أقيم في المقر البابوي بالقاهرة اليوم السبت لقاءٌ لصحفيي الملف القبطي، في ضيافة قداسة البابا تواضروس الثاني ، ونظم المركز الإعلامي للكنيسة القبطيَّة الأرثوذكسية اللقاء تحت عنوان “لنعمل سويًّا”.
افتتح قداسة البابا اللقاء بكلمة ألقاها تناول خلالها موضوع بعنوان “الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.. تعريف وسمات” أكد خلالها على أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي أقدم كيان شعبي على أرض مصر، تأسست عام ٦٨ ميلادية عند استشهاد القديس مارمرقس في مصر وهو أحد تلاميذ السيد المسيح، وذهب إلى روما وكتب إنجيله، وكلمة إنجيل تعني بشارة.
وأضاف: أن إنجيل القديس مرقس هو أقصر الأناجيل، وهو كتب للرومان، لافتًا إلى أن القديس مرقس دخل إلى الإسكندرية ومعه عصا وهي ترمز للسند والرعاية، وصليب وهو يشير إلى الإيمان القوي الذي كان يحمله داخله وأنه وهو سائر قُطِع حذائه، وذهب لإنيانوس الاسكافي الذي أصبح أول من قبل الإيمان المسيحي في مصر، ومن خلال هذا الشخص انتشرت المسيحية في مصر، واستشهد القديس مارمرقس على يد الوثنيين، وهو بذلك أول بابا في الإسكندرية.
وأشار قداسته إلى بعض المعلومات الخاصة بباوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من بينها أن البابا كيرلس الخامس هو أكثر من جلس على الكرسي المرقسي وظل لأكثر من ٥٢ عامًا، وأن أقصر بطريرك جلس على الكرسي المرقسي هو البطريرك ياروكلاس لمدة ستة أشهر، وأقصر فترة فرغ فيها الكرسي المرقسي كانت ٤ أيام، وأطول فترة كانت ١٩ عامًا، لافتًا إلى أن طبقة الاكليروس هم الرعاة أي رجال الكهنوت الذين يرتدون الزي الأسود، وفي نفس الوقت هم جزء من شعب الكنيسة، وأن الكنيسة كيان شعبي، أسسها السيد المسيح، وهو الذي قال: “عَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي” (مت ١٦: ١٨).
ونوه إلى أن المسيحية انتشرت من خلال خمسة مراكز هى: أورشليم، الإسكندرية، وأنطاكية، روما ، القسطنطينية، وأن الكنيسة عاشت ثلاثة عصور، وهي تتكرر في كل عصر، أولها عصر التعليم والثاني هو الاستشهاد، حيث قدمت الكنيسة المصرية شهداء من مختلف الفئات والأعمار، والعصر الثالث هو الرهبنة التى بدأت وانتشرت في كل العالم، وفلسفتها هي “الانحلال من الكل والارتباط بالواحد” وبالطبع “الواحد” هنا هو السيد المسيح.
ولفت قداسة البابا إلى أن هذه العصور الثلاثة قدمت ٣ رموز لأفضل ما يقدمه الإنسان وهى العرق (التعليم) والدم (الاستشهاد) والدموع (الرهبنة).
وأكد أن الكنيسة بنت الوطن وخادمة للوطن ولكنها لا تعمل في السياسة، وأن المشاركة في الانتخابات أو وضع مواد الدستور هى تعد أعمال وطنية. ,أضاف: الكنيسة تخدم المجتمع من خلال بناء مدارس أو مستشفيات أو تتبنى مبادرات اجتماعية وخدمية، لافتًا إلى أن عدد المسيحيين في مصر يقارب ١٥ مليون مواطن، وأن عدد أبنائها في المهجر يقارب مليوني مواطن منتشرين في أكثر من ١٠٠ دولة.
ووصف قداسة البابا تواضروس ما يحدث في السودان بأنه أشر أزمة، وأنه يصلى من أجل أن ينجيها الله من هذه الأزمة الكبيرة.
وذكر أن الكنيسة تأسست في الخارج في زمن البابا كيرلس السادس في دول الكويت ١٩٦٢ ، وكندا ١٩٦٤ وامريكا ١٩٦٨ واستراليا ١٩٦٩ وانجلترا في ١٩٧١، وكانت هذه هي البذار الخمسة الأولى وتكونت هذه الكنائس من خلال المهاجرين المصريين الأقباط، وحاليًا يوجد خارج مصر أكثر من ٥٠٠ كنيسة قبطية أرثوذكسية، وأبعد كنيسة في دولة فيجى وتبعد عن استراليا ساعتين بالطائرة، وأن الكنيسة لديها كنائس في العديد من الدول، ويخدم بها نحو ٦٠٠ أسقف وكاهن وراهب، وأن الكنيسة القبطية تمتلك ١٠ أديرة خارج مصر.
