قالت الدكتور تمارا حداد الكاتبة والباحثة السياسية الفلسطينية، إن مبادرة جو بايدن الرئيس الأمريكي لوقف إطلاق النار على قطاع غزة جاءت لتضع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في الزاوية لينفذ المقترح الإسرائيلي وتضعه في موقف ألا يتهرب من تنفيذ المقترح الذي وضعه الوفد المفاوض تحديدًا المستوى الأمني العسكري الإسرائيلي لمحاولة أخذ فترة استراحة مدتها ستة أسابيع تحديدًا.
وأضافت لـ"الدستور"، أن والمرحلة الأولى فيها فترة هدنة مؤقتة ومن ثم مرحلة ثانية لإخراج المحتجزين جميعهم واضح تمامًا أن الهدف إخراج المحتجزين لكن دون تحديد وقف إطلاق النار بشكل نهائي، بل مقترح مخصص لفترة مؤقتة وثم إخراج المحتجزين لكن إذا لم يكن بين مرحلة والمرحلة الثانية الحفاظ على الخطوط العريضة لإسرائيل فإن الاحتلال سيقوم باستئناف الحرب على قطاع غزة هذا يعني مبادرة بايدن هو ذاته المقترح الإسرائيلي من قبل المستوى الأمني لكن خال من الضمانات التي تشير لوقف إطلاق النار بشكل نهائي.
وأوضحت حداد، أن هذا ما ترفضه المقاومة الفلسطينية وإن تعاملت إيجابيًا بمقترح بايدن حتى لا يتم إلقاء الكرة بملعبها أنها أفشلت الصفقة والآن برد حماس أصبحت الكرة بملعب إسرائيل.
وأضافت أن إسرائيل لن ترد بشكل مباشر لإبقاء الباب مواربًا حتى تنفيذ أهداف الاحتلال في قطاع غزة وكسب الوقت والمماطلة حتى النهاية دون الرد على مقترح بايدن الذي جاء لإنقاذ وضعه الانتخابي بأنه قدم مبادرة لوقف إطلاق النار وأيضًا الوصول إلى تطبيع سعودي إسرائيلي بعد وقف إطلاق النار على قطاع غزة لكسب أصوات انتخابية قادمة.
وتابعت حداد: "من يتابع تسلسل العدوان على غزة منذ بدايتها حتى اللحظة يدرك أن مسار تحدي نتنياهو وتعنته سينقلب الأمر لصالحه، حيث إن الأخير كان يستخدم أسلوب إطالة الحرب وسياسة الإلهاء والمراوغة لكسب الوقت حتى تبقى الحرب مفتوحة لا إنهاء كليًا ولا استمرار كما بداية المعركة على قطاع غزة كما سياسة دول الغرب لا سلم ولا حرب وإنما دخول حرب استنزاف للطرف المقابل ليس للوصول إلى استسلامه، بل إلى إنهاء وجوده العسكري وتحويل قطاع غزة مسرحًا للعمليات العسكرية والأمنية بمعنى الدخول والخروج وقتما يشاء عند تجميع المعلومات الاستخباراتية حيث إن انسحاب الجيش من جباليا لا يعني تفاديًا لخسائر كما يشير بعض المحللين العاطفيين أو انتهى من مهمته ليس كما هذا تحديدًا".
وأشارت إلي أن الاحتلال قاصدًا الانسحاب لمعاودة الدخول وقتما يشاء ليثبت نظرية القبضة الأمنية وإعادة ثقة الشارع الإسرائيلي بجيشه بشكل تدريجي بعدما فقد ثقته به، لكن إذا استمرت سياسة جيش الاحتلال الإسرائيلي لعل أن تنقلب موازين الميدان لصالحه.
وتابعت حداد: "لذلك نتنياهو وحكومته الائتلافية لن يقفوا عند حد معين في الاستمرار لتحقيق عدة أهداف، منها تخفيف الديمجرافية الفلسطينية التي باتت مؤرقًا مزعجًا لليمين وأقصى اليمين والعقائديين".
