تشير مؤشرات سياسية متصاعدة إلى اقتراب انطلاق المفاوضات المرتقبة حول المرحلة التالية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإدارة قطاع غزة، وسط ضغوط أمريكية متزايدة على إسرائيل لإحراز تقدم في هذا المسار، وفقًا لما نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية.
ويُنتظر أن يحتل الملف موقعًا محوريًا خلال اللقاء المرتقب بين ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نهاية الشهر الجاري، في وقت تسعى السلطة الفلسطينية لإثبات أنها طرف لا يمكن تجاوزه في عملية إعادة الإعمار وبناء النظام الإداري الجديد في القطاع.
تحركات فلسطينية لنزع سلاح حماس
وأفادت مصادر دبلوماسية مطلعة بأن القيادة الفلسطينية نقلت رسالة واضحة إلى واشنطن والدول الوسيطة، مفادها جاهزية أجهزة الأمن التابعة للسلطة للقيام بأعقد مهمة مطروحة في المرحلة الثانية من خطة ترامب، وهي نزع سلاح حركة حماس.
ووفق تلك المصادر، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونائبه حسين الشيخ خلال لقاءات مع قادة دول عربية خليجية ومصر استعداد السلطة لتنفيذ العملية، في إطار التزامات بإجراء الإصلاحات المطلوبة وفق الخطة الأمريكية.
وبحسب تقارير فلسطينية، أعاد عباس التأكيد على هذا الالتزام خلال مكالمة مع رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف، موضحًا أن السلطة تخطط لدخول قطاع غزة خلال عام 2026 وتولي المسؤولية المدنية فيه وفق مبدأ قانون واحد وسلاح واحد، بما يعني أن السلاح سيكون محصورًا بأجهزة الأمن الرسمية فقط.
وتؤكد السلطة أن وجودها عنصر أساسي لاستقرار أي إدارة مدنية في القطاع بعد إعادة الإعمار. وشدد حسين الشيخ خلال اجتماعاته مع توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وأحد المنخرطين في تشكيل الهيكل الإداري الجديد، على أن ملفات حساسة مثل السجل المدني، الوثائق الرسمية، الجوازات، التعليم، والبنوك، لا يمكن إدارتها دون مشاركة السلطة، باعتبارها الجهة التي تملك الأرشيف والأنظمة الأساسية لهذه الخدمات.
وكشفت السلطة أن مئات العناصر الأمنية التي جرى تدريبها في مصر خلال العام الماضي بانتظار الموافقة للدخول إلى القطاع، في إشارة إلى استعدادات عملية مبكرة لترتيبات أمنية جديدة تمتد إلى ما بعد عام 2026.
في المقابل، تواصل إسرائيل التعبير عن رفضها لعودة السلطة إلى قطاع غزة، ما لم تُنفَّذ إصلاحات جذرية كان قد نص عليها أيضًا إطار خطة ترامب.
وأكد مصدر سياسي إسرائيلي أن بلاده تشترط وقفًا كاملًا لسياسة دفع المخصصات للأسرى وعائلات القتلى الفلسطينيين، بالإضافة إلى إنهاء أي تحريض أو دعم للعمليات المسلحة ضد إسرائيل. ويؤكد المصدر أن تل أبيب لم تلمس حتى الآن أي تقدم جوهري في هذه الملفات.
وتشمل المطالب الإسرائيلية أيضًا إخراج منظمات الأمم المتحدة المعنية باللاجئين من مناطق السلطة وتحويل مخيمات اللاجئين إلى أحياء مدنية عادية، وهو ما يعني عمليًا إسقاط صفة اللاجئ عن الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية وغزة.
وتكشف مصادر سياسية أمريكية عن وجود تباين داخل إدارة ترامب: فهناك من يتمسك برؤية إسرائيل حول عدم قدرة السلطة، بصيغتها الراهنة، على منع أي نشاط مسلح ضد إسرائيل، بينما يرى آخرون أن إدماج السلطة في عملية إعادة إعمار غزة ونزع سلاح حماس، وإن كان بشكل تدريجي وتحت رقابة صارمة، قد يكون الخيار الأكثر واقعية وضمانًا للاستقرار.
ويتوقع أن تلعب القمة المرتقبة بين ترامب ونتنياهو دورًا حاسمًا في تحديد اتجاهات المرحلة المقبلة، خصوصًا مع تنامي الضغوط لإطلاق المرحلة الثانية من خطة ترامب التي ما زالت تثير جدلًا واسعًا بين الأطراف المعنية.