مشوار رهبانى عمره 45 عاما حافل بالأحداث والذكريات، تدرج خلالها فى الدرجات الرهبانية بسرعة كبيرة خلال فترات قصيرة فمن يتابع سيرته الذاتية و ظروف نشأته و حياته بدء من التحاقه بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون لسلك درب الآباء الأوائل مرووا بسيامته راهبًا و اختياره لمهمة ” خورى ايبسكوبس ” ثم أسقف عام القليوبية وصولا لتكريسه مطرانا لشبرا الخيمة وتوابعها، يلاحظ تقارب التواريخ من بعضها البعض، مما يدل على كونه راهب يتمتع بأعلى درجات الالتزام و الشدة و تحمل المسئولية، كما أن طاعته كانت أكثر ما تميزه.
حملت على عاتقي مسؤولية التعرف على جوانب شخصيته الغنية و خدمته المؤثرة داخل نطاق شبرا الخيمة و توابعها التي يتحدث عن نشاطها الجميع في ذكرى الاحتفال بمرور 45 عامًا على رهبنته، فكان لقائي مع نيافة الحبر الجليل الأنبا مرقس مطران شبرا الخيمة وتوابعها فوجدتها شخصية تمتزج فيها الحكمة مع البساطة، الهيبة مع المرح، والجدية مع المرونة لتنطلق كلماته الرصينة الهادئة و المفعمة بالقوة و الأبوة ليعود بنا إلى ذكرياته الأولى و حياته قبل الرهبنة و من ثم مسئولياته الكثيرة التي أسندت إليه، فكان لـ”وطني” هذا الحوار …
+ نود التعرف على نيافة الأنبا مرقس و تفاصيل عن حياته وقت أن كان علمانيًا؟
++ ولدت في منطقة حلمية الزيتون يوم 2 يناير 1944 وسط أسرة مكونة من والد يعمل مقاول نجار ووالدة و 6 أبناء ( 5 بنين و ابنه) كان ترتيبي الثالث بينهم، اهتم الوالد و الوالدة بتعليمنا دراسيًا بجانب الاهتمام بحياتنا الروحية فكنت مواظب على الحضور في كنيسة ماريوحنا بحلمية الزيتون و بعد فترة انتقلت العائلة إلى محل سكن آخر في منطقة الزيتون بقرب من كنيسة العذراء الزيتون، و كانت بركة كبيرة وتدبير إلهي كي أتعرف على أبونا أنطونيوس السرياني ( البابا شنوده الثالث) في ذلك الوقت و تحديدًا في يوم 4 يوليو 1959 وقت أن كان راهبًا و سكرتيرًا لقداسة البابا كيرلس السادس و أخذ بركة الخدمة معه وقتها كنت في بداية التحاقي بالمرحلة الثانوية و بدأت الأمور تتغير لدى وأصبحت أخدم في كنيسة ماريوحنا بالحلمية يوم الأحد و العذراء الزيتون يوم الجمعة, و حقًا تأثرت بشخصيته كثيرًا و تعلمت منه الكثير و هو من أرشدني باستكمال دراستي.
فقد مرت الأيام و ذهبت للمعهد الفني للمصانع الحربية و ظللت داخله مدة 13 شهرًا و كنت من الثلاثة الأوائل المرشحين للسفر إلى ألمانيا مدة 3 سنوات للعمل فور العودة بالمصانع الحربية وقتها بعثت رسالة لأبونا أنطونيوس السريانى لمشورته فكان رده ” لا ” و أرشدني بالاستذكار ثانية للحصول على مؤهل أعلى حتى لا تقف الشهادة عائق أمام رهبنتي و بالفعل اجتهدت إلى أن حصلت على مؤهل بكالوريوس هندسة قسم ميكانيكا جامعة عين شمس عام 1968 , و بمجرد تخرجى عملت مهندس بشركة أتوبيس وسط الدلتا في عام 1969 و عملت في أكثر من مكان بدء من شبرا مصر مرورًا بالمنوفية و الغربية و كفرالشيخ و دسوق و المحلة و غيرها , و بالطبع تعلمت الكثير. كما أنني كلفت بمرافقة خبراء أجانب من الأمم المتحدة وهو ما ساعدني على تعلم اللغة الإنجليزية وبعدها رشحت للعمل كخبير في الأمم المتحدة، و كان على اختيار بلد من ضمن 10 دول للسفر اليها لكننى رفضت بعد الرجوع و أخذ مشورة البابا شنوده إلى أن قدمت استقالتي في عام 1976 .