الهدف الثاني، لن تسمح إسرائيل ومن يحكمها بهزيمتها بالمطلق إلا إذا توحدت الجبهات والتي أثبتت أنها لن تخرج عن سياق المشاغلة والمناوشة والتي لا تؤثر على سياق الحرب على غزة بل تشجعهم على استمرار تحقيق هدفهم التخلص من حماس وإزاحتها عن الحكم وهناك إجماع ضمني معلن وغير معلن من عدد من الدول لإنهاء أول ذراع سنية للمقاومة والبدء في تنفيذ مخططاتهم في القطاع لزحف التنفيذ نحو الضفة الغربية وما تصريحات وزير المالية بتسئيل سموتريتش إلا تنفيذًا لرغبات نتنياهو.
وتابعت: "وبالعكس حيث إن بن غفير وسموتريتش أهم أذرع البعد التنفيذي لمشاريع نتنياهو في الضفة الغربية، من بينها إضعاف السلطة، وإنهاء هيكلية وجودها الحالي، وهناك معطيات تشير إلى قدرة سموتريتش لتنفيذ أهوائه سيطرة الحكم العسكري الإسرائيلي على مفاصل الضفة الغربية، تقويض السلطة سياسيًا وماليًا، يقين الاحتلال أن السلطة ضعيفة لا تحرك ساكنًا لتحقيق وحدة حال في الصف الوطني، يقين الاحتلال أن السلطة الفلسطينية تنتظر نتائج الميدان لعل الأمور تنقلب لصالحها، يقين الاحتلال أن المراهنات الداخلية والخارجية لن توقف تحقيق حلمهم العقائدي في الضفة وغزة، كما أن الدعم الأمريكي قائم لن يتوقف، إضافة إلى أن التأثير الأوروبي ما زال ضعيفًا رغم التغيرات الأخيرة بين عدد من الدول الأوروبية التي اعترفت بالدولة الفلسطينية خطوة مهمة لكن غير مؤثرة طالما رأس الهرم الأمريكي ممسكًا بزمام أمور الملف الفلسطيني، والتأثير الروسي والصيني ما زال ضعيفًا، تحديدًا الملف الفلسطيني في منطقة الشرق الأوسط.
حداد: إسرائيل استثمرت طوفان الأقصى لتحقيق عدة أهداف
وأضافت حداد، أن أمام تلك المعطيات ليس إحباطًا لكن واقعيًا إسرائيل استثمرت طوفان الأقصى لتحقيق هدفين جعل القطاع كما الضفة الغربية مسرحًا لعمليات لا تتوقف، وإن خفضت وتيرتها عن بادئ الحرب، لكن ميدانيًا وعسكريًا وأمنيًا أصبحت ساحة تجارب لأسلحة جديدة تم صنعها، وقديمة لإتلافها، والضحية شعب أعزل لا يملك ترف الصبر، أو أي مقوم نصفه أنه قادر على الصمود، فالإنسان له حدود في الصبر والصمود هناك كارثة إنسانية وأزمة غذاء وشراب ودواء ومسكن ومبيت، كان المأمول النظر إلى معاناة شعب وليس تضخيم قوة مقاومة لا تستطيع مجابهة جيشًا مدججًا، وإن تم قتل جندي هنا أو هناك فهذا ليس مقياس خسارة أو فشل، بل هي ميدان حرب يحدث فيه قاتل ومقتول.
وأكدت حداد، أن التحليل الواقعي قد يكون مؤلمًا لكن أفضل من ألف تحليل يضلل الشعوب ويخون شعبًا أرهق وما زالت الحرب مفتوحة.
واختتمت حداد تصريحاتها قائلة: "فلا عجب بعد ثمانية أشهر أن نتنياهو ازدادت أسهمه مقابل غانتس رغم الأخير منذ بداية الحرب على قطاع انقلبت الموازين الشعبية لصالحه، لكن بعد استمرار الحرب وتعنت نتنياهو في الدفع نحو إطالة الحرب وتسويف مسألة المفاوضات تغيرت الوجهة الشعبية حسب استطلاعات الرأي الأخيرة نحو اليمين المتطرف، وهذا إشارة انزياح الشارع الإسرائيلي من يمين لأقصى اليمين ومستقبلًا لأصول عقائدية دينية تتفق كليًا مع المسيحية الصهيونية واليهودية الصهيونية، إيمانًا بخروج المسيح المنتظر".