
أشادت إلينا بانوفا، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر، بما وصفته بالنموذج المصري في القيادة الحكيمة والمستقبلية، مؤكدة أن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" تُعد نموذجًا ملهمًا للاستثمار في الإنسان، من خلال تعزيز التعليم، وتطوير خدمات الصحة، وتوسيع شبكات الحماية الاجتماعية، وخلق فرص العمل.
وأضافت خلال كلمتها في اليوم العالمي للسكان: "هذه المبادرة تُجسد الرؤية التي تضع الإنسان في قلب عملية التنمية، وهي ترتبط ارتباطًا وثيقًا برؤية مصر 2030 وبأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة".
وأعادت التذكير بالدور الريادي الذي تلعبه مصر في القضايا السكانية منذ عقود، مشيرة إلى استضافة القاهرة للمؤتمر الدولي للسكان والتنمية عام 1994، والذي غيّر النظرة العالمية إلى الحقوق الإنجابية ووضعها في صلب السياسات التنموية.
وكشفت بانوفا عن أن تقرير حالة سكان العالم 2025، الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، يُسلط هذا العام الضوء على ما أطلق عليه "أزمة الخصوبة الحقيقية"، مؤكدة أن المشكلة ليست في عدد المواليد أو معدلات الإنجاب، بل في الأحلام غير المحققة لكثير من الأفراد الذين لا يستطيعون تكوين الأسر التي يرغبون بها، بسبب عراقيل خارجة عن إرادتهم.
جودة الخدمات الصحية
وأضافت أن هذه العراقيل تشمل مشكلات اقتصادية، وقلقًا من المستقبل، وصعوبات في إيجاد الشريك المناسب، بالإضافة إلى الفجوات في جودة الخدمات الصحية، والمعتقدات المجتمعية التي تقيد حرية النساء، وتفاوت الفرص بين الجنسين. وقالت: "مصر ليست بمنأى عن هذه التحديات، وهو ما تؤكده نتائج مسح الصحة الأسرية لعام 2021، التي أظهرت أن عددًا من الشباب والفتيات يواجهون صعوبات في اتخاذ قراراتهم الإنجابية بحرية".
وأثنت بانوفا على الخطوات العملية التي اتخذتها الحكومة المصرية لمواجهة هذه التحديات، خاصة من خلال مبادرة "مودة" التي توفر للشباب الدعم المعرفي والمهاري اللازم لتكوين أسر مستقرة قائمة على التفاهم والاختيار الواعي. كما أشادت بالاستراتيجية الوطنية للتمويل المتكامل، التي تُسهم في استدامة المبادرات التنموية الكبرى مثل "حياة كريمة".
وشدّدت على أن الحقوق الإنجابية ليست فقط مسألة كرامة شخصية، وإنما تُعد محورًا حاسمًا لتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار المجتمعي.
وقالت: "حين يكون لدى الناس القدرة على اتخاذ قراراتهم بحرية، فإن ذلك ينعكس إيجابًا على جودة حياتهم، وعلى نسيج المجتمع ككل".
وخاطبت بانوفا الشباب المصري قائلة: "أنتم مستقبل هذا الوطن، وقراراتكم اليوم تُحدد شكل الغد، أنتم لستم مجرد متابعين لما يحدث، بل أنتم صُنّاع التغيير وشركاء حقيقيون في التنمية، كل صوت منكم يُحدث فرقًا، وكل حلم تحوّله الأفعال إلى واقع".
وأكدت أن الأمم المتحدة، من خلال دورها في مصر، ملتزمة بدعم جهود الدولة المصرية في هذا المسار، مشيرة إلى أن "إطار التعاون من أجل التنمية المستدامة"، وهو خطة العمل المشتركة مع الحكومة المصرية لمدة خمس سنوات، يتماشى بالكامل مع رؤية مصر 2030، ويدعم تنفيذ مبادرات مثل "حياة كريمة"، من خلال الاستثمار في رأس المال البشري، وتعزيز النمو الشامل، وتحقيق العدالة بين الجنسين، وحوكمة الموارد الطبيعية.
وأوضحت بانوفا أن ما يميز عمل الأمم المتحدة في مصر هو قدرتها على الجمع بين الدعم الفني المتخصص، والمساعدات المستهدفة للفئات الأشد احتياجًا، والدور التنسيقي الذي يجمع بين شركاء التنمية حول رؤية موحدة.
وأشارت إلى أن اجتماع اليوم، الذي جمع ممثلي الحكومة، وفريق الأمم المتحدة، والشباب، وشركاء المجتمع المدني والقطاع الخاص، يُعد تجسيدًا فعليًا لرؤية مصر لمستقبل يشمل الجميع، ويقوم على كرامة الإنسان، ويستند إلى الصمود والمرونة.
واختتمت بانوفا كلمتها بالتأكيد على أن الشراكة بين الحكومة المصرية والأمم المتحدة قائمة على ثقة متبادلة ورؤية مشتركة.
وقالت: "نحن نثق في قدرة المصريين، وخصوصًا الشباب، على رسم مستقبلهم بأنفسهم، وبجهدنا المشترك، يمكننا بناء عالم تكون فيه الحرية في اتخاذ القرار واقعًا ملموسًا، وتُسمع فيه كل الأصوات، ولا يُترك فيه أحد خلف الركب".