ردًا على القصف الإسرائيلى للقنصلية الإيرانية فى دمشق ومقتل مستشارين عسكريين إيرانيين كبار بها، قبل نحو أسبوعين، أطلقت إيران، مساء أمس، عشرات الصواريخ والطائرات المُسيّرة باتجاه إسرائيل، فى إطار «عملية محدودة»، أسفرت عن وقوع أضرار طفيفة بقاعدة «نيفاتيم» العسكرية الإسرائيلية، التى عادت للعمل فى اليوم التالى.
وأعلنت إسرائيل عن أنها نجحت فى التصدى لـ٩٩٪ من التهديدات الإيرانية، بمعاونة الدول الحليفة لها، على رأسها الولايات المتحدة، كما أعادت فتح المجال الجوى بعد إغلاقه لعدة ساعات، فيما أكدت واشنطن إدانتها الهجوم بأشد العبارات، وأنها ملتزمة بأمن إسرائيل بشكل صارم، لكنها أيضًا لن تدعم هجومًا مضادًا من تل أبيب على طهران، وسط تزايد الدعوات فى المنطقة والعالم لوقف التصعيد المتبادل فى المنطقة.
مصر تطالب بممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنيب المنطقة مخاطر عدم الاستقرار
أعربت مصر عن قلقها البالغ تجاه ما تم الإعلان عنه من إطلاق مُسيّرات هجومية إيرانية ضد إسرائيل، ومؤشرات التصعيد الخطير بين البلدين خلال الفترة الأخيرة، مطالبة بممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنيب المنطقة وشعوبها المزيد من عوامل عدم الاستقرار والتوتر.
واعتبرت مصر- فى بيان أصدرته وزارة الخارجية، مساء أمس- أن التصعيد الخطير الذى تشهده الساحة الإيرانية الإسرائيلية حاليًا ما هو إلا نتاج مباشر لما سبق، وأن حذرت منه مصر، مرارًا، من مخاطر توسيع رقعة الصراع فى المنطقة على إثر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والأعمال العسكرية الاستفزازية التى تمارس فى المنطقة.
وأكدت مصر أنها على تواصل مستمر مع جميع الأطراف المعنية، لمحاولة احتواء الموقف ووقف التصعيد، وتجنيب المنطقة مخاطر الانزلاق إلى منعطف خطير من عدم الاستقرار والتهديد لمصالح شعوبها.
إعادة فتح المجال الجوى الإسرائيلى.. وإشادة بمشاركة الدول الحليفة فى التصدى للهجوم
قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الإسرائيلية، إنه تمت إعادة فتح المجال الجوى الإسرائيلى فى الساعة ٧:٣٠ من صباح أمس، بعد غلقه منذ منتصف الليلة السابقة أمس، نتيجة للهجوم الإيرانى على الأراضى الإسرائيلية، ردًا على قصف القنصلية الإيرانية فى دمشق ومقتل مستشارين عسكريين إيرانيين كبار بها قبل نحو أسبوعين.
وأوضحت الصحيفة، فى تقرير لها، أنه تمت مطالبة المسافرين بالتحقق من شركات الطيران وعلى الموقع الإلكترونى لهيئة المطارات الإسرائيلية بشأن مواعيد الرحلات الجديدة قبل الوصول إلى المطارات، مشيرة إلى أنه ستتم إعادة فتح المطارات الداخلية خلال ساعات النهار.
ورغم فتح المجال الجوى، أعلنت شركة الخطوط الجوية الفرنسية «إير فرانس» وشركة «كيه إل إم» (الهولندية)، المتحدتان تحت مجموعة «الخطوط الجوية الفرنسية- كيه إل إم»، عن أنه «فى ضوء الوضع الأمنى السائد فى إسرائيل فى اليوم الأخير، فإن المجموعة مضطرة إلى إلغاء رحلات (إير فرانس) يومى الأحد والإثنين من وإلى إسرائيل، (والهولندية) خلال يوم الأحد فقط من وإلى إسرائيل».
من جانبه، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، بالنصر، فى منشور مقتضب على حسابه على منصة «إكس»، قال فيه: «اعترضنا وتصدينا، ومعًا سننتصر».
