تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بذكرى اجتماع مجمع نيقية المسكونى الأول سنة 325 ميلادية، وبهذه المناسبة قال السنكسار الكنسي إن في هذا اليوم من سنة 325 ميلادية اجتمع الأباء الثلاثمائة وثمانية عشر بمدينة نيقية في عهد ملك قسطنطين الملك البار، وكان منهم رؤساء الأربعة كراسي، وهم الانبا الكسندروس التاسع عشر.
وقد صحب معه أثناسيوس رئيس شمامسته وسكرتيره الخاص.و أسطاثيوس أسقف إنطاكية، ومكاريوس أسقف أورشليم. أما سيلفستروس أسقف رومية فانه لكبر سنه لم يحضر، وأرسل اثنين من الكهنة نيابة عنه، وكان سبب اجتماع المجمع هو محاكمة اريوس الذي كان قسا بالإسكندرية، وجدف علي ابن الله الرب يسوع المسيح قائلا "إنه لم يكن مساويا لله أبيه في الجوهر، وانه كان هناك وقت لم يكن فيه الابن"، فاستقر رأي رؤساء الكنيسة علي عقد المجمع، وكان بين هؤلاء الأباء القديسين من هو في منزلة الرسل قادرا علي إقامة الموتى، وإبراء الأسقام وعمل الآيات العظام، وفيهم من عذب في سبيل الإيمان، ومنهم من سملت عيناه، أو قطعت يداه ورجلاه، أو قلعت أضراسه، أو كسرت أسنانه، أو نزعت أظافره، أو كسرت أضلاعه.
وكان من بينهم القديس المجاهد بفنوتيوس أسقف الصعيد الذي عذب كثيرا ايام دقلديانوس، إذ قلعوا عينه اليمني وحرقوا لحم ساقه اليسرى. وربطوه بالسلاسل وأخذوه إلى مقاطع الرخام، ولذلك دعي بالشهيد في الكهنة. وكان شيخا قديسا محبوبا من الله والناس، وقد اجري الله علي يديه معجزات كثيرة حدثت بتوسلاته وصلاح دعواته، ولما اجتمع الأباء جلسوا علي الكراسي المعدة لهم، ثم جاء الملك البار قسطنطين وسلم عليهم مبتدئا بالقديس بفنوتيوس الأسقف إذ احترمه احتراما عظيما حتى انه قبل بإكرام آثار جراحه، ثم وضع أمامهم قضيب الملك وسيفه قائلا لهم "إن لكم هذا اليوم سلطان الكهنوت والمملكة لتحلوا وتربطوا كما قال السيد، فمن أردتم نفيه أو إبقاءه فلكم ذلك"، وحدث إن كثيرين من الذين أنار الروح القدس عقولهم، كانوا يعدون المجتمعين فيجدونهم ثلاثمائة وتسعة عشر أسقفا، وإذا عدوا الكراسي المنظورة يجدونها ثلاثمائة وثمانية عشر، إتماما لقول السيد المسيح: "لأنه حيثما أجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك اكون في وسطهم "، واستحضروا اريوس وطلبوا منه إقراره بالإيمان، فجدف وقال "كان الاب حيث لم يكن الابن"، فلما افهموه ضلاله ولم يرجع عن رأيه، حرموه هو ومن يشاركه رأيه واعتقاده، ثم وضعوا دستور الإيمان المسيحي وهذا نصه:
1- نؤمن باله واحد الله الاب ضابط الكل، خالق السماء والأرض، ما يري وما لا يري.
2- ونؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الاب قبل كل الدهور، نور من نور، اله حق من اله حق، مولود غير مخلوق، مساو للأب في الجوهر الذي به كان كل شئ.
3- هذا الذي من أجلنا نحن البشر، ومن اجل خلاصنا، نزل من السماء وتجسد من الروح القدس، ومن مريم العذراء تأنس.
4- وصلب عنا علي عهد بيلاطس البنطي، وتألم وقبر.
5- وقام من بين الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب.
6- وصعد إلى السموات وجلس عن يمين الاب.
7- وأيضا يأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات، الذي ليس لملكه انقضاء.
و بعد ذلك لم اجتمع مجمع المائة والخمسين بمدينة القسطنطينية لمحاكمة مقدونيوس عدو الروح القدس، كملوا بقية هذا الدستور فقالوا:
8- نعم نؤمن بالروح القدس، الرب المحي المنبثق من الاب، نسجد له ونمجده مع الاب والابن، الناطق في الأنبياء.
9- وبكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية.
10-و نعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا.
11-و ننتظر قيامة الأموات.
12- وحياة الدهر الأتي
و منعوا من إن يزاد عليه أو ينقص منه، وأمروا كافة المؤمنين بقراءته، كهنة وشعبا وشيوخا وصبيانا ونساء ورجالا، وإن يتلى في القداسات والصلوات. وبعدما حرم أباء مجمع نيقية اريوس وأبعدوه عن الكنيسة ووضعوا دستور الإيمان، اصدروا قرارات أخرى فيما يلي:
أولا: فيما يختص بميليتس أسقف أسيوط الذي قاوم رئيسه القديس بطرس الشهيد البابا الإسكندري، فقد قرر المجمع حقوق بطريرك الإسكندرية على مرءوسيه في القوانين 5، 6، 7.
ثانيا: حسم النزاع الذي كان بين أساقفة أفريقيا وأسيا الصغرى، وبين أسقف رومية حول معمودية الهراطقة، فقرر إن المعمودية التي يجريها الهراطقة باطلة، بخلاف ما كان يراه أسقف رومية واتباعه.
ثالثا: حدد يوم عيد القيامة إذ قرر إن يكون يوم الأحد الذي يلي البدر حيث يكون فيه فصح اليهود، حتى لا يعيدوا قبل اليهود أو معهم، وأناطوا بابا الإسكندرية في تبليغ جميع الكنائس عن اليوم الذي يقع فيه العيد، وذلك لشهرة بطاركة الإسكندرية بسعة العلم والدقة في حساب المواقيت، وثبتوا الكنيسة، وأقاموا منار الدين، ثم انصرفوا إلى كراسيهم.
كما تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بذكرى نياحة البابا أسحق البابا 41، وبهذه المناسبة قال السنكسار الكنسي إن في مثل هذا اليوم من سنة 679 م تنيح الاب العظيم القديس الانبا اسحق بابا الإسكندرية الحادي والأربعون، قد ولد هذا الاب في البرلس من أبوين غنيين خائفين الله، رزقا به بعد زمان طويل من زواجهما.
ولما قدماه إلى المعمودية رأى الأسقف الذي تولي عماده صليبا من نور علي رأسه، فوضع يد الصبي علي رأسه وتنبأ عليه قائلا: انه سيؤتمن علي كنيسة الله، ثم قال لأبويه: اعتنيا به فانه أناء مختار لله، ولما كبر قليلا علماه الكتابة والآداب المسيحية والعلوم الكنسية، وكان يكثر من قراءة أخبار القديسين فتشبعت نفسه بسيرتهم الطاهرة، ومالت إلى الرهبنة، فترك أبويه وقصد برية القديس مكاريوس، وترهب عند الانبا زكريا الإيغومانس، وكان ملاك الرب قد سبق فاعلم الاب الشيخ بقدومه، فقبله فرحا.
وفي أحد الأيام رآه أحد الشيوخ القديسين في الكنيسة فتنبأ عليه قائلا "سيؤتمن هذا علي كنيسة المسيح"، وحدث إن طلب الاب البطريرك في ذلك الوقت راهبا ليكون كاتبا له وكاتما لسره، فاثني الحاضرون علي هذا الاب الفاضل اسحق، فدعاه وأعطاه كتابا يكتبه، فأفسده عمدا حتى يخلي الاب سبيله، لأنه كان زاهدا مجد الناس، فلما علم الاب بقصده قال له "حسنا كتبت فلا تبرح هذا المكان"، ولما تيقن إن الاب البطريرك لن يخلي سبيله، استخدم ما له من العلم والكتابة وظهرت فضائله، ففرح به البطريرك جدا، ولكن لشغفه بالوحدة، عاد بعد حين إلى البرية.
ولما دنت وفاة البابا يوحنا، طلب من السيد المسيح إن يعرفه بمن يجلس بعده علي كرسي الكرازة، فقيل له في الرؤيا إن تلميذك اسحق هو الذي يجلس بعدك، فأوصى الشعب انه بإعلان الهي وبأمر الرب سيجلس اسحق علي الكرسي بعده، فلما تبوأ هذا الاب الكرسي المرقسي استضاءت الكنيسة واخذ في تجديد كنائس كثيرة، منها كنيسة القديس مرقس الإنجيلي وقلاية البطريركية، وقد قاسي شدائد كثيرة، وأقام علي الكرسي ثلاث سنين ونصف، ثم تنيح بسلام..