اكتسب لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره الأردني الملك عبد الله في البيت الأبيض، الأربعاء 5 أبريل/نيسان 2017، أهمية خاصة في نظر المهتمين بشؤون الشرق الأوسط.
وكان يُنتظر عقد هذا الاجتماع بفارغ الصبر، ولم يكن هذا الترقب دون أسباب، إذ إن الرئيس الذي واصل حديثه عن منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، وتعهَّد بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى مدينة القدس، سيستقبل ملكاً يراه كثيرون قوةً معتدلةً هامة في الشرق الأوسط، وفقاً لما جاء في تقريرِ مجلة فورين بوليسي الأميركية.
حليف معتدل
ويلعب الأردن دوراً هاماً في المشهد السياسي المُضطرِب في الشرق الأوسط؛ نظراً لموقعه الحيوي بين إسرائيل، والعراق، وسوريا.
ويُنظَر للأردن باعتباره حليفاً معتدلاً للغرب يمكن التعويل عليه، وحلقة وصل بين واشنطن والعالم العربي.
ويقول إيلان غولدنبرغ، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمعهد مركز الأمن الأميركي الجديد في واشنطن: "إنَّ الأردن ليس فقط جزيرة الاستقرار، بل أيضاً جزيرة الثقة. إنه أكثر شريك عربي يمكن الاعتماد عليه".
ولا يزال التوتر مشتعلاً خلف المشهد السياسي بسبب خطاب ترامب المعادي للمسلمين، وسياساته المُثيرة للجدل بشأن إسرائيل، ومحاولاته المتكررة لمنع المواطنين من الدول ذات الأغلبية المسلمة من السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية.
لكن إذا كان هناك شخصٌ يستطيع السير متوازناً على حبل سياسات الشرق الأوسط خلال عصر ترامب، فإنه الملك عبد الله.
ويقول ديفيد شينكر، المسؤول السابق في البنتاغون، الذي يعمل حالياً في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "تحظى عمّان بمكانةٍ نادرة للغاية في الكونغرس الأميركي، إذ تحظى بدعم كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي".
ويقول غولدنبرغ، وهو مسؤولٌ سابق رفيع المستوى في البنتاغون ومستشارٌ لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية: "يستطيع عبد الله تحقيق التوازن لسياسات واشنطن أكثر من أي زعيم عربي آخر. هناك الكثير من المسؤوليات الملقاة على عاتق هذا الرجل".
ولدى القائدين جدول أعمالٍ مُزدحم بالقضايا، بما فيها الحرب الدائرة ضد تنظيم (داعش) في سوريا والعراق، التي يقول عنها ترامب وغيره من مسؤولي الإدارة الأميركية إنها تقع على رأس أولويات السياسة الخارجية الأميركية.
سوريا
وخلال مؤتمرٍ صحفي مشترك، تحدَّث ترامب وعبد الله عن الشأن السوري، إذ قال الرئيس الأميركي إن الهجوم الكيماوي، الذي حدث الثلاثاء، 4 أبريل/نيسان 2017، "تجاوز الكثير من الخطوط" بالنسبة له. وعلى الرغم من إلقائه اللوم مسبقاً على إدارة أوباما، يعترف ترامب الآن بمسؤوليته تجاه هذا الأمر.
وقال ترامب: "إن ما حدث بالأمس هو أمرٌ غير مقبولٍ بالنسبة لي"، لكنه تجنب توجيه اللوم إلى روسيا ودعمها للأسد، مثلما فعلت سفيرته لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، الأربعاء 5 أبريل/نيسان.
من جانبه، شكر عبد الله ترامب على المساعدات المالية الأميركية الإضافية، المخصصة للاجئين الإضافيين الذين يستضيفهم الأردن.
وتعليقاً على الشأن السوري، قال عبد الله إن أحداث، الثلاثاء الماضي، هي تذكيرٌ بفشل الدبلوماسية الدولية في إيجاد حل للأزمة السورية حتى الآن.
ويعتزم عبد الله طرح وجهة نظر العرب، التي تتسم بالإجماع، بشأن القضية الفلسطينية - الإسرائيلية للنقاش خلال اللقاء. كما يتوقع أن يضغط على ترامب من أجل تقديم تعهد قوي بإحياء محادثات السلام.
وكان ترامب وسفيره لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، المتعصب والمثير للجدل، قد تراجعا مؤقتاً عن تعهدهما بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس- وهي خطوةٌ، يعتقد الخبراء أنها قد تشعل توترات جديدة في الساحة السياسية بالمنطقة.
أم المشكلات
ووصف الأردن سابقاً الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي بأنه السبب الرئيسي للاضطراب السياسي بالمنطقة، وربما يكون الملك عبد الله قد لعب دوراً في تأجيل تنفيذ وعد ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، في يناير/كانون الثاني 2017، عندما التقى بنائب الرئيس مايك بينس وزوج ابنة ترامب جاريد كوري كوشنر، الذي يعمل حالياً مستشاراً للرئيس، بعد أيام من تنصيب ترامب في الحكم.
وخلال المؤتمر الصحفي، أكَّدَ عبد الله على اعتقاده بأن القضية الفلسطينية- الإسرائيلية هي جوهر الصراع في المنطقة.
وقال إنه تحمَّسَ للإشارات المُبكرة بشأن نهج إدارة ترامب في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي. كما طمأن جمهوره بأن ترامب "يعي التحديات والتفاصيل الدقيقة" المتعلقة بالمشكلة.
وسيحاول عبد الله على الأغلب انتزاع تعهدٍ من ترامب، بألا تتأثر المساعدات الممنوحة للأردن بالقرار الرئاسي الخاص بخفض موازنة المساعدات الخارجية الأميركية.
وتلقى الأردن مساعدات أميركية تُقدَّر بحوالي 1.4 مليار دولار خلال عام 2016، وفقاً لمركز أبحاث الكونغرس. ويقول خبراء إن هذه المساعدات هامة من أجل دعم الاستقرار السياسي للأردن.
وبالتزامن مع لقاء الزعيمين، التقت الملكة رانيا، التي تشتهر بأنشطتها الحقوقية الداعمة للتعليم وتمكين المجتمع، بالسيدة الأولى ميلانيا ترامب لتناول الغداء وزيارة مدرسة ابتدائية محلية.