+ خدمتك مع الراهب أنطونيوس السرياني امتدت لسنوات.. حدثنا أكثر عن تلك الفترة و مواقفك معه و ماذا تعلمت منه ؟
++ بالفعل أخذت بركة الخدمة معه منذ عام 1959 بكنيسة العذراء الزيتون، و امتدت المسيرة معه في كافة مراحله الحياتية من راهب و أسقف ثم بطريرك و حقًا تعلمت من شخصه الكثير في حياته كراهب أولًا منها طول الأناة فما لا يعرفه الكثير عن البابا شنوده أنه كان أب اعتراف مثالي, كان يبدأ يأخذ اعترافاتنا في الدير الساعة 21 بعد نصف الليل حتى الساعة الثالثة والرابعة صباحًا كان مجرد ذكر كلمة واحدة في الاعتراف، كان أبونا أنطونيوس يقابلها بقصة أو آية أو خبرات حياتية تشجعه بالأكثر، فكان يخرج المعترف و معه خبرات وإرشادات روحية عديدة تساعده في حياته و قانونه الروحي. أيضًا اتضاعه فلا أنسى موقف استقباله لنا في الدير كشباب بعدما أصبح أسقفًا و تجهيزه لنا بنفسه مياه دافئة بملح و قيامه بغسل أرجل كل منا لإراحتنا من مشقة الطريق، حيث كنا نمشى من الريست للدير فلم يكن هناك أي وسيلة مواصلات تمكنا الوصول للدير.
كما تعلمت منه الشجاعة و الجرأة و الحزم أتذكر وقتها بعد أن تمت سيامته بطريرك قابل رئيس الوزاء و ممدوح سالم وزير الداخلية و تحدثوا معه عن البناء في الصحراء بدون تراخيص كان رده حازم “بأننا نعمر الصحراء”.
كما أخذت بركة كبيرة خلال فترة عملي بأن أرافق سيدنا قداسة البابا شنوده للدير وقيادتي السيارة الخاصة لقداسته بعد سيامته بطريرك منذ عام 1972 و توصيله الدير و وقتها طلب قداسة البابا من المسئولين بانتدابي لهذه المهمة لكنه كان الرد “بأنني مكلف و لم يكن في الإمكان الانتداب لأي مكان آخر ” , فاستأذنت رئيس مجلس الإدارة وقتها في عملي إمكانية مرافقة البابا للدير حال طلبه ذلك فكان الموافقة و ظللت على هذا الحال حتى تقديم استقالتي .. و تعلمت منه الكثير خلال مرافقته بالسيارة للدير منها الحرص و الدقة في الكلام , كان بحق شخصية مميزة و نادرة في تمتعه بالثقافة العامة بكافة المجالات رغم تخرجه من كلية الآداب إلا أن لديه معلومات في الزراعة و الطب و الهندسة و خبرة في مجال الإدارة، و في المعاملات الى جانب الخبرات الحياتية.
+ متى بدأ التفكير في الرهبنة.. وما مدى ترحاب الأسرة بالقرار و كواليس السيامة ؟
++ اتخذت قرار الرهبنة في مرحلة الثانوية منذ أن تعرفت بأبونا أنطونيوس السرياني، فأحببت الرهبنة من خلاله رغم كوني صغير أبلغ من العمر 15 عام إلا أنني تعلقت به للغاية، و من وقتها أصبحت أتردد على الأديرة منذ عام 1960 و تحديدًا دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون و تعلقت بالرهبان و كنت أحضر معهم التسبحة دائما و القداس و كنت اتعلم من كل أب راهب ” شىء ” وكنت محبوبا بين الآباء لصغر سنى فكانوا دائما ما يتحدثوا معى و كنت أزور آباء رهبان مشهورين في قلاليهم وأتعلم منهم و من خبراتهم فى الحياة الرهبانية.
