تمر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بفترة احتفالات عيد الغطاس المجيد، والذي يعتبر ثالث الأعياد السيدية في عام 2024، بعد احتفالات الكنيسة بعيدي الختان المجيد في 15 يناير، والميلاد المجيد يوم 7 من نفس الشهر، إذ تضع الكنيسة الميلاد والغطاس في قائمة الأعياد السيدية الكبرى، بينما الختان في قائمة الأعياد السيدية الصغرى.
شريف برسوم، الباحث الطقسي، قال في تصريح خاص لـ"الدستور"، إن معمودية يوحنا المعمدان تعتبر سبيلا لاعتراف الشخص المعمد بخطاياه وأنه في حاجة للتطهير منها، وعلى الرغم من أن السيد المسيح لم تكن له خطيئة، إلا أنه اعتمد على يد يوحنا المعمدان لعدة أسباب أبرزها هو أن يُعلم الجميع الاتضاع وهو أنه لا مشكلة أن يعترف الفرد بأنه يُخطئ، فهو ولم يخطأ البتة لم يستحي من فعل ذلك، بل فعل الأصعب وهو أنه تعلق على صليب العار كأي مجرم.
كما أشار (برسوم) إلى أن المسيح أراد بذلك أن يرسي مبدأ وهو ربط المعمودية بدخول السماء وهو ما أعلنه رسميا في لقاءه بأحد أثرياء اليهودية وهو نيقوديموس والذي قال له «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ." (يو 3: 5).
ومن جانبه قال المطران إيروثيوس فلاخوس مطران كنيسة الروم الأرثوذكس في نافباكتوس، في تصريح له على خلفية الاحتفالات، إنه بما أن معمودية يوحنا قادت البشر إلى تحسس خطاياهم وهيأت الشعب لتقبّل معمودية المسيح الأكثر كمالاً، وبما أن المسيح كان إلهاً كاملاً وإنساناً كاملاً ولم يخطأ أبداً، لماذا اعتمد إذن؟ الجواب على هذا السؤال يكشف لنا حقائق عظيمة.
ويقول القديس يوحنا الدمشقي، إن المسيح لم يعتمد لأنّه كان بحاجة إلى التطهر "بل لينسب لنفسه طهارتنا". كما أن المسيح تألّم وصُلب من أجل الجنس البشري وأحسّ بالألم وبالأسى العظيمين، كذلك هو نَسَب لنفسه طهارتنا.
وأيضا قال الأنبا نيقولا انطونيو، مطران طنطا والغربية للروم الأرثوذكس، ومتحدث الكنيسة الرسمي في مصر، ووكيلها للشؤون العربية، في تصريح له إنه نزل كلمة الله المُتجسِد إلى نهر الأردن لا ليقبل معمودية التوبة حيث إنه هو الوحيد الذي بلا خطية الذي قال لليهود: "مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟" أي مَنْ مِنْكُمْ يمسك عليَّ خطية؟، لكنه قد قبِلَ معمودية التوبة ليس لسبب إلا ليُقدِس الماء ويجعله مصدرًا لولادتنا منه حينما نعتمد من الماء والروح، ومجيء الروح القدس على هيئة حمامة كان لمَسْح الرب يسوع من جهة الناسوت لأنه بلاهوته في وحدة مع الروح القدس ولكن في تجسُده أصبح رئيس الكهنة والنبي والملك.
الجدير بالذكر أنه اعتاد باباوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الراحل شنودة الثالث، والحالي تواضروس الثاني، على تقسيم فترات الأعياد بين القاهرة والإسكندرية، فيقضى بابا الكنيسة عيدي الميلاد المجيد، والقيامة المجيد في القاهرة، بينما يقضى احتفالات رأس السنة الميلادية وعيد الغطاس المجيد برفقة شعب الإسكندرية.