أيمن الجندي يكتب .. كنائس المنيا
20.01.2019 05:19
Articles مقالات
المصري اليوم
أيمن الجندي يكتب .. كنائس المنيا
حجم الخط
المصري اليوم

بقلم أيمن الجندي

المشهد يدمى القلب فعلا: الكهنة المكدسون على عربة نصف نقل تحرسها الشرطة، وملامح الفرحة على وجوه القرويين المسلمين الذين يلوحون بأيديهم فى انتصار!، مشهد لا يليق بمصر، ويستحيل أن تشاهده فى بلد متحضر!، وإذا أردنا ألا يتكرر فعلينا أن نفهم ما سر نفورهم من وجود كنيسة.

 

■ ■ ■

 

هناك- أولا- ديكتاتورية الأكثرية فى مقابل الأقلية، وقدرتها على ردعها، وإحساس المرء بالدعم النفسى لوجوده فى إطار جماعة!، وهناك- ثانيا- الذات المقموعة بالفقر، وعدم الإحساس بالعدالة، وحقيقة أن القانون يسرى على البعض دون البعض، شعاره الجملة المقيتة (إنت مش عارف أنا مين).

 

هكذا هى نفسية الغوغاء الذين يفتعلون الصدامات الطائفية: فقير وجاهل وبائس ولا يشعر بالعدالة. فقير ولو كان ثريا لأنه ببساطة لا ينعم بآثار الحضارة. وجاهل حتى لو كان مدججا بالتعليم السطحى القائم على التلقين دون النقد. وبائس مرتين: مرة ببؤسه ومرة بجهله أنه بائس. ولا يشعر بالعدالة لأنه لم يجربها. ما الذى تبقى له من دعم الذات سوى أن يحتمى بالأغلبية التى تكفل له السيادة وإحساس الانتصار حتى لو كان زائفا وهميا؟. لم يفكر لحظة ما الذى سيخسره لو أقام مسيحيو قريته كنيسة أو عشر كنائس. هب أننى خرجت من منزلى فوجدت أمامى معبدا بوذيا هل سأتبوذ؟، كيف يمكن أن نعيد مناقشة البديهيات وحق المواطن فى ممارسة شعائره وهو آمن؟، ألا ما أضعف هذا النوع من الإيمان الذى لا يقوم إلا على إهانة معتقدات الآخرين وقهرهم؟!.

 

■ ■ ■

 

مشهد تجمهر البؤساء ضيقى الأفق يصعب أن تراه فى المدينة. حيث الكل يتعايش مع الكل، والجميع مشغولون بأنفسهم. فإلى متى هذه الإساءة البالغة التى يوجهها المسلمون لدينهم العظيم، ويصورونه بأنه دين ضيق الخلق يتحرش بأتباع الأديان الآخرين ويمنعهم من ممارسة شعائرهم؟.

 

■ ■ ■

 

لقد صار مملا أن نكرر المرة تلو المرة أن الإسلام برىء من هذا التعصب. ومللنا أن يخرج علينا شيخ الأزهر كل مرة بوجهه الآسف الحزين ليتلو نصوص التسامح والتعايش، ويؤكد أن الإسلام يحفظ حقوق المسيحيين فى كنائسهم بقدر ما يدافع عن المساجد. ثم يذكرنا بقوله تعالى إنهم الأقرب مودة، ومن غير المعقول أن يسمح لنا بالزواج ولا يسمح بالتهنئة.

 

أقول مللت لأن هؤلاء لا يبالون بما يقوله الأزهر. لقد ضعفت الثقة لأن الأزهر يتم استغلاله سياسيا. وقلنا وقال المخلصون إن ذلك لعب بالنار. دعوا الأزهر فى حاله، ولا تجروه إلى ملاعب السياسة، حتى يصبح لدينا صوت معتدل يصغى إليه العامة فى وقت الخطر.

 

■ ■ ■

 

والآن ماذا بعد أن كتبنا؟، هل للكتابة قيمة؟، أم أننا فى انتظار الصدام التالى!، لا شىء سيوقف هذا التحرش الطائفى إلا أن تتهذب طباعنا بالحضارة والفنون والفهم الصحيح للدين.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.