في الحقيقة لم أصارح أحدًا عن نيتي في سلك طريق الرهبنة من أسرتي لكنهم كانوا شاعرين بما في داخلي من رغبة لكثرة ترددي على الدير , فكنت انتهز أي أجازة، ومنها يومي الخميس و الجمعه على سبيل المثال كي أقضيها داخل الدير، و يوم أن قررت الترحال عن العالم و الاتحاد بالمسيح و العيش داخل أسوار الدير وقتها سألني والدي “هتقضي كام يوم في الدير المرة دي “رديت” عندي أجازة طويلة، فسأكون براحتس “و فعلًا وقتها كان من حقي أيام أجازات السنة مدة 3 أشهر و كنت مقرر نهائي و كان آخر يوم أجازة هو تقديم استقالتي، و كنت تقريبا نقلت كل حاجتي للدير خلال زياراتي السابقة فكان دخويى دير الأنبا بيشوي يوم 9 سبتمبر عام 1976 و داخل الدير رآني شخص قريب لوالدىيبالجلابية البيضاء قام ذهب لوالدي، و قال له “رأيت المهندس فلان بجلابية بيضاء”، ووالدي لم يعرف حقيقة الأمر فقال له “يمكن الجو هناك أسهل لهم يلبسوا جلابية” بعدها لم تمضِ أيام حتى تمت سيامتي راهبًا فى يوم 6 أكتوبر عام 1976 باسم أنطونيوس الأنبا بيشوي – و اختياري للاسم تأثرًا بأبونا أنطونيوس السرياني -، فلم أقض فترة اختبار كما هو متعارف عليه في الحياة الرهبانية لكوني معروف للآباء الرهبان و بعدها رآني نفس الشخص القريب لوالدي فذهب يخبر والدي بأنني مرتدي الجلابية السوداء و أصبحت واحدًا من الرهبان.
جاءت للحال أسرتي لزيارتي، و أشار علي نيافة الأنبا صرابامون رئيس الدير وقتها بمقابلتهم , و بالفعل باركني والدي و كانت الدموع في عينيه وأخذني في حضنه و كان دائم الزيارة لي، و أتذكر عند سيامتي كاهنًا أحضر لى صليب صغير فضة كهدية و تونية .
+ كيف كانت الحياة الأولى داخل الدير ؟
++ بالطبع كانت الحياة داخل الدير مختلفة كثيرًا مقارنة بوقتنا الحالي، فلم يكن لدينا مياه للشرب وكانت المهمة أننا “نجيب ميه بطرمبة و خزانات” و لم يكن لأي راهب حنفية داخل قلايته فكانت تملىء المياه في جرادل أيضًا لم يكن هناك كهرباء، أقصى شىء يكون راهب لديه بابور جاز و فعلًا بمكافأة الخدمة من عملي اشتريت بابور جاز رقم 10 أستطيع من خلاله تسخين مياه للاستحمام وغسل الملابس كما لم يكن هناك طيور أو لحوم فكانت كل فترة ” لما ربنا يبعت”، كانت حقيقى حياة ممتعة، عشت فيها وسط 18 راهب كان من ضمنهم فيما بعد الأنبا تادرس و الأنبا امونيوس و الأنبا ويصا و الأنبا بيمن.
كلفت بالعمل داخل الدير بمسئوليات عدة أولها متابعة العمال باعتباري مهندس، ثم إضافة مهمة المخازن و ميزانية الدير من حيث الإيرادات أيضًا وكلت لي مسؤولية زيارات الزوار و زيارتهم للدير، ثم نفس المهمة للأجانب. كما عينت فترة أمينا للدير فى يناير 1978 بعدما توجه أبونا شنوده للإكليريكية و بعدها سافر لأمريكا.
+ ماذا عن كواليس اختيارك لمساعدة نيافة المتنيح الأنبا مكسيموس مطران القليوبية السابق.. من الذي فكر في ذلك الترشح و رد فعل نيافتك ؟
++ في يوم أبلغني نيافة الأنبا صراباون رغبة البابا شنوده في سيامتي لمعاونة الأنبا مكسيموس، قلت له “يا سيدنا أنا لسه جديد، لسه بتعلم الرهبنة، طول بالك على شوية، قال لي: ” منك للبابا ” , وفي يوم سألني البابا شنوده بنفسه و هو في الدير قبل ما ينزل القاهرة لاقيته بيقول لي “الأنبا صرابامون .. قال لك ” قلت له: أيوه يا سيدنا و رديت عليه و قلت له انا لسه بتعلم الرهبنة ” , فوجئت أنه بيقول لي “و بعدين أنا مش فاضي” و بعدها استقل السيارة و مشي .. و فوجئت بنشر الخبر في مجلة الكرازة أنه سيتم سيامة ” الراهب أنطونيوس الأنبا بيشوي ” خوري ايبسكوبوس لمعاونة نيافة الأنبا مكسيموس مطران القليوبية، و بالفعل تمت السيامة في يونيو 1978 , و لم أكن أعلم ما هي اختصاصات الـ “خوري إيبسكوبس ” فقرأت عنها في كتاب “الشرع الكنسي الخاص بالكنيسة السريانية فوجدت اختصاصاتها نفس اختصاصات الأسقف فيما عدا رسامة الكهنة بما يلزم حيالها أن تكون بإذن كتابي من مطران الإيبارشية.
