
تحظى محافظة كفر الشيخ، بوجود أماكن تراثية وأثرية هامة عبر العصور، ومن بين هذه الأماكن، كنيسة العذراء مريم بسخا، فهي تُعد واحدة من أقدم الكنائس ليس في كفر الشيخ وحدها، وإنما في مصر، والشرق الأوسط، والتي احتضنت العائلة المقدسة خلال دخولها مصر، وأنشئت الكنيسة التي تقع على مساحة 1000 متر مربع بعد قرون في المكان نفسه الذي أقامت فيه السيدة مريم وطفلها المسيح.
وتولي الدولة اهتمامًا كبيرًا، خلال هذه المرحلة، بمسار العائلة المقدسة، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والذي يعد من أهم الملفات التي تعكف وزارة السياحة والآثار على تطوير وتجميل مسار العائلة المقدسة، والذي يُعد أطول مسار ديني في العالم في مصر يبلغ طوله نحو 3500 كيلو متر، ويمر على 25 نقطة في مصر، بما فيها محافظة كفر الشيخ.
ومن جانبه، قال اللواء شعبان مبروك، رئيس مركز ومدينة كفر الشيخ، لـ"صدى البلد"، إنه سيتم تجميل وتطوير مسار العائلة المقدسة في المحافظة والذي يشمل زراعة النخيل على الجانبين، باعتباره رمز للسيد المسيح والسيدة العذراء ودهان الواجهات الملاصقة لكنيسة العذراء مريم الأـثرية بسخا باللون الأبيض رفع كفاءة الطريق المؤدي إلى الكنيسة بتكلفة 6 ملايين جنيه.
وأكدت الدكتورة صفاء العبد، مدير إدارة السياحة بديوان عام محافظة كفر الشيخ، أن هناك اهتمامًا كبيرًا من القيادة السياسية وجميع الوزارات المعنية بتطوير مسار العائلة المقدسة، باعتباره مشروع الدولة القومي للتنمية السياحية، مشيرة إلى أن المحافظة بقيادة اللواء جمال نور الدين، محافظ كفر الشيخ، تهتم بهذا الملف والذي سيتم تطوير وتجميل المنطقة المحيطة بكنيسة سخا الأثرية ومسار العائلة بالمحافظة بما يليق بمكانتها وقيمتها الأثرية والسياحية.
تاريخ كنيسة سخا الأثرية
تعرضت الكنيسة لحريق هائل في 16 يونيو عام 2008، وتبين أن سبب الحريق قيام راعي الكنيسة بإرسال فراش الكنيسة ليأتي له ببعض الطلبات، فنسى الفراش غلق باب الكنيسة فدخلت طالبة تشعل شمعة صغيرة أمام أيقونة العذراء لتساعدها بالامتحانات فمالت الشمعة وبدأ اللهب يأكل الخشب حول الأيقونة ثم الأيقونة نفسها فلم يبقِ منها أي قطعة ثم حجاب هيكل الرجال والسجاد حتى وصل إلى ربع الهيكل الأوسط وتم إخماد الحريق .
وفي عهده، قرّر اللواء أحمد زكي عابدين، وزير التنمية المحلية الأسبق، ومحافظ كفر الشيخ الأسبق- حينها- بترميم الكنيسة على نفقة المحافظة وإعادتها إلى سابق عهدها في أبهى صورة بالتنسيق مع وزارة الآثار التي قامت بتجديدها وفقًا للتراث المعماري القبطي بطرق هندسية وفنية في غاية الدقة والجمال، حيث تم استخدام طوب من نوع خاص أثناء البناء والتجديد.
افتتاح الكنيسة عقب تجديدها وتطويرها
وفي 31 مايو 2014، افتتح الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق والمستشار محمد عزت عجوة، محافظ كفر الشيخ الأسبق، أعمال تطوير كنيسة السيدة العذراء بـ"سخا"، بعد مرور 6 سنوات على حريق الكنيسة عام 2008، مشيدًا بمكانة الكنسية الأثرية، والتي بدأت في القرن الثالث الميلادي، في نفس المكان التي أقامت بها العائلة المقدسة خلال رحلة هروبها لمصر، وكان السيد المسيح يبلغ عمره وقتها 3 سنوات.
مقتنيات أثرية داخل الكنيسة
تحظى هذه الكنيسة بعدد من المقتنيات الأثرية، حيث رتبت الكنيسة دولابًا زجاجيًا وضعت به جميع الآثار التي عثر عليها بالكنيسة منها كأس مخصص للتناول غالبًا مصنوع من الفضة وكذا "الملعقة" ويعتبر تحفة أثرية نادرة حيث مدون عليه تاريخ سنة1213 ، والذي يشير إلى أن هذا الطاقم كان مخصصًا للخدمة سنة 1213 للشهداء تقابل سنة 1497ميلادية وكان ذلك في عصر البابا يوحنا البطريرك الثالث عشر في التسمية والرابع والتسعون في تعداد البطاركة في نهاية القرن الخامس عشر وبذلك يعتبر هذا الطاقم أقدم طاقم مذبح عرفه التاريخ عمره حوالي خمسة قرون.
وتضم بالكنيسة شمعدانًا مصنوعًا من الفضة تم إهداؤه من الخديوي إسماعيل باشا كما هو محفور عليه و كان منذ عام 1862 وقت أن كان الخديوى إسماعيل واليًا على مصر وكان في عهد غبطة البابا المعظم الأنبا كيرلس الخامس، كما يوجد بشارة وشورية ودف وتريانتو ودرج للبخور وصليب وتيجان مما تخصص للوضع على رأس العروسين عند عمل الإكليل جميعها من القرن التاسع عشر، وعُثر على مخطوط أثرى وهو عبارة عن قطمارس الآحاد ويرجح أن يكون هذا المخطوط من عمل القمص يوحنا الناسخ "البابا كيرلس الخامس".
أثر قدم المسيح في الكنيسة
ويوجد داخل الكنيسة أثر "حجر" يجمل قدم سيدنا عيسى، حيث أخفي في القرن الثالث عشر الحجر فى فناء الدير وظل مختفيًا إلى أن عُثر عليه فى القرن التاسع عشر بطريقة عجيبة ومعه تاج عمود حجري أثناء الحفر أمام البوابة الخارجية وأودع في صندوق داخل الكنيسة وأصبحت بعد ذلك كنيسة سخا مركزًا لجذب الزوار والرحلات الراغبين في التبرك من هذا الأثر النفيس ويقام تذكار فى 24 بشنس من كل عام يوافق أول يونيو.
6 أعياد مهمة تحتفل بها الكنيسة
وتحتفل الكنيسة بـ 6 أعياد مهمة منها، عيد السيدة العذراء مريم وهو يوافق يوم 21 من كل شهر قبطي، وعيد دخول المسيح أرض مصر يوم 24 بشنس الموافق 1 يونيه، وعيد نياحة الأنبا ساويرس الأنطاكى وهو يوم 14 أمشير الموافق 21 فبراير، وعيد حضور الأنبا ساو يرس إلى أرض مصر وهو يوم 2 بابه، وعيد نقل جسده إلى دير الزجاج 10 كيهك، وعيد نياحة الأنبا زخارياس أسقف سخا 21 أمشير.