قال الدكتور محمد فتح الله، رئيس وحدة التحليل الإحصائي بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، إن التصريحات المنسوبة للدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، والتي اتهم فيها المعلمين وموظفي وزارة التربية والتعليم بأنهم "حرامية"، لها مردود سلبي على العملية التعليمية ككل.
وأضاف "فتح الله" - في تصريح خاص لـ"دوت مصر" - أن تلك التصريحات ستؤدي إلى زيادة حدة الأزمات التي يعيشها المعلم داخل المدرسة، واحتقار الطلاب والتلاميذ له، وهو ما يترتب عليه ما نشاهدة من اعتداءات يواجهها أغلب المعلمين على أيدى الطلاب، واحتقار ولي الأمر للحرم التعليمي ككل، وبالتالي سنجد زيادة في نسبة عزوف الطلاب وأولياء الأمور عن الذهاب للمدرسة، وهو مايزيد من مشكلات الدروس الخصوصية وغيرها
وأكد الخبير التربوي، أن لتلك التصريحات جانب أكثر سوءا ينعكس على المعلمين العاملين بالخارج، والبعثات التعليمية مع الدول العربية والأوروبية، بعدما أعلنها صريحة وزير التربية والتعليم المصري "أن العاملين بالوزارة غير أكفاء ولصوص".
وتابع "فتح الله": "تصريحات الوزير وبعيدا عن السب في حق المعلمين، حملت جوانب أكثر خطورة، وشبهة فساد، تمثلت في حديثه الدائم عن الاستعانة بمؤسسات وخبرات أجنبية وغير وطنية لتطوير وتطبيق النظام التعليمي الجديد الذي يطرحه، دون أن يعتمد على الخبراء المصريين والمؤسسات الوطنية لتطبيق هذا النظام، وهو مايؤكد ان الوزير يقدس كل ماهو غربي ويرفض الواقع الحقيقي الذي نعيش فيه وبالتالي انعكس ذلك على النظام التعليمي بفكره، ورؤية الدولة له، حيث يحاول الوزير ان يعكس رؤية الدولة للتعليم ليصبح سلعة تهدف إلى الربح المادي، من خلال استنساخ الأنطمة والاقتراحات الغربية ومحاولة تطبيقها في مصر دون مراعاة الوسائل والمناخ العام الذي تستوجبه لتطبيقها
ولفت إلى أن نظام التعليم الذي يطرحه الوزير يشير إلى أن خلفيته التعليمية نابعة من مؤسسات اقتصادية أجنبية، أكثر منها تعليمية ومدعومة من قبل الجهات الدولية المانحة، والجميع يعلم حجم مشكلات تلك الجهات.
وأردف الخبير التربوي: "لابد من الناحية العلمية أن نعهد إلى المؤسسات الوطنية القومية لدراسة تلك الخطط وأسباب فشلها ووضع رؤى لمعالجتها حتى لايتم تكرار ماحدث عبر السنوات الماضية، ومنها المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، وغيره من المراكز القومية المصرية المتخصصة، إلا أن مستشارة الوزير للتقويم التربوي حينما تحدثت عن المركز القومي للتقويم والامتحانات طرحت إعادة هيكلته إداريا فقط دون الاتسعانة به او استشارته في المناهج وأساليب التقومي بحكم تخصصه في ذلك، حتى أن الوزير نفسه لم يلتقي بأعضاء المجلس أو يحاول مناقشة الخدد التربوية والنظام التعليمية معهم، على الرغم من أن هذا المركز هو "ضمير الأمة" في تطوير منظومة التقويم والتعليم ككل
وأشار إلى أن نظام الثانوية العامة الجديد به كارثة أخرى لم يلتفت إليها الوزير في طرحه لهذا النظام، حيث أقر بأن النظام عبارة عن تقويم شامل للسنوات الثلاث ويعتمد على تطبيق نظام اختبار الكتروني وأخر عبارة عن مشروع يتقدم به الطلاب، دون الالتفات إلى مدى جاهزية المدارس والمعامل لتطبيق مثل هذة الأنظمة، منوها إلى أن هناك مدارس في الأرياف لايوجد بها أثاثات أوشبكات انترنت، وتتسم بالتدهور وبالتالي هل ينجح مثل هذا النظام مع طلابها