كنت أعرف نيافة الأنبا مكسيموس وقت أن كنت علمانيا قبل أن التحق بالدير فكان يسهر معنا في كنيسة الزيتون أثناء فترة ظهورات العذراء , و تعرفت عليه عن قرب و احببته كثيرا فكان بحق انسان بسيط، حافظ كتاب الابصلمودية ( التسبحة ) بأكمله و مدائح شهر كيهك غيبا. كما يتقن اتقانا بعض اللغات أهمها اللغة القبطية , الإنجليزية , الفرنسية , الحبشية و قليلا من اللغة الألمانية.
+ كيف كانت فترة خدمتك مع نيافة الأنبا مكسيموس.. و ماذا تعلمت منه؟
++ حقيقة نيافة الأنبا مكسيموس لا يماثله إنسان في محبته، كانت له صفات يصعب تقليدها، فمن النادر تجد إنسان يعطي كل اختصاصاته لشخص جديد، كنت أقول له ” مجلس الكنيسة يا سيدنا .. يقول لي شكل مجلس ” , أقول له ” خلاص هنرسم فلان .. ألاقيه يقول ارسمه و يكتب لي إذن بالرسامة “، أقول له “اعمل كذا يا سيدنا.. يقول لي اعمل براحتك”، كل الاختصاصات أعطاها لي، أيضًا عطائه كان كبيرًا و يفيض على الكل كان لا يرد أحد في احتياج و يعطيه دون السؤال عن الظروف أو معرفة الحالة الاجتماعية عاملًا بالآية “من سألك فأعطيه”، فضلًا عن بساطته و قربه من الناس، أتذكر أي شخص كان يدعيه لزيارة منزله كان يقول له “معنديش نوته .. روح لأنبا مرقس و هو يحدد الميعاد ” يقول له ” طيب تأكل أيه يا سيدنا .. يقول شوف أنبا مرقس يأكل أيه ” كنت ببقى مكسوف من محبته الكبيرة و اتضاعه ” و أنا اللي المفروض أكون بعده ” لكن دائما يقدمني عن شخصه.
و لا أنسى معجزاته الكثيرة معي، و منها معجزة شفاء من مشكلة تضخم في الأحبال الصوتية بعد إقرار الأطباء بخطورة الوضع و الحاجة لعملية و نصيحتهم بوضع “بلاستر” على فمي مدة 3 أشهر و إزالته فقط أثناء الطعام حتى لا يمكنني التحدث مع أحد , وقتها كان لدى مسؤولية إلقاء عظة في عين شمس فقلت له ” اعتذر يا سيدنا لأنى مش بقدر اتكلم و كل كلمة لازم أكح ” رد بقوة و قال ” روح و أنا وياك يلا ” و بالفعل ذهبنا و قام برشم الصليب و كانت البركة بأنني تكلمت بدون أي مشاكل نهائيًا و حينما انتهيت من الكلمة , قلت له ” نيافتك قلت أيه يا سيدنا ” قال لي ” أول ما قعدت على الكرسي، و رشمت الصليب فضلت أقول طول العظة يارب اشفي الأنبا مرقس، أبانا الذي في السموات ” وأكررها حتى انتهيت من الكلمة و من وقتها لم أعانى من هذه المشكلة.
+ حدثنا أكثر عن طبيعة مهمتك خلال تلك الفترة.. و ما التحديات التى واجهتك داخل المنطقة المكلف بخدمتها وكيفية التغلب عليها؟
++ كان الوضع جديد بالنسبة لي، منطقة جديدة بآباء كهنة و خدام جدد، و على اتعرف على الجميع كي أبدأ معهم الخدمة، و كان التحدي الأكبر الذي واجهته في بداية خدمتي هو التعامل مع مجلس كل كنيسة و ضبط مهمته بعدما كان المتبع و المتعارف عليه داخل كل كنيسة هو هيمنة مجلس الكنيسة على كل شىء. كما كان النظام المالي المتبع داخل كل مجلس كنيسة غير مرضى عنه، و من هنا بدأت ضبط زمام الأمور وبالفعل أعددت لائحة تنظيمية لكل شىء.