وقال الجيش الإسرائيلى، على لسان الناطق باسمه اللفتنانت كولونيل دانييل هاجارى، أمس، إن إسرائيل اعترضت ٩٩٪ من التهديدات التى أرسلتها إيران، أمس الأول، مشيرًا إلى أنه جرى إطلاق العشرات من صواريخ سطح- سطح على إسرائيل، وتم اعتراض غالبية الصواريخ خارجها.
وأضاف «هاجارى» أن صواريخ قليلة سقطت داخل إسرائيل، وألحقت ضررًا طفيفًا فى قاعدة عسكرية بالجنوب، وهى قاعدة «نيفاتيم»، التى تواصل العمل رغم تضررها.
ووجّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى الشكر لفرنسا؛ كونها ضمن الدول التى شاركت فى الدفاع عن إسرائيل من الهجوم. وأضاف: «فرنسا لديها تكنولوجيا وطائرات ورادارات رائعة، وأعلم أنها شاركت فى تأمين المجال الجوى»، لكنه قال إنه «لا يعلم تفاصيل دقيقة بشأن ما إذا كانت الطائرات الفرنسية قد أسقطت أيًا من الصواريخ التى أطلقتها إيران».
فى الإطار نفسه، أشاد الرئيس الإسرائيلى، يتسحاق هرتسوج، بمشاركة الدول الحليفة فى التصدى للهجوم الإيرانى على إسرائيل.
وصباح اليوم، أغارت طائرات الجيش الإسرائيلى على عدد من البنى التحتية التابعة لـ«حزب الله» فى منطقة جباع جنوب لبنان. وخلال الليل، قصفت طائرات مقاتلة تابعة للجيش الإسرائيلى منشآت عسكرية للتنظيم فى منطقتى الخيام وكفركلا.
من جانبها، أشارت وزارة الخارجية الإسرائيلية، فى بيان صحفى، إلى الهجوم الإيرانى غير العادى، قائلة: «لقد كان ليلًا وصباحًا طويلين، ولكن هناك شيئًا واحدًا واضحًا؛ نحن أقوياء وصامدون ولن نستسلم أبدًا، وأولئك الذين يؤذون الشعب الإسرائيلى سيدفعون الثمن».
فيما قرر المجلس الوزارى الإسرائيلى للشئون السياسية والأمنية «الكابينيت الموسع»، فجر أمس، تخويل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف جالانت، والوزير فى «كابينيت الحرب» بينى جانتس، باتخاذ القرارات المناسبة فيما يتعلق بالهجوم الإيرانى.
بريطانيا: إرسال طائرات مقاتلة إضافية للشرق الأوسط
أعلنت الحكومة البريطانية عن إرسال طائرات مقاتلة إضافية إلى الشرق الأوسط، مشددة على أنها ستعترض، إذا لزم الأمر، أى هجوم جوى.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية، فى بيان نشره الموقع الرسمى للحكومة البريطانية، إنه ردًا على التهديدات الإيرانية المتزايدة وتزايد خطر التصعيد فى الشرق الأوسط، تعمل حكومة المملكة المتحدة مع الشركاء فى جميع أنحاء المنطقة لتشجيع وقف التصعيد ومنع المزيد من الهجمات.
وأضافت: «نقلنا عدة طائرات إضافية تابعة لسلاح الطيران الملكى وناقلات التزود بالوقود الجوى إلى المنطقة، ومن شأن ذلك أن يعزز عملية (شادر)، وهى عملية المملكة المتحدة الحالية لمكافحة داعش فى العراق وسوريا».
وتابعت الوزارة: «بالإضافة إلى ذلك، ستقوم هذه الطائرات البريطانية باعتراض أى هجمات محمولة جوًا فى نطاق مهامنا الحالية، حسب الحاجة».
الأمم المتحدة تدعو إلى تجنب المواجهات العسكرية
دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إيران وإسرائيل إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والتحلى بالهدوء؛ بهدف تجنب المزيد من تصعيد التوتر فى المنطقة، والوقف الفورى للأعمال العدائية.
