تواصل الكنيسة الأرثوذكسية بمصر صوم الميلاد المجيد حتى ليلة عيد الميلاد المجيد والتي تحل في 6 يناير 2026.
هل يرتبط صوم الميلاد بأعجوبة نقل جبل المقطم؟
ومن جهته قال شريف رمزى، عضو اللجنة البابوية للتاريخ القبطى، فى دراسة تفصيلية، إن الأصل التاريخى لصوم الميلاد لا يرتبط بما يُعرف بأعجوبة نقل جبل المقطم.
وأوضح «رمزى» أن القوانين القديمة، مثل «الدسقولية»، لم تذكر شيئًا عن صوم الميلاد، بل أشارت فقط إلى عيد الميلاد الذى بدأ الاحتفال به فى القرن الرابع، حيث رتبت الكنيسة أن يسبقه صوم ليوم واحد للاستعداد، وهو ما يُعرف بـ«البرامون».
أما صوم الميلاد بصورته الحالية، فبين أنه لم يكن معروفًا فى الكنيسة القبطية قبل عهد البابا خرستوذولس، البطريرك الـ٦٦، فى القرن الحادى عشر، إذ نقله عن كنائس الغرب.
والأيام الثلاثة الأولى من صوم الميلاد، يربطها بعض المؤرخين المحدثين بمعجزة نقل جبل المقطم فى عهد البابا أبرام بن زرعة، البطريرك الثانى والستين، والخليفة المعز لدين الله الفاطمى فى القرن العاشر.
وقال «رمزى» عن ذلك: إن محاولات البحث المتكررة لم تقده إلى أى إشارة أبعد من تلك الواردة فى كتاب «الخريدة النفيسة» للراهب أفرام البراموسى، صاحب مجلة صهيون، وصدرت الطبعة الأولى من الكتاب عام ١٨٩٢م، قبل أن يُرسم مؤلفه أسقفًا على دير البراموس باسم الأنبا إيسوذورس.
وأضاف: «هذا الكتاب رغم أهميته ظل محل انتقاد دائم، لافتقاره التحقيق العلمى وميوله إلى الأحكام المسبقة، فضلًا عن إشكالية التوثيق، إذ لا يُعرف على وجه التحديد المصادر التى اعتمد عليها الكاتب».
وواصل: «تناول الراهب البراموسى فى كتابه أعجوبة نقل الجبل بشرح وافٍ، مستهلًا حديثه بذكر مآثر البابا أبرام بن زرعة، البطريرك المعاصر للمعجزة، الذى أضاف ثلاثة أيام إلى صوم الميلاد بعد أن كان أربعين يومًا فقط، وجعلها تذكارًا للحادثة الشهيرة وفريضة لحماية الكنيسة من مثل هذه المحن مستقبلًا».
وأكمل: «للأسف، ترسخ هذا الاعتقاد فى الأوساط الكنسية حتى تسرب أخيرًا إلى السنكسار- وهو كتاب طقسى يحوى أعياد القديسين ومناسبات كنسية أخرى تُقرأ منه فصول يومية فى القداسات- فى نسخته المعدلة الصادرة عن اللجنة المجمعية للطقوس، طبعة دير السريان، وللمرة الأولى فى التاريخ أصبحت الكنيسة تحتفل رسميًا بتذكار معجزة نقل جبل المقطم فى ثالث أيام صوم الميلاد، بعدما أُدرجت المناسبة فى السنكسار المعدل تحت يوم ١٨ هاتور».
وتولت اللجنة المجمعية للطقوس تنقيح السنكسار بتكليف من البابا شنودة الثالث، عام ١٩٨٨، وأنهت عملها فى يونيو ١٩٩٠، غير أن النسخة المعدلة لم تُنشر إلا فى يوليو ٢٠١٢، بعد رحيل البابا شنودة.
a68id2