كما أحدثت تغييرات على فترات منها تخصيص أب كاهن لرئاسة مكتب الخدمة الاجتماعية، وكانت نقلة كبيرة، أيضًا وضعت نظامًا ماليًا جديدًا استغرق حوالي 7 سنوات لإقراره و تنفيذه بعدما اكتشفت تدني محصلة إيرادات الخدمة، و من هنا تيقظت لإجراء بعض التعديلات و تشكيل مجالس كنائس أخرى جديدة بالتنسيق مع الآباء الكهنة، حيث ترشيحهم لشمامسة و خدام مشهود لهم مع الابقاء على بعض الأعضاء القدامى الذين على دراية بخلفيات بعض الأمور.
+ ماذا عن ترقيتك لدرجة الأسقفية.. و ما كانت أولويات خدمتك في تلك الفترة.. و من أين بدأت ؟
++ تمت سيامتي أسقف عام القليوبية يوم 2 يونيو عام 1985 في حياة نيافة الأنبا مكسيموس الذي رحل عن عالمنا الفاني عام 2199 , واستكملت خدمتي، و كان وضع الكاهن في أولويات خدمتي، ثم طورت الخدمة بإنشاء اكليريكية داخل نطاق الإيبارشية أيضًا الاهتمام بإقامة فصول إعداد خدام منتظم بمناهج متخصصة وإعداد نظام لجنة عامة لمدارس أحد و عليه تمت سيامة آباء كهنة لمدارس الأحد و للشباب، أيضًا إقامة لجنة بر بكل كنيسة و من ثم لجنة عامة داخل المطرانية لخدمة الجميع، فضلًا عن الاهتمام بالفحص الطبي للمقبلين على الزواج و غيرها من الأمور الخدمية.
+ كيف كان حال المنطقة وقت تسلمك المسؤولية مقارنة باليوم ؟
++ طبيعة المنطقة كان تعد بيئة حاضنة لمصانع النسيج في فترات سابقة مقارنة بالوقت الحالي، و بالتالي كانت تضم فئة كبيرة من العمال و لكوني عملت في حياتي العملية قبل الرهبنة مع العمال أعرف الكثير عن طبيعتهم و كيفية التعامل معهم و لأي مدى يمكن خدمتهم، و هنا فكرت في أعداد اجتماعات خاصة لهم في الكنائس اطلقنا عليه اسم “رجال الأعمال” أو “الأعمال الحرة”.
كما اهتمينا بالأهالي، و بدأنا في إعداد فصول محو أمية ومركز للتدريب المهني لتعليم مهنة يستطيع العيش من خلالها خاصة وأن الظروف المادية تشكل تحدي كبير في ظل غلاء الأسعار مع تحمل اعباء المعيشة من أسرة وأبناء، وعلى قدر المستطاع يتم مساعدة الأهالي و تلبية احتياجاتهم، وحاليًا تخدم المطرانية ما يزيد عن 60 ألف أسرة.
+ معروف عن شعب المنطقة أنه بسيط.. لأي مدى للمطرانية دور في مساعدتهم هل من وجود مشروعات متناهية الصغر أو منح قروض لتوفير مصدر رزق لهم ؟
++ بالتأكيد أقمنا لجنة للمشروعات الصغيرة و من ضمن أعضائها آباء كهنة منهم من كانوا مهندسين و خريجي كلية التجارة في الأصل، و عليه من يرغب في إقامة مشروع صغير عليه بالتوجه للجنة لدراسة مشروعة، و كثير من المشروعات نجحت و غيرها لم يكتب لها النجاح و ليكن منها موت طيور “كتاكيت”، على سبيل المثال أو إقامة مشروع داخل منطقة لم يروج داخلها السلعة المقدمة و هكذا.
