أوشكت وزارة السياحة والآثار، ممثلة في المجلس الأعلى للآثار، على الانتهاء من مشروع ترميم صالة الأعمدة الكبري بمعابد الكرنك بمدينة الأقصر، ما يأتي في إطار حرص الوزارة على القيام بأعمال التنظيف والترميم والصيانة والحفاظ على تراث مصر الحضاري، الذي هو إرث للبشرية كلها.
وأوضح د. مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن مشروع ترميم صالة الأعمدة الكبري يعد أحد أهم المشروعات القومية التي توليها وزارة السياحة والآثار اهتماما كبيرا، لافتا إلى أن هذا المشروع يتم بأيادٍ مصرية خالصة من فريق عمل يضم مجموعة من شباب المرممين والآثاريين من المجلس الأعلى للآثار، بالتعاون مع عدد من خريجي أقسام الترميم بجامعتي الأقصر وجنوب الوادي ومعهد الترميم بالأقصر، مشيرًا إلى أنه تم الانتهاء من أكثر من 95% من أعمال المشروع، الذي يعد إنجازا كبيرا خاصة بعد إظهار الألوان الأصلية لنقوش صالة الأعمدة الكبرى بمعابد الكرنك، والتي لم يرها زائروها منذ زمن بعيد بسبب تراكم الاتساخات والتكلسات على النقوش ما أدى إلى طمسها، موضحا أن انتهاء المشروع سوف يسهم في النهوض بمنتج السياحة الثقافية، خاصة في ظل المنتج المتكامل الذي يجمع بين منتجي السياحة الثقافية والشاطئية، وهو ما تحرص عليه الوزارة حاليا من تقديم مقصد سياحي مصري متكامل يجمع بين مختلف الأنماط السياحية.
وأضاف الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أن أعمال الترميم في صالة الأعمدة الكبرى بالكرنك تشمل 134 عمودًا، ارتفاع كل منها نحو 20 مترًا، بالإضافة إلى ترميم الزخارف والكتابات الهيروغليفية بها، وإظهارها بشكل واضح، مؤكدًا أن أعمال الترميم تتم وفقًا لدراسات علمية دقيقة قام بها فريق العمل، للوقوف على أنسب طرق الترميم التي تتناسب مع الحالة الراهنة للأثر، وتتسق مع الأسس العلمية التي أقرتها المواثيق الدولية.
تجدر الإشارة إلى أن مشروع ترميم صالة الأعمدة الكبرى بمعابد الكرنك بدأ في يوليو 2021، حيث تم الانتهاء من المرحلة الأولى منه، التي شملت ترميم وإظهار النقوش الأصلية لعدد 28 عمودا من أصل 134 عمودا بالصالة.
وقد خُصصت معابد الكرنك لعبادة المعبود آمون، معبود طيبة، وتقع بالبر الشرقي بالأقصر. وقد كان محور المعبد مثله مثل معظم المعابد المصرية القديمة (شرق- غرب)، لكنه تفرد بوجود محور (شمال- جنوب) مواجهًا لمعبد آخر وهو معبد الأقصر، وتم ربط المعبدين بطريق مصطف بتماثيل على هيئة "أبوالهول" والمعروف مجازًا باسم طريق الكباش.
يشتمل الكرنك على مجموعة معابد وعناصر معمارية وصروح، قام بتشييدها ملوك مصر القديمة بداية من عصر الدولة الوسطى حتى العصر البطلمي، ويحيط به سور ضخم من الطوب اللبن. لقد كان الكرنك في حقيقة الأمر عبارة عن مجموعة من المعابد، حيث يتضمن داخل جدرانه معبدًا كاملًا للمعبود "خونسو" في الركن الجنوبي الغربي، بجانب معبد المعبودة "إيبت"، الذي بُني خلال العصرين اليوناني والروماني، ومعبد المعبودة "موت" الذي يحيط به من نواحي الشرق والجنوب والغرب البحيرة المقدسة التي كان الكهنة يتطهرون منها قبل القيام بطقوس المعبد، وهى موجودة حتى اليوم.