منذ انطلاق الثورة السورية في مارس 2011، التي كانت بداية لحراك شعبي ضد النظام السوري تحت شعار "الحرية والكرامة"، شهدت سوريا تحولات كبيرة في المشهد العسكري والسياسي، انتهت بفرار الرئيس بشار الأسد إلى روسيا التي منحته اللجوء مع أسرته لأسباب قالت إنها إنسانية.
اندلاع الثورة
في البداية، كان الهدف مشتركًا بين فئات واسعة من الشعب: إسقاط النظام وإحداث تغيير ديمقراطي. لكن بعد سنوات من الصراع، أصبح المشهد السوري أكثر تعقيدًا، مع تزايد عدد الفصائل المسلحة وتضارب مصالح القوى الإقليمية والدولية.. فكيف تطورت هذه الفصائل منذ اندلاع الثورة وحتى اليوم؟
الجيش الحر
في الأيام الأولى للثورة، كانت الاحتجاجات سلمية في الغالب، لكن مع تصاعد قمع النظام، بدأ بعض المدنيين في حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم.
في عام 2011، تأسس "الجيش السوري الحر" بزعامة ضباط منشقين عن الجيش النظامي. كان الهدف في تلك الفترة توحيد جهود الثوار ضد النظام، وكان الجيش الحر في البداية يمثل المظلة التي تجمع معظم الفصائل العسكرية المعارضة.
ومع مرور الوقت، ظهرت العديد من الفصائل المسلحة الأخرى التي اتبعت توجهات متنوعة، سواء كانت إيديولوجية أو عسكرية. فبعض الفصائل اتجهت نحو العلمانية والمطالب السياسية الديمقراطية، بينما اتجه البعض الآخر نحو التطرف الديني، خاصة مع ظهور تنظيمات مثل "جبهة النصرة" التي أصبحت لاحقًا "هيئة تحرير الشام"، و"داعش"، الذي استطاع أن يسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي السورية في عام 2014.
تمويل خارجي
تعددت الفصائل المسلحة في سوريا بسبب التمويل والتسليح الذي حصلت عليه من قوى إقليمية ودولية. الولايات المتحدة، تركيا، في حين كانت إيران وروسيا تدعمان النظام السوري.
هذه القوى الخارجية لم تقتصر على تقديم الدعم العسكري فحسب، بل دخلت أيضًا في صراعات سياسية أدت إلى تقسيم الفصائل المسلحة إلى مجموعات متنافسة.
من جهة أخرى، كان تنظيم "داعش" يستفيد من الفوضى، ليُظهر نفسه كبديل للثوار السوريين.
وبفضل التمويل من مصادر متعددة مثل النفط والمصادر الأخرى التي سيطر عليها في مناطق شاسعة من سوريا والعراق، تمكن التنظيم من الاستيلاء على أراضٍ كبيرة وتأسيس دولته المزعومة التي كانت تهدد النظام الدولي في ذلك الوقت.. في المقابل، تراجع دور "الجيش السوري الحر" تدريجيًا أمام تصاعد قوة الجماعات المتطرفة.
تحولات ميدانية
بحلول عام 2015، بدأ مشهد الفصائل في سوريا يأخذ طابعًا من التفكك والصراع الداخلي بين تلك الفصائل. ففي الوقت الذي سعت فيه القوى الغربية لتقديم الدعم العسكري للمعارضة، أصبح النظام السوري يحظى بدعم عسكري ضخم من روسيا وإيران، ما سمح له باستعادة العديد من المناطق.
وأدت هذه التحولات إلى تراجع سلطة الجيش الحر في العديد من المناطق، مقابل صعود قوى أخرى مثل "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي شكلتها وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وبينما كان الصراع العسكري يشتد، كان هناك أيضًا تحولات سياسية، حيث ظهرت محاولات للوصول إلى تسوية سياسية عبر مفاوضات جنيف وأستانا، ولكنها لم تنجح في إنهاء الأزمة.
مع مرور الوقت، أصبح واضحًا أن الفصائل المعارضة باتت في وضع يصعب معه الاتفاق على رؤية مشتركة، وأدى هذا الانقسام إلى ضياع فرص الحل السياسي إلى أن أعلن رئيس الوزراء السوري رحيل بشار الأسد في الساعات الأولى من صباح الأحد، واستيلاء المعارضة المسلحة بقيادة أبومحمد الجولاني على دمشق.