+ يشهد لنيافتك نشاطك الرعوي و الخدمي داخل المنطقة من خلال زيادة عدد الكنائس.. كيف ترى ذلك الإنجاز و لأي مدى هناك تسهيلات قانونية ورسمية؟
++ بطبيعة الحال مع توسع الخدمة و انتشارها، كانت الحاجة ملحة لإقامة كنائس جديدة لخدمة أهالي المنطقة، ونشكر الله على التسهيلات التي تقدم في وقتنا الحالي, فاشهد أن التسهيلات المقدمة من قبل الدولة حاليًا لم يحدث لها مثيل في تاريخ المسيحية بمصر لنجد اهتمام الأمن بنفسه و اتصاله لمطالبتنا بتقديم الأوراق اللازمة حال شراء أرض لهذا الغرض، ومن ثم مساعدتنا في إقامة كنيسة داخل كل منطقة إذا ما اقتضت الحاجة لذلك بشكل رسمي و قانوني على خلاف ما كان يحدث خلال فترات سابقة من التستر وراء بناء مبنى خدمي أو حجرة للتحايل فيما بعد لتحويلها إلى كنيسة في المقابل اللجوء للهدم حال معرفة ذلك، نشكر الله الأمور تغيرت، وأصبح وضع المطرانية في تحسن للأفضل فقد تسلمت الأسقفية بـ 24 كاهن و 14 كنيسة أصبح العدد حاليًا 170 كاهن و 51 كنيسة و لا زالنا نخدم و يد الله تعمل.
+ ما كواليس تجليسك على كرسي شبرا الخيمة؟
++ بعد نياحة نيافة الأنبا مكسيموس، كان الاختيار لتجليسي وقتها جهزت خريطة للبابا شنوده، و كان تقريبا لكل منطقة 14 كنيسة تابعة لها، فسألني البابا “تمسك اى منطقة ” قلت له ” مليش اختيار يا سيدنا ” قام كلفني بمسؤولية شبرا الخيمة، و قال لي “أنت تعبت فيها” , فكان التجليس على كرسي شبرا الخيمة يوم 14 يونيو عام 1992.
+ في عام 2018 تم سيامتك مطرانا بيد قداسة البابا تواضروس الثانى على منطقة شبرا الخيمة و توابعها.. في رأيك هل المهمة تزداد صعوبة و تكثر المسؤوليات؟
++ لاشك المسئوليات بتزيد و لكن يد الله دائما تعمل و معي “أجنحة ” من كهنة و خدام بيسندوا لأن طبيعي بمفردي لم استطع عمل شىء، و لعلي تحمل أعباء المسؤولية و زيادتها لم تكن فقط حال سيامتي مطرانا على شبرا الخيمة و توابعها يوم 25 نوفمبر 2018 لكوني كلفت بمسؤوليات عدة من قبل قداسة البابا شنوده، و منها تولى مهمة نائب بابوي لأستراليا بأكملها و نائب بابوي لدير الأنبا أنطونيوس في فترة أخرى، أيضًا تكليفي لمتابعة لجنة مجمعية للقنوات التليفزيونية، و تولى مسؤولية دير مارجرجس الرزيقات و مسطرد و ميت دمسيس و غيرها.
+ منذ أيام تقابلت مع قداسة البابا تواضروس لتقديم تقرير مفصل مدعوم بالخرائط لكنائس إيبارشية شبين القناطر و الوضع الرعوي بها.. و هناك أنباء عن اختيار أسقف جديد للايبارشية.. ما التفاصيل؟
++ أخذت بركة خدمة منطقة شبين القناطر منذ عام 1985 حتى عام 2199 , و بطبيعة الحال الأمور تغيرت بتوسع الخدمة و انتشار عدد أكبر من الكنائس و الكهنة و حاولت اتعرف على المنطقة من جديد و بالفعل قمت بالزيارة و معي أبونا هدرا و ابونا مرقوريوس و بدأت أدرس المكان، فاستشعرت أن الوضع بحاجة للتغيير وأحداث نقلة في الخدمة يصب في صالح الشعب و رعايته , و عليه عرضت على قداسة البابا تواضروس الاقتراح للتغييرات فكان هناك اجتماع مع الآباء الكهنة.
وخلال اللقاء طالب بعض الكهنة باجراء ذات التغييرات، و ربنا يدبر اختيار شخص مناسب لخدمة شبين القناطر لكونها في احتياج ووعد قداسة البابا بتحقيق ذلك المطلب لكنه لم يكن قبل شهر مايو المقبل، و لعلها خطوة أولى فى حال تقسيم المنطقة بأن يكون هناك أساقفة جدد لكل منطقة، و هو ما يعد في صالح الخدمة وإعادة ترتيبها من جديد.
