قال نيافة الحبر الجليل أبينا
الحبيب والمكرم الأنبا بولس أسقف إيبارشية أوتاوا ومونتريال وشرق كندا في عظته في
كنيسة الملاك ميخائيل والقديس العظيم مرقوريوس أبي سيفين في لافال خلال القداس
الإلهي أمس الأحد، وهو اليوم التالي لعيد تذكار صعود جسد السيدة العذراء مريم: كل
سنة وحضراتكم طيبين بمناسبة عيد صعود السيدة العذراء، ومن المهم أن نفكر، لماذا
اختار ربنا يسوع المسيح السيدة العذراء لتكون أمه؟ وكيف صنعت السيدة العذراء مشيئة
الرب؟ فكما قال يسوع المسيح في قراءات انجيل اليوم الأحد، “أن من يصنع مشيئة
الله هو أخي وأختي وأمي”.
وشارك في صلاة القداس
أبينا الغالي والحبيب ميخائيل عطية راعي كنيسة الملاك ميخائيل والقديس العظيم
مرقوريوس أبي سيفين في لافال، بحضور جمع كبير من شعب الكنيسة، يحترمون قواعد الصحة
العامة الكندية والكيبيكية.
أضاف الأنبا بولس: أن من يصنع
مشيئة الله، عليه أن يعرف 3 أمور: الأمر الأول هو أن يعرف ما هي مشيئة الله،
والأمر الثاني هو أنه عندما نعرف مشيئة الله، علينا أن ننفذ هذه المشيئة في حياتنا،
والأمر الثالث بعد تنفيذ المشيئة، ربما يكون هناك قدر من الألم عند تنفيذ المشيئة.
هذه هي الأمور الثلاثة لتنفيذ مشيئة الله في حياتنا.
“الباسبور السماوي”
.. والمعرفة الاختبارية
أكد نيافته: أننا سنعيش مع الله
إلي الأبد، فليس هو موت لعبيدك ولكنه انتقال، لذا تعلم الكنيسة لأبنائها وبناتها
أن حياتنا على الأرض عبارة عن “ترانزيت” مرحلة انتقالية. ومنذ المعمودية
وحلول الروح القدس مع سر الميرون، كل واحد منها معه “الباسبور السماوي”
لندخل به السماء والأقداس، لنحيا إلى الأبد مع المسيح يسوع.
من المهم أن يعرف كل الناس من
هو يسوع المسيح المخلص، وهي ليس معرفة ذهنية فقط، ولكنها أيضا معرفة عملية، كلنا
نعرف أنه ولد من سيدتنا العذراء، وأنه يسوع المسيح المخلص، وهذه المعرفة، ليست
قاصرة علينا فقط، بل على الجميع، حتى الشياطين التي تعرف وتقشعر.
لكن الفارق أن أبناء الله لديهم
معرفة اختبارية، عند مواجهة أي تجربة أو مشكلة، هل نلجأ إلى عقلنا وأموالنا أو
صحتنا أو أولادنا، أم نلجأ إلى أبينا الذي في السموات؟ بالطبع نلجأ إلى الله وقت
الضيقة، ونخضع نفسنا في الصلاة، ونطلب منه أن يبين لنا مشيئته ويدافع عنا، هؤلاء
هم أولاد الله، الذين يعرفون الله، معرفة اختبارية.
الدعوة لتحمل الألم ومحبة
“الأغابي”
أوضح الأنبا بولس: النقطة
الثانية، أن نبدأ نطبق مشيئة الله في حياتنا، لذا معلمنا بطرس الرسول يقول إن صنعتم
الخير، حيث يدعونا الله لصنع الخير، وتألمتم وصبرتم، فهذه هي نعمة من عند الله.
ونؤكد هنا علي المحبة، محبة الجميع، الأخ والأخت، حتى من يكرهوننا، لأن الآية تقول
ما معناه أننا لو أحببنا من يحبوننا فأي فضل منا، لكن لو أحببنا من لم يحبوننا،
فهذه نعمة من عند الله. فوصية الله تقول احبوا أعدائكم، ولذا ندعو إلى الله أن يعطينا
القدرة على المحبة.
لذا كلمة حب أو محبة في الكتاب
المقدس تفسر في 3 معاني: تفسر أنها تريد أن نأخذ فقط، وهو “الحب
الشهواني”. أما التفسير الثاني فهو “من يحبني أحبه”. أما التفسير الثالث
والتعبير الأقوي وفهو “حب الأغابي”، وهو أن سيدنا وربنا يسوع المسيح
الذي أحب الجميع، حتي من لم يقبلوه، قبلهم وأحبهم إلي المنتهي، حتي بعد أن صلبوه،
وقالوا عليه أنه ببعلزبول يخرج الشياطين، وجلدوه وصلبوه، ورغم كل هذا أحبهم. القوة
التي تجعلنا نسمع مشئية الله في حياتنا، عندما نضعف، علينا أن نطلب من الله ان
يعطينا “حب الآغابي”، أن يعطينا أن نحب كل الناس علي حسب طاقتنا.
تجارب الشيطان لايقاف الحب
والمعرفة والإيمان
قال الأنبا بولس: أن الأمر
الثاني لقبول مشئية الله، وهو الإيمان، كما قال بولس الرسول، أنني عارف وعالم بمن
آمنت في حياتنا. السيدة العذراء آمنت لذلك اخذت البشاير المفرحة. حياة الإيمان
تتعارض مع الحواس، ومن يدير الحواس كلها في جسم الإنسان، وهناك قوة أعلي من قوة عقلنا، ولذا القديسون
يرون أمورا قد لا نستطيع رؤيتها، لأنهم يرونها بعين الإيمان.
وأخيرا، عند تطبيق المشيئة،
الشيطان لن يرتاح عندما نطبق مشيئة الله، لأن الشيطان سيسعي إلي اطلاق كل قواته
الشريرة عيلنا، لأنه يريد ايقاف الحب والمعرفة والإيمان، ويبدأ يثير مشاكل كثيرة
علينا، ويسلمنا لتجارب عديدة، وربنا يسمح بهذه التجارب، ويقول لنا لا تخف لأنني
معك وسأرفعك علي هذه التجرية. والبعض يتساءل لماذا يا رب تضعنا في هذه التجربة،
فيقول الرب لنا، لنا تخف أنا معك في هذه التجربة، فكما يقول المزمور “آمنت لذلك
تكلمت”.
ومن المهم أن نطلب طلبا مقدسا
من الله، وهو أنني آمنت بمشيئتك، وطبقتها في حياتي هي والحب الأغابي، لكن عدو
الخير لا يريد تطبيقها في حياتنا، فعضدني يا رب، مثل الآباء الرسل. وأما هم فذهبوا فرحين من أمام المجمع، لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من
أجل اسمه، وحققوا مشيئة الله في حياتهم، وتغلبوا علي الاضطهاد، واعطاهم الله القدرة علي التغلب علي
كل الآلام، ويضع داخل الإنسان الارتياح والطمأنينة. الله يعطينا نعمة أن نعرف مشيئته ونطبقها بالإيمان والمحبة، وأن نقبلها باحتمال الآلام لأجل ان يملئ فرحه قلوبنا.
هذا ويذكر أنه يجري العمل علي
قدم وساق في بناء كنيسة الملاك ميخائيل والقديس أبي سيفين في 5001 شارع سوفينير في
شوميدي لافال، وتعد هذه الكنيسة، ثمرة مباركة في عقد العمران الروحي والبنائي،
الذي يقدمه أبينا الحبيب نيافة الأنبا بولس لأبنائه وبناته من شعب الكنيسة
والإيبارشية.