جاء الهجوم الأخير بالأسلحة الكيميائية على بلدة خان شيخون في ريف إدلب الواقعة شمال غرب سوريا ليفتح النار على الجميع، حيث تطال الاتهامات الجميع، إلا أن المجتمع الدولي اتجه وبِلُغة اليقين في اتهام نظام الرئيس السوري بشار الأسد بارتكاب هذه المجزرة التي خلفت وراءها 80 قتيلا بينهم 27 طفلا على الأقل، بحسب منظمة اليونيسف"، و200 جريح.
ولكن هل فعلها الجيش السوري حقا ولماذا؟!
هل نظام الأسد في حاجة إلى القضاء على أهالي إدلب في ظل سيطرته التي تتزايد يوما بعد آخر على المناطق التي كانت بحوزة الجماعات المسلحة.
وقد طالت الاتهامات الجيش العربي السوري بتنفيذه للمجزرة قبل إجراء أي تحقيق سواء في الداخل السوري أو على نطاق دولي.
وعلى الرغم من أن الأسلحة الكيميائية السورية تم تدميرها في عام 2014، وقد نسب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الفضل في ذلك لنفسه، إلا أن الاتهامات لنظام الأسد تتزايد بما لا يدع مجالا للشك في وجود نية مسبقة لتدبير فخ جديد للأسد من الصعب أن ينجو منه.
وبحسب مراقبون فإن المعارضة حين يضعف موقفها يكثر الحديث عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يرتكبها النظام السوري، وهو ما يواجهه النظام، الآن، في مجزرة إدلب.
فقد بدأ العديد من النشطاء ممن يطلق عليهم "المعارضة المعتدلة"، يوم الثلاثاء الماضي، بنشر تقارير عن هجوم كيميائي في محافظة إدلب.
وانطلقت دعوات من المتابعين للشأن السوري بعدم الالتفات بما يروج له الخبراء الأوروبيون وأن نجعل هذا كله مجرد صدفة حتى نهاية التحقيق.
وهنا لوح المتابعون ببراءة "الأسد" وأن هناك أدلة أكثر إقناعا ببراءته، كشفت عنها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، بمحض الصدفة.
فقد استخدم الصحفيون طريقة مجربة في محاولة لتخويف القراء أكثر من الأسد، لقد أجروا مقابلة مع فتاة صغيرة كانت شاهد عيان.
كانت الطفلة مريم أبو خليل البالغة من العمر 14 سنة، في صباح يوم 4 أبريل، ذاهبة لتقديم امتحان بالقرآن الكريم، عندما رأت في السماء طائرة تقذف بقنبلة. ووفقا لها، وقعت القنبلة على مبنى منفصل واخترقت السقف، وبدلا من اشتعال النار في المبنى تشكل فطر عيش الغراب من ضباب أصفر وعلى الفور شعرت مريم بحرقة في العينين.
رسميا، هذه القصة تؤكد قيام سلاح الجو السوري بالهجوم الكيماوي. ولكن فقط إذا كان القارئ لا يهتم بالأسلحة الكيميائية. وهي الغالبية العظمى، ولكن في الواقع قصة مريم تؤكد تصريحات دمشق، والحقيقة هي أن القنابل الكيماوية لا تخترق السقف، فمختلف القنابل الكيماوية تنفجر في الجو، على حسب هدف وحجم القنبلة، فإنها تنفجر على ارتفاع من 50 إلى 200 متر، وتنشر مواد سامة على الهدف وتتحول إلى ضباب فوق المنطقة التي تم ضربها.
فلذلك إن كان الغرب و"المعتدلون" على حق، كان يجب أن ترى الفتاة أولا وهجا فوق قريتها، وبعد ذلك كان سيغطي القرية ضباب سام. لكن مريم قالت إنها رأت انفجار القنبلة في المبنى، وبعد ذلك انتشر غاز غريب. فمن غير المرجح أن الخبراء من وزارة الدفاع الأمريكية لم يستطيعوا تفسير شهادة الشاهد بشكل صحيح. أما الصحفيون في "نيويورك تايمز" سردوا القصة في مقالتهم عن وحشية "الأسد"، وحتى لم يعلموا أن قصة مريم حطمت كل أعمالهم.
وتجدر الإشارة إلى أن دمشق أعلنت عن إجراء تحقيق أولي، أظهر أن الطائرة السورية حقا قامت بإلقاء قنبلة، ولكن ناسفة فقط، والقنبلة ضربت مستودعا للأسلحة. ومن المتوقع أنه بالإضافة إلى وجود الذخيرة المخزنة يوجد مواد سامة أو مواد خام لإنتاج المتفجرات، التي غالبا ما تكون سامة جدا. انفجار القنبلة ألحق أضرار بحاويات المواد الكيميائية التي تسببت في وفاة العشرات من الناس.
وكان موقع " inforeactor" قد أفاد بأنه وفقا لمبدأ "ابحث عن المستفيد"، فإن اتهام الجيش السوري أمر سخيف فإن هذا سيسبب له فقط المشاكل، وإن كان الأسد بالفعل طاغية ودموي، فما الذي منعه من تدمير كل القرية بعدة قنابل عادية؟ لا شيء. أما "المعارضة المعتدلة" فلديها دافع قوي جدا، ففي حماة تعرضت لهزيمة ساحقة، وأما الجيش السوري فيعيد السيطرة على مدينة تلو الأخرى. ومن أجل إيقافه، استعانت "المعارضة المعتدلة" بفضيحة دولية أخرى.