وأعرب «جوتيريش»، فى بيان أصدره أمس، عن قلقه البالغ إزاء الخطر الحقيقى لحدوث تصعيد مدمر على مستوى المنطقة، كما حث جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس بهدف تجنب أى عمل قد يؤدى إلى مواجهات عسكرية كبرى على جبهات متعددة فى الشرق الأوسط.
وقال إنه أكد مرارًا وتكرارًا أنه لا المنطقة ولا العالم يستطيعان تحمل نشوب حرب أخرى.
من جانبه، أعرب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، دينيس فرانسيس، عن قلقه العميق إزاء الوضع فى الشرق الأوسط؛ إثر الهجمات الإيرانية على إسرائيل.
وقال فرانسيس: «إن الإيرانيين أوضحوا أن تصرفهم يأتى فى سياق المادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة، فى أعقاب الهجوم الإسرائيلى الأخير على القنصلية الإيرانية فى دمشق أول الشهر الجارى، حيث تنص المادة ٥١ على عدم وجود فى ميثاق الأمم المتحدة ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعى للدول، فرادى أو جماعات، فى الدفاع عن أنفسها إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولى».
وأوضح أن الرد الإيرانى يؤدى إلى تفاقم حالة السلام والأمن المتوترة فى الشرق الأوسط، داعيًا جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس؛ بهدف تجنب المزيد من تصعيد التوتر فى المنطقة.
وحذر من أن الحلقة المفرغة من الهجوم والهجوم المضاد ستؤدى حتمًا إلى المزيد من الموت والمعاناة، مؤكدًا أن الحوار والدبلوماسية هما السبيل الوحيد لحل أى خلافات بالطرق السلمية.
«الحرس الثورى»: أهداف «العملية المحدودة» كانت دقيقة وتوازى العدوان على القنصلية
قال الرئيس الإيرانى، آية الله إبراهيم رئيسى، إن أى مغامرات إسرائيلية جديدة ستقابل برد أقوى وأكثر حزمًا.
وأعرب «رئيسى»، فى بيان نشرته وكالة «تسنيم» الإيرانية، أمس، عن أن هجوم أمس الأول، على إسرائيل بمثابة «درس للعبرة»، مؤكدًا أن أى مغامرة جديدة ضد مصالح الشعب الإيرانى ستواجه برد قاسٍ ومؤلم.
بدوره، قال القائد العام للحرس الثورى الإيرانى، اللواء حسين سلامى، إن الأهداف فى الهجوم على إسرائيل كانت دقيقة للغاية، وتم تنفيذ عملية محدودة توازى العدوان الإسرائيلى، فى إشارة لحادث القنصلية الإيرانية بدمشق.
ونقلت وكالة «إرنا»، الإيرانية، عن «سلامى» قوله إن هجوم أمس الأول كان أكثر نجاحًا مما كان متوقعًا، مطالبًا إسرائيل بإعادة حساباتها، لأن أى رد فعل إيرانى مستقبلى سيكون أصعب بكثير، بناءً على هذه التجربة الجديدة، التى ملخصها أن «المعادلة الجديدة للمنطقة؛ إسرائيل تهاجم وتتلقى الرد من إيران».
المفوضية الأوروبية: على طهران الوقف الفورى للهجمات
دعت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إيران ووكلاءها إلى الوقف الفورى للهجمات على إسرائيل.
وقالت «لاين»، فى تدوينة عبر حسابها الرسمى على منصة «إكس»: «أدين بشدة الهجوم الإيرانى الصارخ وغير المبرر على إسرائيل».
وأضافت رئيسة المفوضية: «يتعين على جميع الجهات الفاعلة الآن الامتناع عن المزيد من التصعيد والعمل على استعادة الاستقرار فى المنطقة».
أدان الرئيس الأمريكى، جو بايدن، بأشد العبارات الممكنة الهجوم الجوى غير المسبوق الذى شنته إيران، ووكلاؤها الذين يعملون انطلاقًا من اليمن وسوريا والعراق، ضد المنشآت العسكرية فى إسرائيل. وقال «بايدن»، فى بيان، أمس، إنه «بناء على توجيهاتى، ومن أجل دعم الدفاع عن إسرائيل، قام الجيش الأمريكى بنقل طائرات ومدمرات للدفاع الصاروخى الباليستى إلى المنطقة، على مدار الأسبوع الماضى».
