتوسطة، خاصة المتوسطة منها، ما يعكس نموًا فى التشغيل فى هذا القطاع، ويعد مؤشرًا إيجابيًا، لأن المنشآت المتوسطة تتمتع بمزايا أفضل من المنشآت الصغيرة، وبالتالى توفر فرص عمل منتظمة أكثر مع مزايا تأمينية أفضل.
كما لوحظ انخفاض نسب التشغيل فى القطاع الخاص غير الرسمى من ٤٢٪ من إجمالى التشغيل فى عام ٢٠١٨ إلى ٣٨٪ فى عام ٢٠٢٣، بمعدل انخفاض سنوى قدره ٠.٧٪، بينما ارتفع التشغيل الرسمى فى القطاع الخاص من ٩٪ إلى ١١٪ فى نفس الفترة، بمعدل نمو سنوى بلغ ٤.٤٪ مقارنة بمعدل النمو العام البالغ ١.٥٪ سنويًا.
■ ما أهم الملاحظات التى رصدها هذا المسح؟
- رغم أن هناك تحسنًا طفيفًا فى معدلات التشغيل وانخفاضًا فى معدلات البطالة، إلا أن هذه التحسينات لا تزال محدودة بالنسبة للإناث، فعلى الرغم من الانخفاض الكبير فى معدلات البطالة من ٨.٢٪ إلى ٦.٣٪، فإن معظم هذا الانخفاض حدث نتيجة لانخفاض المشاركة فى سوق العمل، خاصة بين الإناث.
من ناحية أخرى، فقد أثرت المشروعات القومية بشكل إيجابى فى بعض القطاعات، مثل التشييد والبناء، إلا أن هذه الأعمال تكون عادة مؤقتة ولا توفر فرص عمل دائمة ومستدامة.
أما القطاع الذى شهد تحسنًا ملحوظًا فهو قطاع الصناعة وبعض الخدمات، خاصة الرعاية الصحية والتعليم، حيث تزايدت فرص العمل فى قطاع الرعاية الاجتماعية، ومع ذلك، شهد قطاع التعليم تراجعًا ملحوظًا فى التشغيل رغم زيادة العمل الحر فى هذا القطاع. كما لوحظ زيادة ملحوظة فى تشغيل النساء فى العمل الحر، الذى شهد نموًا من ١٨٪ إلى ٢٥٪، من إجمالى التشغيل من عام ٢٠١٨ إلى عام ٢٠٢٣، بمعدل نمو سنوى بلغ ٨.٤٪.
■ هل يمكن توقع تحسن أكبر فى سوق العمل بناءً على هذه النتائج؟
- نلاحظ بعض بشائر التحسن فى نتائج المسح، خاصة فى زيادة العمل الرسمى فى القطاع الخاص، رغم أن هذا يقتصر على فئات مجتمعية مرتفعة.
وهذه أخبار جيدة للمستقبل، إذ يمكن أن نرى زيادة فى التشغيل فى المنشآت الصغيرة والمتوسطة، فقد كان معدل النمو السنوى للتوظيف فى المنشآت الصغيرة من ١٠ إلى ٢٤ عاملًا، أى حوالى ٢.٣٪ سنويًا، وفى المنشآت المتوسطة من ٢٥ إلى ٩٩ عاملًا، أى حوالى ٧.٦٪ سنويًا، بالمقارنة مع معدل النمو الإجمالى للتوظيف الذى بلغ ١.٥٪ سنويًا. وبالتالى، إذا استمر هذا النمو فى القطاعات الخدمية، مثل المعلومات والاتصالات والخدمات المالية، وأيضًا فى قطاعات الرعاية، مثل الصحة والتعليم، فقد يؤدى ذلك إلى تحسن وضع سوق العمل المصرى وتقليل الاعتماد على الاستثمارات فى قطاع الإنشاءات والبنية التحتية، الذى يوفر فرص عمل مؤقتة وغير مستدامة، حيث إن التركيز على قطاعى الصناعة والطاقة المتجددة سيكون له تأثير إيجابى، إذ يمثلان قطاعين واعدين للتصدير.