القداس الإلهي.. هو مُصطلح يُطلق على الشعائر الدينية التي يحدث من خلالها المسيحيون الله- تبارك اسمه- إلا أن المصريين لا يعرفون ما هو القداس الإلهي، هل هو قداس واحد أم له "أنواع وأشكال".

يأتي هذا على ذكر استعداد الأقباط لبدء صوم الميلاد، وفي عادة الأصوام تُنظم الكنائس قداسات شبه يومية، إمعانًا في الزهد وهو العنصر المُكمل الأساسي لرحلة الصوم.

ما هو القداس؟ ولما يسمى بالإلهي؟

قال القس فيلبس كريم، أستاذ علم الطقس، إن كلمة قداس تأتي من الفعل "قدسَّ"، وتقديس الشئ أي وصوله لمرحلة القداسة، ولا يوجد من يمنح تلك الدرجة الرفيعة السامية إلا الله القدوس؛ فجميع البشر خطائين ولم يصل أحدهم إلى درجة القدسية تحت سبي ومظلة الخطية، لذا فإن القداس هو وقت يلتقي فيه المؤمنين بالله مباشرة، لذا يتقدس ذلك الوقت الذي يحيون فيه معه، وكذا المكان الذين يلتقون هم به حيث الكنيسة، وأيضًا العناصر المُستخدمة في القداس، إضافة إلى الإنسان نفسه.

وأشار لـ"الدستور" إلى أن أهم ما يميز قداس المسيحيين، هو أنهم يؤمنون أن تلاوتهم للصلوات بعمق وبروحانية يُسفر عنه حلول للروح القدس الذي هو الله، على القربان وعصير الكرم، ليتحولا إلى جسد ودم المسيح الذي يتناوله الأقباط بعد فترة صوم 9 ساعات مُتصلة لضمان فراغ المعدة من كل شئ بها وامتصاصها سريعًا للجسد والدم لئلا ينزلا في الفضلات، مما يسفر غفران خطاياهم وشفاء امراضهم الروحية والجسدية والنفسية إن كان لهم إيمان حقيقي بذلك.

أوضح كريم أن القداس يلزمه استعداد وتوبة خالصة من عمق قلب المصلي حتى تغفر خطيته.

من أسس القداس؟

أوضح الأب فيلبس أن المسيح هو من أسس القداس الإلهي، في يوم خميس العهد أو خميس الأسرار أو الخميس الكبير، وهو اليوم السابق لصلب المسيح مباشرة، واعتمد على 9 أفعال فقط، وهم أخذ خبزًا وبارك وكسر وأعطى تلاميذه، وأخذ كأسًا وبارك وذاق وأعطى تلاميذه، فخرجوا فرحين.

أنواع القداسات

قال المرتل مينا رشاد، إن الكنيسة عرفت أنواع القداسات الثلاث من كتاب قديم كتبه قسًا يُدعى شمس الرياسة بن كبر، في القرن الرابع عشر، والذي قال إن المصريين اعتادوا أن يُصلوا 3 قداسات الأول بينهم كتبه القديس باسيليوس الكبير، لذا يُسمى بالقداس الباسيلي، ويُصلي في الأيام السنوية العادية التي تخلو من الأصوام والأعياد.

 

بينما القداس الثاني ذو النغمات المُفرحة والذي يُصلي دوما في الأعياد هو القداس الجريجوري، والذي كتبه القديس جريجوريوس.

 

 واخيرًا القداس الكيرلسي الذي كتبه القديس مرقس الرسول مؤسس المسيحية في مصر، وأضاف عليه البابا كيرلس الرابع والعشرين في تاريخ باباوات مصر والملقب بـ"عمود الدين"، وهو يُصلي في الأصوام وشهر كيهك.

 

الكاثوليك والروم الأرثوذكس

الكنيسة القبطية الكاثوليكية تُصلي أيضًا القداسات الثلاث اللواتي تصليهم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بينما قال الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران الغربية وطنطا للروم الأرثوذكس، والمتحدث الرسمي للكنيسة في مصر، إنه في القرن الرابع شهدت الكنيسة ظهور عدة ليتورجيات "قداسات"، ومن المؤكد أن معظمها سُجل كتابيًا في هذا القرن.

وأضاف مطران الغربية وطنطا للروم الأرثوذكس، في تصريحات له، أن أهم تلك القداسات هي:

- قداس يعقوب أخو الرب: هي ليتورجيا رسولية تشكلت في أورشليم وكُتبت في نهاية القرن الرابع أو مطلع القرن الخامس، ومن هناك انتشرت في العالم.

- قداس الرسول مرقس: هي ليتورجيا رسولية إسكندرانية يونانية قديمة نشأت في مصر، عرفها القديس أنطونيوس الكبير وآباء الصحراء. بعد أن كانت تتناقل شفاهًا رتبها وكتبها باللغة اليونانية رؤساء كهنة الإسكندرية العظماء، الذين تحتفل كنيستنا بتذكاراتهم حتى اليوم، أمثال القديس القديس أثناسيوس الكبير في عام 330، والقديس كيرللس الكبير في عام 430 الذي أضاف إليه قانون الإيمان المسيحي كما رتب فيه خدمة رئيس الكهنة. ظلت هذه الليتورجيا اليونانية مستعملة في مصر حتى القرن الثالث عشر.

- قداس القديس باسيليوس الكبير منذ القرن الخامس، وهي المعروفة اليوم في كنائسنا، وكتبها القديس باسيليوس في قيصرية كبادوكية حين كان كاهنًا، ومن هناك انتقلت إلى القسطنطينية ومنها انتشرت في العالم.

- قداس القديس يوحنا الذهبي الفم: وهي المعروفة اليوم أيضًا في كنائسنا، وهي ليتورجية مختصرة لليتورجية القديس باسيليوس الكبير، وقد بدأت في الانتشار منذ القرن السادس.

- قداس القديس إكليموندوس: نصها موجود في كتاب "الأوامر الرسولية"، وقد كُتبت في سوريا، وفيها يقدم إكليموندوس تفاصيل الليتورجيا الأنطاكية، غير أن هذه الليتورجيا لم تُعمل قَط.