وأضاف أنه «بفضل عمليات الانتشار هذه، والمهارة الاستثنائية التى يتمتع بها جنودنا، ساعدنا إسرائيل فى إسقاط جميع الطائرات دون طيار والصواريخ القادمة تقريبًا».
وأشار إلى أنه تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، ليؤكد من جديد «التزام أمريكا الصارم بأمن إسرائيل».
واشنطن: التزامنا صارم بأمن إسرائيل.. لن ندعم هجومًا مضادًا على طهران
وكشف الرئيس الأمريكى عن أنه سيجتمع مع زعماء مجموعة السبع لـ«تنسيق رد دبلوماسى موحد على الهجوم الإيرانى»، وسوف يتفاعل فريقه مع نظرائه فى جميع أنحاء المنطقة، وسيبقى على اتصال وثيق مع قادة إسرائيل. وتابع: «على الرغم من أننا لم نشهد هجمات على قواتنا أو منشآتنا اليوم، فإننا سنظل يقظين لجميع التهديدات، ولن نتردد فى اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية شعبنا».
فى الوقت نفسه، أعلن مسئول فى البيت الأبيض عن أن الرئيس الأمريكى، جو بايدن، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، بأن واشنطن «لن تدعم أى هجوم عسكرى مضاد قد تشنه تل أبيب على طهران».
وقال المسئول الأمريكى لموقع «أكسيوس» إن «بايدن» وكبار مستشاريه «يشعرون بقلق من أن يؤدى الرد الإسرائيلى إلى حرب إقليمية، فضلًا عن عواقب كارثية على المنطقة».
وأشارت وسائل إعلام أمريكية إلى أن رسالة «بايدن» لـ«نتنياهو» تضمنت أن جهودًا دفاعية مشتركة بذلتها إسرائيل والولايات المتحدة ودول أخرى بالمنطقة أفشلت الهجوم الإيرانى، وطالبه بالاكتفاء عند هذا الحد، قائلًا: «لقد فزت.. خذ الفوز».
ولفتت إلى أن «نتنياهو» تفهم رسالة «بايدن»؛ ولحق ذلك إعلان واشنطن عن نقل طائرات ومدمرات للدفاع الصاروخى الباليستى إلى المنطقة على مدار الأسبوع الماضى؛ ما ساعد إسرائيل على إسقاط جميع المُسيّرات والصواريخ التى انطلقت أمس الأول.
الحكومة الأردنية: نطالب الجميع بالتعامل بمسئولية مع مخاطر التصعيد الإقليمى
حثت الحكومة الأردنية مختلف الأطراف على ضبط النفس والتعامل بانضباط ومسئولية مع التوترات التى تمر بها المنطقة، وعدم الانجرار نحو أى تصعيد ستكون له بلا شك مآلات خطيرة.
وشدد مجلس الوزراء الأردنى، خلال جلسته التى عقدها، اليوم، برئاسة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، على ضرورة العمل على خفض التصعيد، وأن تتصرف كل الأطراف بمسئولية وتمارس أقصى درجات ضبط النفس، وتتعامل بجدية ومسئولية مع مخاطر التصعيد الإقليمى وتداعياته الكبيرة والخطيرة على الأمن والسلم الدوليين.
وأكد مجلس الوزراء الأردنى، فى بيان، ضرورة أن تتوخى وسائل الإعلام المختلفة والمنصات أقصى درجات الدقة فى تحرى المعلومة واستقائها من مصادرها الرسمية المعتمدة، وعدم تناقل الشائعات والأخبار غير الدقيقة ولا تلك التى تتقصد التضليل لخلق أجواء من القلق والخوف والشك، مشيرًا إلى أنه سيتم التعامل بشكل حازم وبكل الوسائل القانونية مع هذا الأمر.
وأعاد مجلس الوزراء الأردنى التشديد والتأكيد أن القوات المسلحة ستتصدى، مدعومة بالأجهزة الأمنية والجهات المختصة، لكل ما من شأنه تعريض أمن وسلامة الوطن ومواطنيه وحرمة أجوائه وأراضيه لأى خطر أو تجاوز من أى جهة كانت، وبكل الإمكانات المتاحة فى هذا الصدد.