+ حدثنا عن حال الأقباط في السعودية و بركة صلواتهم رسميًا.. خاصة وأن نيافتك المسؤول عن الكنيسة و الصلوات داخل المملكة العربية السعودية؟
++ الأقباط بخير داخل المملكة العربية السعودية و مرتاحين للتعامل معهم برقي، وأشهد بذلك خلال زياراتي للمملكة، حيث استقبالي بكل ترحاب و محبة من قبل القيادات الإسلامية و مشيت في الشارع ممسكًا بعصا الرعاية و الصليب دون أي مضايقات بل على العكس هناك من يأتي ليسلم على بكل فرح , و لا أنسى للأمن دوره الكبير في توصيلى لقاعة الصلاة و انتظاري خارجًا حتى يتم عودتي، و نشكر الله على نعمة إتاحة الفرصة للصلاة داخل قاعات يتم تخصيصها لهذا الغرض فلم يكن هناك كنيسة كما يروج البعض، و تتم الصلوات بشكل رسمى كلما تتاح لي الفرصة للزيارة و دعوتي رسميًا من قبل السلطات.
يشهد للأمير محمد بن سلمان ولي العهد محاولته انفتاح السعودية على العالم أجمع، فلديهم مبدأ واضح أنه من حق كل أحد أن يصلي، ولعل دولة الإمارات نموذج يحتذى به في احترام المعتقد بدليل وجود معابد بوذية و هندوسية داخلها و إعطاء الحرية للجميع فيما يؤمن وفيما يعتقد دون فرض أي وصاية أو رقابة تجاه الآخر طالما كونه إنسان صالح في المجتمع وعبادته لا تؤذي المجتمع.
+ ماذا عن قناة كوجي.. ومتى بدأ التفكير في إعدادها و موقف قداسة البابا منها؟
++ كان يراودني حلم إعداد قناة مسيحية تخاطب الملايين داخل مصر و خارجها في أيام قداسة البابا شنوده و عرضت عليه الفكرة، و مضت الأيام و خرجت قنوات مسيحية للنور و هنا بدأ التفكير فى قناة خاصة للأطفال و حاولت تحقيق الحلم و اتصالي بالدكتور ثروت باسيلي لإطلاق القناة لكن يشاء الله أن يؤخذ القرار من المجمع المقدس أثناء فترة خلو الكرسي البابوي بأن تطلق قناة للأطفال مركزها شبرا الخيمة.
و جاء البابا تواضروس الثاني يحمل ذلك الحلم في قلبه لكونه مسئول عن الطفولة في المجمع المقدس، و هو من أطلق عليها اسم ” كوجي ” و شعارها ” كوجى لكن جوري ” بمعنى صغير لكن قوي لتبدأ القناة عملها فى نهاية عام 2015 , و حقيقة البابا مهتم جدًا بما تقدمه القناة ومتابع لها باستمرار و نعرض عليه البرنامج السنوي لإبداء أي ملاحظات.
حقيقة سعيد بنجاح التجربة بعد مضي 6 سنوات ببركة ربنا وصلوات قداسة البابا و كل فريق العمل المشارك في القناة، و أتمنى في إطلاق قناة أخرى جديد خاصة بالشباب بخلاف قناة cyc لكونها قناة ناطقة باللغة الإنجليزية.
+ جدد قداسة البابا تواضروس الثاني تكليف نيافتك برئاسة المجلس الإقليمي الإكليريكي للأحوال الشخصية عن دائرة الإسكندرية و الوجه البحري.. كيف ترى كم المشكلات الزوجية و طلب الطلاق و الزواج الثاني ؟
++ بالفعل كلفني قداسة البابا برئاسة المجلس ثانية بعد ما سلمت الخدمة في يونيو 2021 و كان التكليف خلال فترة مرض نيافة الأنبا كاراس لأعود للملف من جديد، و يؤسفنى ما يحدث من مشكلات زوجية نتيجة التكنولوجيا و استخدامها الخاطىء و دورها في انفصال الأسر وتفككها عن بعضها البعض بتقليل شكل العلاقات و غياب الحب و التفاهم بين أفراد الأسرة، ومن ثم إهمال أي من الطرف للآخر و هو ما يشكل خطورة كبيرة لابد و أن يلتفت إليها , و ربما هناك زيادة فى كم المشكلات و فتح ملفات داخل المجلس لكن الوضع لم يدعنا نقلق بشكل مبالغ فيه في ظل وجود أرقام و مؤشرات تحكمنا , فخلال ثلاث 3 سنوات تم بحث حوالي 1400 ملف على مستوى وجه بحري بأكمله، و بالتالي فهو رقم لم يكن ضخما مقارنة بتعداد المسيحين فى مصر و من ثم النسبة قليلة لكنها مشاكل صعبة في ذات الوقت , و عليه ما نتلمسه من واقع المشكلات الحياتية يكون بمثابة جرس إنذار تدفعنا للخدمة بالأكثر و ليكن إعداد كورسات للمشورة للمقبلين على الزواج لمعرفة طبيعة كل منهما للآخر و كيفية المشاركة في الحياة الزوجية أيضًا كورسات للمتزوجين للتقريب بينهم و مواجهة التحديات وكيفية التغلب عليها، فضلًا عما يقوم به الآباء داخل المجلس من محاولات للصلح بين الأزواج خاصة في حالة وجود أبناء و دائمًا أقول “أتعامل داخل المجلس كأب و ليس قاضي.. و مصلحة الأبناء أولًا”.
