
عقب أسابيع من الجمود في مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة يبدو أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو قد حسمت قرارها بالتصعيد والمضي نحو توسيع الحرب دون تغيير في شروطها الصارمة، وفي مقدمتها نزع سلاح حركة حماس التي ترفض من جهتها أي تسوية لا تضمن وقفًا تامًا وشاملًا للعمليات العسكرية.
ومع استعداد إسرائيل لمرحلة جديدة من الحرب بعد مرور أكثر من 18 شهرًا من العمليات العسكرية التي فشلت خلالها في تحقيق أبرز أهدافها وهي القضاء على حركة حماس وتحرير المحتجزين.
ووفقًا لتقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فإن التساؤلات تتصاعد بشأن مدى جدوى الخطط الجديدة في ظل ما وصفته الصحيفة الأمريكية بحرب استنزاف شرسة من جانب المقاومة الفلسطينية الذين لا يزالون يحتفظون بما يصل إلى 24 محتجزًا على قيد الحياة إضافة إلى جثث لعشرات آخرين.
وفي تطور لافت كشفت هيئة البث الإسرائيلية أن جيش الاحتلال يستعد لاحتلال مساحات إضافية داخل القطاع وتطبيق نموذج العزل المستخدم في رفح عبر إجلاء سكان من شمال ووسط غزة، في حين قدم رئيس الأركان إيال زامير خطة موسعة لنتنياهو تشمل استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط للمرة الخامسة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وأشارت القناة 13 إلى أن تلك التعبئة تأتي ضمن خطة تصعيد تدريجي ومدروس دون نية حالية لاحتلال القطاع بالكامل، ولكن مع توسيع فعلي لنطاق السيطرة العسكرية على الأرض.
وفي السياق نفسه، ذكرت صحيفة معاريف أن بعض ألوية الاحتياط التي يتم استدعاؤها ستتوجه إلى حدود لبنان وسوريا والضفة الغربية لتحل محل القوات النظامية التي سيُعاد نشرها في غزة تنفيذًا لتوجهات القيادة السياسية، وتزامنًا مع تلك التحركات بثت إسرائيل رسائل تهديد مباشرة لحماس، مؤكدة أن الوقت ينفد أمامها وأن التراجع لم يعد خيارًا.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسئولين بارزين تحذيرهم من أن الحركة لن تجد طريق عودة إذا استمرت في رفض العروض المطروحة.
التعبئة مؤشر لتغيير تكتيكات إسرائيل الميدانية
ووصفت صحيفة نيويورك تايمز التعبئة الأخيرة بأنها مؤشر لتغيير تكتيكات إسرائيل الميدانية في محاولة للضغط على حماس للتنازل، لكنها تساءلت عن مدى فعالية هذه الاستراتيجية خاصة أن الحركة قاومت بضراوة منذ بداية الهجوم الإسرائيلي على القطاع.
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل استأنفت عملياتها البرية في غزة في 18 مارس بعد هدنة دامت شهرين لكن التقدم البري تباطأ رغم استمرار الغارات الجوية، وهو ما يزيد من حالة الغموض بشأن قدرة إسرائيل على حسم المعركة ميدانيًا.
وفي الداخل الإسرائيلي أثار إعلان استدعاء الاحتياط موجة قلق متزايدة ليس فقط بين سكان غزة الذين يخشون تصعيدًا دمويًا جديدًا، بل أيضًا في أوساط عائلات المحتجزين الإسرائيليين الذين يخافون من أن يقضي أحباؤهم في أتون معركة قد لا تحقق أي مكاسب، وقد سعت هذه العائلات إلى تعبئة الشارع الإسرائيلي للضغط على الحكومة من أجل التوصل إلى هدنة جديدة مع حماس.
فيما صعدت بعض الأصوات داخل إسرائيل دعوات لإسقاط حكومة نتنياهو متهمة إياها بالتخلي عن المحتجزين، والسعي لمكاسب سياسية على حساب أرواح المدنيين والمخطوفين.
ويرى محللون أن ضغط المحتجزين ليس التحدي الوحيد أمام نتنياهو حيث حذرت تقارير من امتعاض جنود الاحتياط الذين تم استدعاء عدد كبير منهم للمرة السابعة منذ بداية الحرب بحسب ما نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت.
وبينما يرى فريق من الخبراء أن الحكومة الإسرائيلية تستعد فعليًا لشن هجوم كاسح قد يرفع من أعداد الشهداء بشكل غير مسبوق يرى آخرون أن هذه التحركات قد تكون مجرد وسيلة للضغط على حماس في المفاوضات الجارية، وأن التصعيد الكامل قد لا يتم قبل جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرتقبة في الشرق الأوسط منتصف الشهر الجاري، والتي تترقبها تل أبيب بحذر لما قد تحمله من تغيرات في مواقف الإدارة الأمريكية المقبلة تجاه الملفين الفلسطيني والإيراني.