بقلم د. ماريان جرجس
إن القلم ليس سفيرًا للعقل فقط كما يقولون، ولكنه أحيانًا يكون وسيلة اتصال قوية بين فرد وعائلته إذا تباعدت بينهم المسافات، هكذا هو الحال فى رسالتى الى عائلتى الصغيرة التي تباعدت المسافات فى الرؤى إثر الحادث الأليم؛ شهداء دير الأنبا صموئيل.
الألم هو أكثر الغمامات السوداء التى تعمى الأعين والأذهان، والمزايدة في حوادث الدم هي ألعن مخلفات الإرهاب التي يتركها الإرهاب الأسود بين أبناء الشعب بل الدين الواحد.
إن الحقيقة الأولى التي لا يجب أن تغيب عن الأذهان هي أن الإرهاب الأسود يريد أن ينال من الدولة المصرية سواء فى مؤسساتها الأمنية من أبناء الجيش والشرطة أو الأقباط، وجاء توقيت حادث المنيا قبل منتدى شباب العالم بيوم واحد فقط لإرسال صورة سيئة عن مصر للخارج من خلال الضيوف الأجانب.
لذا كل من طالب بإلغاء المنتدى اثر الحادث الأليم، فهو ينصر هدف الإرهاب دون أن يدرى، بل يساعده على تكرارها مرة أخرى، فاحترام المشاعر هو من آداب الإنسانية ودستورها ولكن دعونا نتخيل إذا تم إلغاء المنتدى وقتها ؟ استجابة لضغط الرأى العام.. فلن ينصر ذلك الإرهاب ويجعله يكررها كل مرة قبيل كل مناسبة أو مؤتمر؟
ولكن عدم إلغاء تلك المناسبة هو دحض هدف الإرهاب، فالمشهد كما لو كان طفلا صغيرًا يحاول استفزاز أهله بفعلة حمقاء، كلما يكررها ينجح فى استفزازهم وتحقيق مطالبه! أما لو فعلته الحمقاء لم تجدى فلن يكررها! لكن على العكس جاء موقف مصر إزاء ذلك الحدث هو التحدث للعالم من خلال ضيوفهم وإظهار صورة الإرهاب الأسود ومطالبتهم صراحة بالاعتراف بجرائم الإرهاب فى العالم أجمع. فذلك العالم الغربى الذى نستجير به هو نفس العالم والحكومات التى تعطى حريات للإرهابيين ومأوى باسم الحرية والديمقراطية! أما على هامش تلك الحوادث الأليمة، يظهر شخوص يطلقون على أنفسهم اسم "ناشط" أو "حقوقى" يهاجم كل من ينتهج الحكمة فى تلك المواقف والتريث وضبط النفس وفهم تداعيات الموقف ويتهمه بالسلبية والمزايدة على الدم، ولكن احذروا من هؤلاء، المتغنين بآلام وأجواع الناس.
العازفون على أوتار كل حادث ، فلماذا لا نسمعهم أو نراهم فى أى وقت آخر؟ أم أن هذا "الموسم" هو الذي سينعمون فيه بأرقام هائلة من المشاهدات و"الشير"؟
هؤلاء يعلمون جيدًا ما يفعلوه مستغلين وقت تأزم النفوس جميعًا مع اختيار ألفاظ تخاطب جروحنا جميعًا فى وقت لا يعمل العقل فيه قدر ما يعمل القلب، مع بعض من الهجوم على الدولة ومشاركة الإرهاب فى هدمها، ففى أوقات الألم لابد أن تجد النفس البشرية شخصًا أو حكومة أو شيئًا تلقى باللوم عليه وإلا أكلتها نار الألم هى فقط.
احذروا من هؤلاء الذين يتغنون بالألم لمصالحهم الشخصية فى الشهرة والانتقام من الدولة ومشاركة الإرهاب فى هدفه دون أن يقدروا تبعات ما يقولوه ويسعدون بانتشاره على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الموجه فمن الصادق هنا؟ الذى يغنى على أوتار الألم وعلى يقين من تعاطف الناس معه فى ذلك الوقت أم الذي يحاول إفاقة الرأى العام برأي سديد صحيح يعلم أنه سيُهاجم وينُبذ؟
دعونا نهزم الإرهاب بالعقل والفعل الصحيح بدلا من الاستسلام لغمامة الألم..