+ البعض يرى أن الكنيسة توسعت في إتاحة أكثر من سبب للطلاق.. لكنها في الوقت ذاته احتفظت لنفسها بحق منح تصريح الزواج الثاني من عدمه.. ما تعليقك؟
++ جميعها مرجعية كتابية , فالكتاب المقدس وضع مبادئ عامة والكنيسة وضعت قوانين تتماشى مع ما جاء في الكتاب المقدس و ليكن ما قيل عنه “هكذا يحب الرجل امرأته كنفسه ” ما الحال هنا في عدم محبتها و ضربها و إهانتها و إهمالها، ألم يعد ذلك مخالفة صريحة لتعاليم الله، أيضًا الحال بالنسبة للنص الكتابى “ليس للرجل تسلط على جسده بل للمرأة كما أن للمرأة ليس تسلط على جسدها بل للرجل”، ما الوضع هنا في حالة هجرة الزوج لزوجته أو سفره، جميعها أشكال واضحة لكسر الوصية، و بالتالي ما تقوم به الكنيسة من إصلاحات هو في صالح الجميع و لعله أفضل من حالة التقييد بما يضطر البعض لتغيير الديانة في سبيل التخلص من زيجته، و أكرر نسعى بقدر طاقتنا في الصلح و كثير من المحاولات نجحت.
أما عن فكرة الاحتفاظ بحق منح تصريح الزواج الثاني من عدمه، فالسيد المسيح من قبل قوانين الكنيسة قال “ما تحلونه على الأرض” بما يعطينا الحل في إعطاء فرصة ثانية لمن يستحق للزواج مرة أخرى، و من ثم أمر طبيعي أن تدرس كل حالة دراسة متأنية لمعرفة مدى إمكانية إعطائها تصريح للزواج ثانية من عدمه فليكن في حالة وجود طرف يعاني الإدمان مثلا لابد من التأكد من تعافيه تماما بمدة كافية و تقارير طبية تؤكد ذلك حتى لا تتكرر مشكلته مع الشريك الجديد، أيضًا الوضع فى حالة وجود مرض نفسى كذلك فى حالة الخطية لابد من تقرير من أب كاهن يؤكد اعترافه و انتظامه على التناول بمدة لا تقل عن 6 أشهر و قد تصل لسنة فى بعض الحالات و ربما أكثر , كل بحسب حالته فلا تهاون فى وجود شروط لمنح التصريح من عدمه منعا لتكرار المشكلات .. لابد من أوضاع متغيرة تؤكد أنه لا مانع من الزواج ثانية خاصة وأنه لا يوجد نص كتابي يمنع أحد من الزواج نهائي، و ليكن مثلا في حالة الزاني أو الزانية أو المرأة الخاطئة التي أمسكت في ذات الفعل أو السامرية، بالعكس دائما نقول كلام المسيح كاملًا ليس ناقصًا، فلم يمنع أحد من الزواج.
+ متى يخرج القانون الموحد للأحوال الشخصية للنور.. و ما أهمية صدوره في رأي نيافتك ؟
++ نأمل صدور القانون خلال الفترة القادمة، و بالتأكيد سيسهل علينا الكثير كخطوة أولى , و إن كنا سبق و طالبنا بما هو أهم من القانون في الحقيقة و هو منح الكاهن الموثق لعقد الزواج إمكانية التطليق في حدوث مشاكل وبعد دراسة الحال يكون من حقه التطليق كما يحدث في الإسلام،علمًا بأن هذا القانون معمول به في كافة الدولة العربية ماعدا مصر، و نأمل إقراره