تشهد مدينة بابنوسة بـولاية غرب كردفان تطورات ميدانية متسارعة مع اتساع نطاق العمليات العسكرية بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع المتمردة، التي فرضت طوقًا خانقًا حول المدينة خلال الساعات الماضية، في وقت تتزايد فيه المخاوف من وقوع كارثة إنسانية جديدة بحق المدنيين المحاصرين.
وبحسب مصادر ميدانية وفق وكالة الأنباء السودانية سونا، فإن ميليشيا الدعم السريع شنت هجمات متكررة على الأطراف الشرقية والشمالية من بابنوسة، في محاولة لاختراق خطوط الدفاع التي أقامها الجيش السوداني والقوات المشتركة.
الميليشيا تستخدم الطائرات المسيرة والمدفعية الثقيلة
وأضافت المصادر أن الميليشيا استخدمت الطائرات المسيّرة والمدفعية الثقيلة في قصف الأحياء السكنية، ما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا المدنيين، وتدمير منازل ومرافق خدمية.
وفي تطور خطير، أفاد شهود عيان بأن ميليشيا الدعم السريع اعتقلت سبع أسر مدنية، بينها نساء وأطفال، أثناء محاولتهم الخروج من المدينة، فيما وصفته منظمات حقوقية بأنه جريمة حرب وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
كما تحدثت التقارير عن انتشار القناصة في محيط الأحياء السكنية ومنع حركة المدنيين بشكل كامل، ما يزيد من معاناتهم مع انقطاع الكهرباء والمياه ونقص الغذاء والدواء.
ويرى مراقبون أن معركة بابنوسة تمثل محورًا استراتيجيًا حاسمًا في خريطة الحرب الدائرة في السودان، إذ تقع المدينة على طريق النقل الرئيسي الذي يربط غرب كردفان بدارفور وبالحدود مع جنوب السودان، ما يجعلها عقدة مواصلات مهمة للإمدادات العسكرية والتجارية.
ويسيطر من يحكم بابنوسة فعليًا على طرق الإمداد بين ثلاث ولايات، إضافة إلى كونها نقطة التقاء بين المسارات النفطية وخطوط الإمداد الحيوي، ما يفسر شدة المعارك الدائرة حولها.
كما تعد المدينة مركزًا اجتماعيًا واقتصاديًا مهمًا لقبائل المنطقة، ما يجعلها هدفًا ذا بعد رمزي للميليشيا التي تسعى لفرض سيطرتها على غرب السودان بالكامل بعد سقوط الفاشر بيدها. غير أن الجيش السوداني، مدعومًا بالقوات المشتركة والمقاومة الشعبية، يواصل عمليات إعادة الانتشار والتحصين لمنع تمدد الميليشيا نحو مدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان.
من جهتها، حذرت منظمات إنسانية من تدهور الوضع الإنساني في بابنوسة، مع استمرار القصف العشوائي ومنع وصول المساعدات، مشيرة إلى أن المئات من الأسر محاصرة داخل المدينة منذ أكثر من أسبوع. ودعت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية إلى التدخل العاجل لوقف الانتهاكات وحماية المدنيين.
ويؤكد محللون أن تصاعد القتال في بابنوسة يكشف عن سعي ميليشيا الدعم السريع لتوسيع رقعة نفوذها وخلق واقع ميداني جديد لفرض شروط سياسية لاحقًا، في حين يرى آخرون أن ما يجري يعكس إصرار الجيش السوداني على الدفاع عن وحدة التراب الوطني ومنع الميليشيا من تحويل كردفان إلى منصة لتهديد بقية الأقاليم.