Coptic for GOD

جاءت المحاضرة الرابعة من لقاءات “الوعي الإيماني الأرثوذكسي”، التي ينظمها لجنة الإيمان والتعليم بالمجمع المقدس، في سلسلتها الجديدة بعنوان “أمور حياتية تخص الإيمان” وتحمل المحاضرة الرابعة عنوان “نظرة المسيحية عن القدرية” يتحدث عنها القمص تادرس دانيال جبرة كاهن من إيبارشية أخميم وعضو في لجنة الليتورجيات بالمجمع المقدس.

بدأ القمص تادرس دانيال حديثه أنا سعيد بتواجدي مع نيافة الأنبا بنيامين، وفي تلك المحاضرة التي تخاطب شعب الكنيسة لتوعيتهم وتحياتي لقداسة البابا تواضروس على تلك المحاضرات التي تتيح المعرفة للجميع، موضوعنا اليوم هو القدرية.

القدرية هي اعتقاد قديم بأن قوة ما تهيمن على الكون وتسيره وهذا الاعتقاد قديم جدًا وتعتبر القدرية من أقدم العقائد الدينية التي عرفها الإنسان على مدى التاريخ البشرى كله، ولكن هناك صور من القدرية سأعرض أربعة صور للقدرية في هذه المحاضرة.

الصورة الاولى هي القدرية الاسطورية، المقصود هو القدرية فى نظر الأساطير القديمة أي كما قدمتها لنا الأساطير القديمة، حيث أنها تؤكد على وجود قدر على الكون كله ليس على الإنسان وحده، بل وحتى على الإلهة أي أنها تعلم أن قوة القدر تهيمن على الكون بجميع ما فيه حتى الآلهة، نحن نعلم من دراستنا لتاريخ الأديان أن الأديان القديمة كانت تعددية أي كانت تؤمن بتعدد الآلهة لكل اله قوة معينة وصفة مستقلة وكل إله مرتبط بمكان معين هذا هو مفهوم التعدد الذي يعنى تقسيم الصفات الإلهية على عدد من منهم، ولكن وراء هذا التعدد كان الناس يعتقدون أن هناك قوة كبيرة وحيدة هي التي تسير الكون كله، يوجد قول إن زيوس كبير الآلهة عند اليونان كان نفسه يخضع للقدر، لذلك أن القدرية اعتقاد قديم جدًا كما قلنا، وهذا الاعتقاد لا تزال آثاره باقية في العالم حتى الآن.

الصورة الثانية للقدرية تسمى في الفلسفة القدرية النجومية، هي أن الإنسان عندما يولد يرتبط مسيرة بمسير النجوم نحن نعلم أن النجوم تسير في فلك والفلك والنجوم لمها مسارات تحرك النجوم عن نمطها في مسيرها يتحكم في مسيرة الناس ولا زال هذا التعليم موجودة عند بعض الناس، ولا زال بعض الناس يعتقدون أن التنجيم أو النجوم لها تأثير قوي على حياتهم.

والصورة الثالثة هي القدرية الفلسفية، وتعني أن القدرية بررت أو فسرت وعللت بفلسفة ما، إن بعض الفلسفات التي ظهرت عبر التاريخ كانت تعتقد بالقدرية وتبرر لماذا تعتقد بها، في الحقيقة الإنسان نفسه انجذب نحو التعليم بالقدرية والاعتقاد بها والسبب بذلك أن الإنسان لاحظ أن بعض التصرفات أو الأفعال التي تحيط به غير المسئول عنها، وهي تأتي له بدون سبب فيفسر ذلك بوجود قوة كبيرة لا حدود لها هي التي تأثر به في مصير الناس، والفلسفة الرواقية و زنون مؤسس الروقية كان يؤمن بالقدرية المتشددة، ولكن كان الفيلسوف أفلاطون و أرسطو كل منهم لا يقبل القدرية، بل يؤمن أن الإنسان حر وأن الحرية هي الأساس وليس القدرية.

الصورة الرابعة هي القدرية اللاهوتية، وهي التي تعلم بها الأديان لذلك نستطيع أن نقول حتى الأديان التوحيدية مثل اليهودية كان بها بعض منهم يؤمنون بالقدرية، وحتى في المسيحية توجد بعض المذاهب التي تؤمن بقضاء الله وأن الله خلق بعض الناس للحياة ليفعلون أفعال خيرية وبعض آخر من الناس خلقهم للهلاك وهؤلاء لا يستطيعون أن يفعله إلا أفعال شريرة.

ولكن كنيستنا الارثوذكسية لا تؤمن اطلاقا بالقدرية، نحن نؤمن أن الله خلق الإنسان على صورته ومثاله، وأن الله أعلى للإنسان خيار وكل خيار يرتبط به قرار والقرار يكون مسؤولية الإنسان.

ولمعرفة اكثر عن القدرية يجب زيارة الرابط الخاص بالمحاضرة:

https://fb.watch/99XIIPcAHU/