2 مليون مسلم ومسيحى يشدون الرحال إلى قمة جبل الطير بمركز سمالوط بالمنيا لزيارة دير السيدة العذراء، تبركاً بالبتول مريم كعادتهم فى مثل هذا الوقت من كل عام، عقب عيد القيامة بنحو شهر وينتهى الموسم بعيد الصعود فى منتصف مايو.
يضم دير جبل الطير 4 كنائس حديثة بخلاف الكنيسة الأثرية، هى: العائلة المقدسة، والهروب، والقديس يوسف النجار، والقديسة سالومى، ويقيم الدير خلال أيام موسم الزيارة مخيمات فى الجبل، تقام بها قداسات وترانيم ولقاءات روحية، وفى طرقات القرية الصغيرة ترى الأسر البسيطة تجر عنزة أو خروفا لتقدمه نذراً بالكنيسة.
وقال ابسخيرون حنا، من مركز أبوقرقاص، أحد زوار الدير: لم تثنينا أى أحداث مرت بها مصر منذ ثورة يناير 2011 عن الذهاب كعادتنا لموسم العذراء، ولا جيراننا من المسلمين الذين يأتون كل سنة للموسم أيضا، لأننا سنظل فى كل بقعة من بقاع أرض مصر متحابين ومتعايشين مهما حدث.
وأكد الصديقان مصطفى محمد وبيتر نادى: الكل بييجى، مسلمين ومسيحيين، وكل واحد منه لربه، ما فيش كلام عن الفتنة أو الكلام ده، الكل بياكل مع بعض ونسترزق على اسم الست العدرا، إحنا بنيجى كل عام للدير ببضائع سلاسل وإكسسوارات وأطعمة، ونأجر مكان ننصب فيه خيمة، يتراوح الإيجار بين 350 و600 جنيه على حسب المساحة
أما جمال عزت، أحد زوار الدير الذى رافق عائلته المكونة من زوجته وأبنائه الأربعة ووالدته، فقال: ده مصيف الغلابة منقدرش نفسح العيال غير هنا، ونقوم بتأجير منزل أو جزء من منزل بداية من 100 جنيه وطالع، على حسب عدد حجراته ومكانه بالنسبة للدير، مشيراً إلى أن الإيجارات ارتفعت هذا العام، وأغلب سكان القرية يستغلون فترة المولد لتأجير البيوت للزائرين، تجمع الأسرة أثاثها فى غرفة واحدة تاركة باقى الغرف لضيوف المولد. وقال القس اسطفانوس شحاتة، بمطرانية سمالوط، إن الدير على قمة جبل الطير وبه كنيسة صخرية أثرية باسم السيدة العذراء شيدتها الملكة الرومانية هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين وهو أول إمبراطور رومانى يعتنق المسيحية، وتم تشييد الكنيسة عام 382 ميلادية، والكنيسة منحوتة فى الصخر تضم فى الركن الجنوبى منها المغارة التى اختبأت بها العائلة المقدسة.
وأضاف أن الدير سمى جبل الطير بهذا الاسم لتوافد نوع من الطيور المهاجرة فى رحلة هجرتها كا��ت تستقر فوق الجبل، فلقب المكان بجبل الطير، كما يلقب الدير بدير العذراء بجبل الطير أو دير الكف، فى إشارة للعلامة التى تركها يسوع الطفل على أحد صخور الجبل عندما انطبع كفه كعلامة بركة للمكان.
وعن سر إقامة الاحتفالات فى هذه المنطقة هذا ا��توقيت تحديدا، أوضح شحاتة أنه فى القرون الأولى للمسيحية كان المصريون يحتفلون بالربيع طيلة فترة الخماسين، وهى الخمسين يوما التالية لعيد القيامة، وكانت هذه الاحتفالات تقام بالمناطق المطلة على نهر النيل، ومنها دير العذراء بجبل الطير، الذى كان يخصص له الأسبوع الأخير من تلك الاحتفالات المتصلة، واندثرت تلك الاحتفالات مع الزمن، ولكن دير جبل الطير احتفظ بتلك العادة. ولفت القمص متى كامل، راعى كنيسة الدير، إلى أن الملايين يزورون الدير، مسلمين وأقباطا وأجانب وباحثين، على مدار العام للتبرك بالمكان الذى أقامت فيه العائلة المقدسة 3 أيام أو البحث إلا أن الزيارات تُكثف فى موسم الزيارة.
وفى سياق متصل، يشهد الموسم هذا العام أجواء مختلفة إلى حد ما بعدما تم إدراج الدير ضمن رحلة الحج الدينية العالمية بمصر بعد موافقة بابا الفاتيكان، فرنسيس الأول، لتصبح كنيسة السيدة العذراء بجبل الطير بسمالوط مزارا سياحيا دينيا يقصده الملايين من جميع أنحاء العالم على مدار العام.
وواصل عصام البديوى، محافظ المنيا، اجتماعاته باللجنة العليا لتطوير منطقة دير جبل الطير، وشدد على ضرورة مراعاة أن يكون المخطط العام كمشروع تخطيطى متكامل وشامل لخدمة أبناء المنيا والترويج للمنطقة على أعلى مستوى لإظهار المكان فى أجمل صوره، ليس فقط على المستوى المحلى، بل أمام العالم أجمع، باعتبار أنه سيكون مقصدا سياحيا عالميا، بعد إدراج الدير ضمن رحلة الحج الدينية العالمية.
كانت جامعة المنيا نظمت ملتقى دير جبل الطير الدولى 2018 خلال أبريل الجارى، بمشاركة فنانين دوليين من دول إثيوبيا، وتونس، والمغرب، والكويت، ومقدونيا، ومصر، والكويت، وإيطاليا، والهند، ولاتفيا، والأرجنتين، وصربيا، وليتوانيا، وتارستان، والهند، لنقل انطباعاتهم الفنية والتشكيلية عن أهمية المكان أثرياً وسياحياً وجمالياً ونقله إلى العالم، ومن المقرر عرض تلك الأعمال فى متاحف عالمية لجذب أنظار العالم لخط سير العائلة المقدسة.