“حواسك المقدسة؛ ونقاوة قلبك؛ والوحدانية؛ وعمل الرحمة؛ والرجاء هم طريقك للحياة الجديدة ”
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية اليوم؛ عظة روحية وذلك أثناء صلاة القداس الإلهي الذي ترأسه قداسته بكنيسة العائلة المقدسة باتلبورو ماساتشوسيتي بعد تدشين مذابحها وأيقوناتها؛ حيث قال قداسته:
باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. تحل علينا نعمته باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. تحل علينا نعمته ورحمته من الآن وإلى الأبد آمين
“أنجيل هذا الصباح ايها الأحباء يتحدث عن مثل الخمس عذارى الحكيمات والخمس عذارى الجاهلات وفى كل مرة نحتفل بتذكار احدى القديسات سواء شهيدة أو غير شهيدة؛ تُعلمنا الكنيسة أن نقرأ هذا المثل وهو موجود فى انجيل معلمنا متى البشير إصحاح 25؛ والنهارده علشان في احتفال بتذكار شهادة القديسة صوفيا وبناتها؛ وعلشان كده الكنيسة بتعلمنا نقرأ ونأخذ بركة هذا الفصل من الإنجيل.
ومثل “العذارى الحكيمات” مثل تعليمي وربما يقول احداكم هذا المثل يخص العذارى واحنا ملناش دعوة لكن عايز أحكيلك أن هذا المثل ذكره السيد المسيح من أجل كل البشر ومن أجل تعاليمهم ولأنه بيدور حول الرقم (5)؛ انا عايز اشرح لك فيه 5 نقط رئيسية تهمنا وتخُصنا وبالذات اننا فى بداية السنة القبطية الجديدة؛ والكنيسة تختار هذه القراءات علشان ترسم معنا حياتنا للسنة الجديدة ودائمًا لما الواحد بيبدأ حاجة جديدة؛ بيبدأ بفكر جديد وبطريقة جديده ” الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُ ّقَدْ صَارَ جَدِيدًا. ”
أولًا: عدد العذارى كان خمسة ورقم خمسة تعبر عن الحواس
الأنسان له خمسة حواس وهذه الحواس هي التي يتعرف بها على الحياة كلها (العين الأذن والتذوق والشم واللمس؛ تُجيد المعرفة للإنسان) ومقصود بها فى هذا المثل تقديس هذه الحواس، ولما نقول فى هذا المثل ربنا أعطى كل الناس خمس حواس؛ هنا السؤال هل حواسك مقدسة؟ هل عينك وأذنك مقدسة؟، فى التقليد القبطي لما بندخل الهيكل بنخلع الحذاء لأن الهيكل بيت السيد الرب ومكانه المقدس الذي نتناول فيه الأسرار؛ والسؤال الأول في هذا المثل هل حواسك الخمس مقدسة؟
هل عينك لا ترى الا كل ما هو مقدس فقط؟
وهل اذنك لا تسمع الا كل ما هو مقدس؟
أولا ينبغي ان تكون حواسك مقدسة، والنهارده علشان كان في معموديات؛ بعد ما بنغطس الطفل يترشم بالميرون 36 رشمة بمثابة تقديس؛ ونسميه سر التثبيت ونقدس الأول الرأس “الفكر الانف والعين والفم” من الصغر حتى تصير هذه الحواس ملك لله وحينها يطلق على الطفل انه صار مسيحيًا.
ثانيًا: كانوا خمسة عذارى
ليس معناه عذارى الجسد بل المقصود بها بتولية القلب؛ كقول القديس أوغسطينوس” إن كانت بتولية الجسد للبعض فبتولية القلب للجميع”؛ ” هل قلبك كريم ولا مليان حجات كثيرة ملخبطه؛ افكاره ايه؟ ونياته ايه؟،
كانوا خمسة؛ وكانوا عذارى خمسة علشان نقدس الحياة؛ وعذارى علشان نعيش؛ بنقاوة قلبي أستطيع ان ارى الله” “آية (مت 5: 8): طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ. “بنقاوة قلبي ارى ربنا.
ثالثًا: هؤلاء الخمس كانوا يعيشون معًا يعيشوا فى وحدانية
الخمس العذارى كانوا يعيشوا معًا وكلمة معًا تعنى انهم كانوا متحدين فى بيت واحد وخدمة واحدة ورغبة وشهوة قلب المسيح اللي قالها في الصلاة الوداعية فى انجيل معلمنا يوحنا اصحاح 17 ” ليكون الجميع واحدًا ”
ما يكسر الوحدانية هي ذات الأنسان فقط، كانوا خمسة تقديس الحواس؛ وكانوا عذارى تقديس القلب ونقاوته؛ وكانوا خمسة معًا لأنهم في حالة وحدانية، أحيانًا الأنسان يكون بداخله صراعات ومشتت الذهن؛ وفى واحد عارف طريقه وسكته وواضح وفى وحدانية؛ وأحيانًا تلك الصراعات تصل به للأمراض النفسية، ولكن يوجد أنسان سكته واضحة وطريقه مستقيم.
