منذ فترة وجيزة والشُعاب المرجانية تثير اهتمام الباحثين بشدة، ويقدرون أن 60% منها مهددة بالاختفاء بحلول عام 2030.
ويرجع العلماء ذلك إلى الاحتباس الحراري وزيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.
وينتمي المرجان إلى طائفة الزهريات الشعاعية التي تصنف ضمن شعبة اللاسعات، كما تشمل كلا من شقائق النعمان وقنديل البحر.
وتسمى الشعاب “الغابات المطيرة للبحر”، حيث تغطي الشعاب المرجانية الضحلة أقل من 0.1٪ من مساحة المحيط في العالم.
شعاب البحر الأحمر مهددة بالانقراض
تتعرض بعض الشعاب المرجانية في البحر الأحمر لخطر الانقراض بسبب تغير المناخ، والضغوط البشرية وعمليات التجريف المستمرة للشواطئ، فيطلق المرجان ملايين البويضات والحيوانات المنوية في مياه البحر، وهو ما يسمى عمليات التفريخ، حيث يندمج معا لتشكيل أجنة تنساق مع التيارات الساخنة لمسافات تقدر بمئات الكيلومترات مكونة شعابا مرجانية ومستعمرات في مناطق أخرى.
ولا يعرف العلماء على وجه الدقة العوامل البيئية التي تتحكم في تلك العملية، ولا حتى نظامها البيئى للتكاثر، وعلى الرغم من أن طريقة التزاوج لا تقتصر على المرجان فحسب، بل تستخدمها بعض أنواع قناديل البحر والحلزونات أيضا، إلا أن توقيت عملية التزاوج، والعوامل المؤثرة على نجاحها، غير معروفة بشكل كامل حتى الآن.
كيف تتكون الشعاب المرجانية
الشعاب المرجانية تتكوّن من هياكل اللافقاريات البحرية الاستعمارية والتي تسمى المرجان.
وتعرف أنواع المرجان التي تبني الشعاب باسم “المرجانيات الصلبة”، وذلك لأنها تستخرج كربونات الكالسيوم من مياه البحر لإنشاء هيكل خارجي قوي ومتين يحمي أجسامها الناعمة، كما تُعرف الأنواع الأخرى من المرجان التي لا تشارك في بناء الشعاب باسم المرجان اللين، والتي تعد كائنات مرنة تشبه النباتات والأشجار في كثير من الأحيان.
تغير العادات الطبيعية لإخصاب المرجان بالبحر الأحمر
ومن الملاحظ أن عمليات التفريخ الخاصة بالشعاب المرجانية في خليج العقبة بالبحر الأحمر والتى يحدث فيها تخصيب المرجان تغيرت تماما بمرور الوقت وفقدت تزامنها الحيوي، حيث وثق العلماء لحظة "تفريخ المرجان" الأخصاب فوجدوا أنها تحدث خلال خمس دقائق فقط مرة واحدة في السنة، وفي وقت غير معروف، مما قلل بشكل كبير من فرص الإخصاب الناجح فهى أحد أعظم الأمثلة على الظواهر المتزامنة في الطبيعة، إذ يحدث ذلك الطقس مرة واحدة في السنة، وفيه تطلق آلاف الشعاب المرجانية بيضها وحيواناتها المنوية على طول مئات الكيلومترات في وقت واحد في المياه المفتوحة وذلك ادى إلى ندرة الأجنة، فأوجد ظروفا تؤدي إلى انقراض الشعاب المرجانية في البحر الأحمر.
فشل تفريخ المرجان بالبحر نتيجة التغيرات المناخية
تطلق آلاف الشعاب المرجانية بيضها وحيواناتها المنوية على طول مئات الكيلومترات في وقت واحد في المياه المفتوحة، حيث تحدث عملية الإخصاب في وقت واحد، وهو ما أدى إلى نقص واضح في تزامن إطلاق البيض والحيوانات المنوية على جميع المستويات، ففي بعض مستعمرات المرجان، لم تنجح عملية إطلاق البيض والحيوانات المنوية إلى أي تفريخ، وبالتالي لم يولد أى مرجان على الإطلاق، في حين توالدت مستعمرات أخرى بشكل جزئي، أما القليل من المستعمرات فقد نجحت في التوالد بشكل كلي.
وعلى الرغم من أن الحالة العامة للشعاب المرجانية في البحر الأحمر كانت جيدة جدًّا، إلا أن الباحثين وجدوا أن هناك نقصا واضحا في الأجيال الحديثة، مما يعني أن بعض الأنواع التي تبدو وفيرةً في الوقت الحالي قد تكون على وشك الانقراض مستقبلا بسبب الفشل التناسلي.
انتشار الملوثات أحد أهم أسباب تدهور الشعاب المرجانية
وأكد بعض الباحثين أن هناك عدة آليات محتملة قد تكون السبب وراء انهيار تزامن التفريخ، فتتأثر دورات التكاثر المرجانية بدرجات حرارة المياه، وقد لاحظوا أن درجات حرارة البحر الأحمر ترتفع بمعدل 0.31 درجة مئوية لكل عقد، والانهيار في تزامن التفريخ قد يعكس التأثير المحتمل المميت لاحترار البحر الناجم عن التغير المناخي، كما أن هناك آلية أخرى يحتمل أن تكون مؤثرة في عملية التزامن، وهي وجود الملوثات التي تؤثر على هرمونات المرجان، والتي تتراكم في البيئات البحرية نتيجة الأنشطة البشرية المستمرة المؤدية إلى التلوث.
اختلال بقاء 450 نوعا من الشعاب المرجانية حول العالم
هذه النتائج بمنزلة دعوة للاستيقاظ في الوقت المناسب للبدء في النظر في التحديات التي تواجه بقاء الشعاب المرجانية، خاصةً أن تلك التحديات يُمكن أن تؤثر على أنواع إضافية في مناطق أخرى، على حد وصفه.
الأجيال القادمة سترى المرجان من خلال أحواض الأسماك
وتضيف الأبحاث الحديثة أن عملية إنتاج أنماط وراثية جديدة من المرجان تتحمل الإجهادات الحرارية غير ممكنة، ولكن الحل يكمن في تخفيف الضغوط البشرية على الشعاب المرجانية في البرية، ومن دون ذلك لن تشاهد الأجيال القادمة المرجان إلا في أحواض الأسماك الزجاجية.
تعايش الشعاب المرجانية مع التغيرات المناخية
تمكنت الشعاب المرجانية من التعايش مع التغيرات المناخية التي تحدث على سطح الأرض، من خلال بنائها لمستعمرات كلسية، إلا أن زيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون ستؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة البحار وزيادة الحموضة فيها، ما يؤدي إلى تفكك المستعمرات الكلسية والقضاء على الشعاب المرجانية.