كيف أسس القديس مرقس الرسول مدرسة الإسكندرية اللاهوتية؟.. باحث يجيب
08.05.2025 16:49
اخبار الكنيسه في مصر Church news in Egypt
الدستور
كيف أسس القديس مرقس الرسول مدرسة الإسكندرية اللاهوتية؟.. باحث يجيب
حجم الخط
الدستور

تحيي الكنيسة الأرثوذكسية، اليوم، ذكرى استشهاد القديس مارمرقس الرسول المعروف بـ"كاروز الديار المصرية".

تأسيس مدرسة الإسكندرية اللاهوتية

ومن جهته، قال كيرلس كمال، الباحث الكنسي، في تصريح خاص لـ"الدستور": "إن القديس مرقس أسس مدرسة الإسكندرية اللاهوتية لتثبت التعليم السليم في وسط مدينة الإسكندرية الغنية بالثقافة والمعرفة. وكما يقول القديس جيروم، فإن الروح القدس أوحى له بذلك ليُورِّث الإيمان في وسط بيئة علمية وثقافية. وكان لهذه المدرسة فيما بعد دور ريادي كبير في المجامع المسكونية، وحفظ الإيمان والعقيدة وقت البدع والهرطقات".

منهج مدرسة الإسكندرية اللاهوتية

وتابع: بدأت هذه المدرسة في أول الأمر بتعليم المسيحية للموعوظين، ولم يكن لها مكان ثابت، بل كان على المعلم أن يعطي تلاميذه في أي مكان متاح لهم، حيثما وجد المعلم وجدت المدرسة.

وأضاف: كان يأتي إليها أمم ويهود ليتعلموا المبادئ والتعاليم المسيحية والإيمان السليم قبل أن يتأهلوا لنوال سر العماد المقدس. ولقد ضمت هذه المدرسة طلابًا من الجنسين، ولم تفرق بين رجل وامرأة، أو عبد وسيد، في وقت كان يتميز فيه المجتمع بالتفرقة والتمييز.

وأشار إلى أنه منذ القرن الثاني بدأت مدرسة الإسكندرية في الانفتاح. كما قام العلامة كليمندس السكندري بوضع نظام جديد للدراسة بالمدرسة، وهو وضع مناهج لدراسة الفلسفات والعلوم الأخرى لجذب الطلاب ومعرفة كيفية الرد على الوثنيين.

وتابع: أصبحت الدراسة فيها تُقسم إلى مراحل، وبالتدريج:

  • المرحلة الأولى : دراسة العلوم غير الدينية لغير المسيحيين، ليتعرف طالبو العماد على أساسيات المسيحية دون الدخول في حرب مع الفلاسفة.
  • المرحلة الثانية : وضع منهج أخلاقي هدفه الثبات في القداسة.
  • المرحلة الثالثة : منهج متقدم يهدف إلى معرفة الحق الإلهي. بالإضافة إلى ذلك، كانت العبادة تُمارس بجانب الدراسة، وكان المعلمون في غاية القداسة والزهد. وقد طبقوا في هذه المدرسة منهج البحث العلمي، والتنقيب، والمناقشة المستمرة.

التفسير الرمزي

وتابع: كان الهدف الرئيسي من مدرسة الإسكندرية هو شرح كلمة الله بطريقة روحية، وكانت تعتمد في مناهجها على طريقة الرمز والتفسير الرمزي لآيات الكتاب المقدس. ولم تُميل مدرسة الإسكندرية إلى التفسير الحرفي كما فعلت مدرسة أنطاكية. وكان منهجها هذا سببًا في خروج بعض المهرطقين.

مدرسة الإسكندرية والكنيسة القبطية

وأضاف: ساهمت مدرسة الإسكندرية في نمو وتطور وتعليم المسيحيين بالإسكندرية، وكانت جزءًا لا يتجزأ من الكنيسة. وبفضل هذه المدرسة وطرق التدريس فيها، استطاعت المسيحية أن تنتشر بين كل الطبقات والفئات المجتمعية في الإسكندرية. ومنهج هذه المدرسة جعل من أساتذتها وطلابها رجالًا مسكونيين استطاعوا أن يدافعوا عن الإيمان ويردوا الهرطقات. ولا عجب في ذلك، لأن الشعب المصري شعب محب لله بطبعه، بالإضافة إلى تعليمه اللاهوتي الذي تعلمه من خلال آباء الكنيسة، مما جعله شعبًا محافظًا على التقليد الرسولي.

نهاية مدرسة الإسكندرية

وأضاف كان آخر من تولى مدرسة الإسكندرية اللاهوتية هو القديس البابا ديسقوروس الخامس والعشرون، وبعد انقسام الكنيسة في مجمع خلقيدونية عام 451 م، أدى ذلك إلى اضمحلال وضعف دور مدرسة الإسكندرية اللاهوتية. وانتقل التراث العلمي واللاهوتي إلى أديرة وادي النطرون، الذين حملوا الراية بعد مدرسة الإسكندرية، وكان لهم دور كبير في نشر العلم الكنسي.

إحياء مدرسة الإسكندرية من خلال المدارس الإكليريكية

 

وبعد ذلك، تم إحياء مدرسة الإسكندرية من خلال المدارس الإكليريكية، وذلك بفضل الدور الكبير الذي بدأه وقام به البابا كيرلس الرابع، أبو الإصلاح، حيث مهد لإنشاء مدرسة إكليريكية لتعليم رجال الدين في الفجالة عام 1862م. ثم افتتحت المدرسة الإكليريكية رسميًا عام 1874م. واستكمل البابا كيرلس الخامس العمل على إحياء الأكليريكية مرة أخرى، وأعاد افتتاحها عام 1892م. وكان يديرها الأستاذ يوسف منقريوس، واستلم الراية من بعده القديس حبيب جرجس. حتى صار الراهب أنطونيوس السرياني أسقفًا للتعليم، وأظهر اهتمامًا كبيرًا بالمعاهد الدينية وأحياها من جديد.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.