وأوضح أن الكنيسة دورها أن تجمع الناس وأنها حفظتهم من الذوبان في المجتمعات الغربية، وهى أكبر خدمة قدمتها الكنيسة للوطن، ولذلك تعتبر الكنيسة في أي مكان بمثابة سفارة لمصر.
ومنذ عهد المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث نحرص في كل زيارة على زيارة السفارة المصرية في أي دولة نزورها.
وتابع: إن الكنيسة بدأت في إنشاء العديد من المستشفيات والمدارس في العديد من الدول وأنها أسست أكبر مستشفى لعلاج الايدز في دولة كينيا، فنحن نخدم الوطن بعيدًا عن السياسة، لذلك نرفض تأسيس أي أحزاب تابعة للكنيسة.
وحذر قداسته مروجي الشائعات والإعلام الذي لا يقدم الحقائق من خلال الآيات الواردة في سفر إشعياء “وَيْلٌ لِلْقَائِلِينَ لِلشَّرِّ خَيْرًا وَلِلْخَيْرِ شَرًّا، الْجَاعِلِينَ الظَّلاَمَ نُورًا وَالنُّورَ ظَلاَمًا، الْجَاعِلِينَ الْمُرَّ حُلْوًا وَالْحُلْوَ مُرًّا.” (إش ٥: ٢٠).
وأضاف: في سفر الرؤيا يقول الكتاب عن الذين سيكونون خارج الملكوت: “لأَنَّ خَارِجًا الْكِلاَبَ وَالسَّحَرَةَ وَالزُّنَاةَ وَالْقَتَلَةَ وَعَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَكُلَّ مَنْ يُحِبُّ وَيَصْنَعُ كَذِبًا.” (رؤ ٢٢: ١٥).
مركزًا على “كُلَّ مَنْ يُحِبُّ وَيَصْنَعُ كَذِبًا.”
وألمح إلى إنه لا ينشغل بالأكاذيب والشائعات، وأنه يجب على الصحفيين تربية العقل النقدى وليكون الشخص لديه القدرة على الإفراز.
وذكر قداسة البابا أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية “أم” وأنه عندما نجد مشكلة في إحدى الكنائس الشقيقة لابد أن نتدخل، كما يحدث حاليًا مع كنيسة إرتيريا.
وتابع إن زيارته للفاتيكان زيارة محبة، وأن الوفد المرافق لقداسته يضم ١٠ من الآباء وأنه سيلقي كلمة في الاجتماع العام لقداسة بابا الفاتيكان في ذكرى مرور ٥٠ عاما على زيارة المتنيح قداسة البابا شنوده الثالث في عام ١٩٧٣ .
وذكر قداسته أن زيارة الفاتيكان سوف تكون أيام ١٠ و ١١ و ١٢ مايو المقبل، وأن يومي ١٤ و ١٥ من الشهر نفسه ستشهد زيارة رعوية للشعب القبطي في روما، والكنيسة الكاثوليكية قدمت لنا كنيسة سان جيوفانى للصلاة بالأقباط هناك حسب طقسنا القبطى الأرثوذكسي، ونشكرهم على هذه المحبة.
ونوه إلى أن المملكة السعودية سمحت لنا بالصلاة في المناسبات في قاعات أحد الفنادق، وفي آخر مرة، صلى الأنبا مرقس مطران شبرا الخيمة، وصلى قداس عيد الميلاد مساء ٦ يناير، لافتًا إلى أن المملكة العربية السعودية تشهد على الانفتاح الكبير الذي تشهده المملكة.
وأشار إلى أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا لا جدوى منها، وأنها حرب بين دول وليس بين الكنائس.
كما تضمن اللقاء كلمة لنيافة الأنبا يوليوس الأسقف العام لكنائس مصر القديمة وأسقفية الخدمات قدم خلالها رؤية العمل في أسقفية الخدمات الاجتماعية ودورها التنموي في الكنيسة والمجتمع، وتناول الأب القس بولس حليم مدير إدارة التدريب والمؤتمرات بالمركز الإعلامي موضوع “دور الإعلام في بناء الوعي المجتمعي”، بينما تحدثت السيدة بربارة سليمان مدير المكتب البابوي للمشروعات عن دور المكتب وأهدافه من خلال الملفات التي يتولاها والتي يعد أبرزها مجالي التعليم والصحة.
وعرضت السيدة أوديت ورياض والمهندس بيير چورچ مسؤلا الموقع الإلكتروني الرسمي للكنيسة القبطية أبواب الموقع الذي يقدم محتواه بخمسة لغات هي الإنجليزية، والفرنسية، والإيطالية، واليونانية، إلى جانب اللغة العربية.
واختتم فقرات اللقاء بندوة “لنعمل سويًّا” أدارها القمص موسى إبراهيم المتحدث باسم الكنيسة.
وسلّم قداسة البابا شهادات تقدير على الحضور، وبعض الهدايا التذكارية وتم التقاط الصور التذكارية مع قداسته.