واستطرد الخبير التربوي، أن التقويم الذي سيتم اعتماده بعد الانتهاء من مرحلة الثانوية العامة هو تقدير رقمي قائم على اعتبار الثانوية العامة مرحلة تعليم منتهية لاعلاقه لها بالالتحاق بالتعليم الجامعي، وبالتالي فإن هذا النظام قائم على الاهتمام باختبارات القدرات فقط، وهو مايعد كارثة كبرى لها عدة جوانب سلبية أبرزها عدم اهتمام الطلاب وأولياء الأمور بتحصيل المعلومات العملية والمعرفية في مرحلة التكوين المعرفي في الثانوية العامة والتي تعد أساس بناء عقلية وشخصية الطلاب، ومنها انصراف الطلاب وأولياء الأمور عن تحصيل ومذاكرة المواد العلمية والمعرفية واهتمامهم فقط بالجزء الذي يمكنهم من النجاح في السنوات الثلاث، والاهتمام بشكل أكبر باختبارات القدرات، وبالتالي فإنه لن نجد طالبا يهتم بالمذاكرة، أو معلم يهتم بشرح تلك المواد، أو ولي امر يتابع تحصيل أبنه للمعرفة، بل سينصرف الجميع إلى اختبارات القدرات، وتصبح مجموعات التقوية والدروس الخصوصية هدفها هو تدريب وإعداد الطالب لكي يكون جاهزا لهذا النظام، وبالتالي فإن هذا النظام لن يقضي على الدروس الخصوصية بل سيزيد منها، كما أنه سيؤدي إلى تخريج جيل فارغ علميا، وغير مؤهل معرفيا، فيصبح لدينا طبيب جاهل، ومهندس جاهل .. إلخ، بسبب إهمال البنية المعرفية له، وهو مايفرغ الأمة من كوادرها وعلمائها وقدراتها ووجود جيل واع ومثقف علميا.
ونوه "فتح الله"، إلى أن عملية اختزال وتفريغ المناهج من أساسات المعرفة وتطور المعارف يتسبب في تفريغ عقل الطلاب وجعلهم متسوردين للمعرفة ليسوا بناة لها، وان مايطرحه الدكتور طارق شوقي على الإعلام حاليا من نظامه التعليمي يعد "خيانة عظمي" وخطرا على الأمن القومي، حيث أنه يستهدف تفريغ الطلاب من البينة المعرفية والتي يتم تطويرها في الجامعة حسب تقديره في الثانوية العامة، والقضاء على سنوات الثانوية العامة الثلاث والتي تعد أساس بناء العقل المعرفي لكوادر الأمة، قائلا: "إذا كان لدينا مشكلات في الثانوية العامة والامتحانات فمن غير المعقول أن نعمل على إلغائها بدلا من مواجهتها".
وفيما يتعلق بتصريحات "شوقي" عن إلغاء مجانية التعليم، أكد أنه هدف يسعى إلى رفع يد الدولة عن التعليم، واعتباره سلعة، والاعتماد على التعليم الأجنبي والمدارس الدولية، وهو مايعد كارثة تؤدي إلى تفسخ المجتمع، وهو مايستدعي ضرورة الاعتماد على المركز القومي للتقويم والامتحانات في وضع خطط وإجراء بحوث لتطوير منظومة التعليم ككل، وليس فقط الاهتمام بنظام التقويم كما تطالبهم الوزراة، مؤكدا أن النظام الحالي للتعليم ومايروج له الوزير الحالي بثقة مبالغ فيها، يعد كارثة بكل المقاييس تؤدي إلى ضياع المجتمع.
وأشار إلى أنه لحل تلك الأزمات الاعتماد على المؤسسات الوطنية في إصلاح منظومة التعليم بدلا من صرف ملايين الجنيهات على الجهات الأجنبية وإهدار موارد الدولة، لوضع خطط واستراتيجيات لاتتلائم وظروف ومناخ المجتمع المصري، وهو مايؤدي إلى فشلها في النهاية.
وعن حديث الوزير عن الأكاديمية المهنية للمعلمين، أحد المؤسسات الوطنية التي طالها إهانة الوزير حينما صرح "إنه لتطبيق النظام الجديد والنهوض بالتعليم لابد من الاستعانة بمدربين أجانب" دلاله واضحه على عدم اعترافه بعلماء الأمة وكوادرها واساتذة الجامعات اللذين بنوا حضارات دول، وأصبحوا الان اعضاءا بالكونجرس الأمريكي العالمي، ويستهزئ بهم وزير التعليم المصري حاليا، وإشارة إلى ان كافة مؤسسات الدولة لاتصلح لتعليم أبنائها.