رابعًا: كان معهم مصابيح مملؤة بالزيت
والزيت مقدس رمزًا للرحمة دائمًا وعارفين ان الزيت له استخدامات كثيرة؛ و لطيف؛ وكان معهم مصابيح؛ المصباح رمز حياة الانسان والزيت رمز أعمال الرحمة وهنا يأتي سؤال هام:
هل حياتك فيها اعمال رحمة ولا غائبة؟
ولذلك نكرر في الصلاة كلمة “كيرياليسون-يارب ارحم ” لأن كثيرين يصابوا بقساوة القلب؛ ونقوله يارب انا عارف ان رحمتك كبيرة ولما بشعر بيها باجعل قلبي دائمًا رحيمًا
الكنيسة بتعلمنا نُصلي ونقول “كيرياليسون” مرات كثيرة فى البيت والأجبية والكنيسة والترانيم حتى يملك الإنسان قلب الرحمة؛ وفى عبارة جميلة بنصليها
“ليس رحمة فى الدينونة لمن لم يعمل رحمة “؛ فعلى قدر ما تصنعه من رحمة هُنا تجد رحمة فى السماء، ونحكى من قصص الآباء: واحد كان بخيل خالص وكل ما حد يطلب منه شيء يطرده ويغلق البابا في وجهه وفى يوم اتى له رجل فقير طلب منه طعام فمسك بقطعة خبز بائسة ورماها في وجه الانسان الفقير؛ وبعدين نام وحلم انه في مكان حلو كبير فيه مائدة كبيره واناس كثيرة موائدها مليئة بالخيرات لأنهم صنعوا أعمال رحمة كثيرة ،ولما سأل الملاك عن مكانه فأخده فى طرف المائدة مكان عليه بس لقمة العيش البائسة التى اعطاها للفقير لأنها بمثابة عمل الرحمة الوحيد في حياته، علشان كده السؤال وأحنا بنسمع مثل العذارى الحكيمات؛ هل قلبك جاف؟، أعرفوا ان البشر لما بيتعاملوا مع بعض مباشرة قلبهم بيحن وتكون أعمال الرحمة كثيرة؛ لكن صار البشر يتعاملوا مع بعض من خلال الموبايل والتلفزيون وصار التواصل الإنساني بيمر من خلال أجهزة ليس لها مشاعر وكثر تعامله مع الأجهزة صارت معاملته من خلال اجهزه لا تشعر ولا تحس؛ علشان كده الرحمة فى بعض المجتمعات تلاقيها مختفيه، مثل العذارى النهارده هو نداء لكل أنسان ليكون معه مصباح ممتلئ بالزيت؛ والزيت هو عمل الرحمة؛ وقيس عمل الرحمة فى حياتك شكله ايه.
خامسًا: العذارى كانوا منتظرين برجاء
العذارى كانوا منتظرين برجاء مع بعضهم وشايلين المصابيح وكلهم منتظرين برجاء طيب هيجي امتى العريس؟ فى نص الليل؟ او بعد صياح الديك؟ او فى النهار؟؛ لا يعلموا ولكنهم منتظرين برجاء، اما العذارى الجاهلات كانوا شايلين مصابيح بدون زيت غير مجهزة؛ واما العذارى الحكيمات كانوا مُستعدين لمجيء المسيح حتى لما بيرسموا ايقونات العذارى الحكيمات منورة وأيقونات العذارى الجاهلات مصابيحهم مطفئة، ولما سمعوا العريس جاي ذهبوا للحكيمات ان يأحذوا منهم زيت لكن قالو لهم الزيت اللى معانا يكفينا فقط ؛اذهبوا واشتروا زيت؛ وفعلاً راحوا لكن لما رجعوا وجدوا العريس قد جاء ونسمع اشد عبارة من عبارات الأنجيل “أَخِيرًا جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضًا قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا!؛ فَأَجَابَ وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ. فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ”
أصل العذارى الجاهلات؛ ضيعتوا وقتكم على الفاضي وكان أولى ان تستعدوا ويصير مصباحكم مُنيرًا؛ وفى واحد يضيع عمره ويصير مصباحه مُطفئًا فكان الحكيمات منتظرين برجاء وهذا قيمة هذا المثل بالخمس العناصر اللي ذكرتهم.
1-العذارى حواسك مقدسة
2-كانوا عذارى وهذا نقاوة قلبك
3-وكانوا عايشين مع بعض ويعنى ان تكون انسان لا يدخل الانقسام قلبك او بيتك؛ وتكون عايش حياة الوحدانية مثل ما بنصلي في قانون الايمان ونقول كنيسة واحدة جامعة رسولية.
4-كانوا معهم مصابيح بالزيت يعنى عمل الرحمة
5-كانوا ساهرين يعنى على رجاء استقبال المسيح
هذا المثل هو مثل روحي يرسم أمامنا طريق حياتنا ويرسم للإنسان حياته؛ واقرأه في متى 25، ويقولنا فى رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 5
” فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ”؛ أحيانًا الواحد يظن نفسه حكيم مثل العذارى الجاهلات لكن بعدها يكتشف خطئ حياته وتفكيره، ربنا يحفظكم جميعًا.