
تبدأ كنائس شبرا الشمالية تحت رعاية نيافة الحبر الجليل الأنبا انجيلوس الأسقف العام لكنائس شبرا الشمالية بتقديم سلسلة تاريخية تحت عنوان “توثيق تاريخي لكـنـائـس شـبـرا
الـشـمـالـيـة ” من باب توثيق تاريخ كل كنيسة بدءا من نشأتها و خدمتها .. وقد أعد السلسلة احد خدام كنيسة مارمرقس.
يرجع تاريخ كـنـيــســـة مـــار مـــرقـــــس بـشـــبـــرا إلى عام 1950 حين تبنت جمعية أصدقاء الكتاب المقدس المركزية بالقاهرة فكرة شراء أرض لتبصح مقراً للجمعية، فتم شراء 1500 متر مربع من تقسيم الشركة البلجيكية بأرض شريف بحدائق شبرا بمبلغ تسعة آلاف جنيهاً، دُفِعَت على أقساط، إذ لم يكن للجمعية رصيد كاف. و قد خصص حافظ داود ( القمص مرقس داود ) إيراد كتاب حياة الأنبا أنطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولي الذي قام بترجمته عن الانجيليزية لتكملة شراء الأرض التي بنيت عليها الكنيسة ثم تقرر بناء كنيسة بإسم القديس مار مرقس لخدمة منطقة شبرا.
كنيسة خشبية
بدأت الخدمة ببناء كنيسة خشبية مؤقتة في الجانب القبلي (مكان مبنى الخدمات الحالي) من الأرض وكانت لها سقف جمالون خشبى أيضاً، أما باقي الأرض فكان يستخدم لأنشطة الجمعية المختلفة كملعب ونادي إجتماعي، وحجرات للتربية الكنسية .
اتسعت الخدمة للغاية، وبدأ التفكير في إقامة المبنى الدائم لكنيسة مارمرقس من طابقين، وتزامن هذا الوقت مع قيام ثورة يوليو 1952 وإعلان قيام الجمهورية، وتولي الرئيس محمد نجيب رئاسة مصر، فإنتهزت جمعية الأصدقاء الفرصة لدعوة الرئيس محمد نجيب لوضع حجر الأساس للكنيسة، وفوجئوا بقبول الرئيس للدعوة .. وتم تحديد موعد يوم 24 مايو 1953 م لهذه المناسبة وبالفعل كان يوماً مهماً في تاريخ الكنيسة، إذ كان يوافق يوم عيد حلول الروح القدس مما زاد شعور الجميع بأن هذه الكنيسة المباركة سوف تكون إمتدادا لكنيسة الآباء الرسل التي تأسست في يوم الخمسين.
يوم تناقلته الصحف
لم يستطع البابا يوساب الثاني 115 الحضور بنفسه لظروفه الصحية وإنتدب نيافة الأنبا أثناسيوس (الكبير ) مطران بني سويف والبهنسا ومعه نيافة الأنبا مكاريوس رئيس دير العذراء البرموس .
بدأ اليوم بصلاة القداس الإلهى لعيد حلول الروح القدس وأُقيم سرادق الإحتفال في الأرض الفضاء (مكان الكنيسة الحالية) ، وفي الساعة الخامسة مساءً، أقيمت صلوات السجدة المقدسة واستمرت حتى الساعة الثامنة مساءً حيث حضر السيد الرئيس محمد نــجــيــب، وقـامت الجموع بتحيته ورافقوه إلى المنصة المعدة للإحتفال و ألقى خطبة رائعة تداولتها الصحف في اليوم التالي وقام بمشاركة الأب المطران والأب الأسقف بوضع حجر أساس الكنيسة .
أبونا ميخائيل إبراهيم
خدم بالكنيسة بعض الآباء الرهبان المنتدبين من البطريركية إلى أن قررت الجمعية مناشدة الأب القس مرقس داود الذي كان يخدم بالحبشة للحضور لمتابعة
الخدمة بالكنيسة , فلبى الدعوة عام 1954 وظل يخدم بها وحده حتى عام 1956، ثم أرسل الله للكنيسة آباً قديساً كان كاهنا بكفر عبده بمركز قويسنا – المنوفية , وإنتقل للخدمة بالكنيسة ، هو المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم.
دعاه أبونا مرقس داود ليخدم معه في قداس الأحد بسبب غياب أحد الآباء الرهبان واستراحت نفسه له فطلب منه أن يخدم معه وبقي في خدمته بالكنيسة خميرة عجيبة مقدسة تعمل في حياة الكثيرين حتى يوم نياحته, و ذلك بعدما هيأت له الحكمة الإلهية مسكنا في شارع الترعة البولاقية بشبرا وسمع القس مرقس داود كاهن كنيسة مارمرقس بشبرا بتقواه وفضائله، فسعى للتعرف به فزاره في مسكنه.
في ذلك الحين كان قد اتسع نطاق الخدمة في كنيسة مارمرقس وذاعت مبادئها في التجرد عن المادة، والتفرغ للروحيات والخدمة الاجتماعية وتطلبت الخدمة الواسعة إقامة قداسين يوم الأحد وكانت البطريركية توفد راهبا ليصلى في الكنيسة أحد القداسين .
في يوم أحد لم يحضر الراهب المكلف بالخدمة ، ولكن عمل الله لم يتعطل إذ لمح أبونا القس مرقس داود المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم منزويا في ركن، وبعد انتهاء الخدمة عرضت عليه الكنيسة أمر الخدمة المؤقتة بها فوافق .
ثم دعته الكنيسة عدة مرات وكان يلبي الدعوة إلى أن وجدت فيه الكنيسة ضالتها المنشودة، فبقي خادما فيها إلى يوم نياحته (26 مارس 1975).
جذبت قداسته وحكمته أفواج الشباب والكهنة .. الجميع يجلسون عند قدميه يستلهمون النصح والإرشاد , مقدمين اعترافاتهم حتى أصبحت الكنيسة تموج بأفواج الوافدين .
ذاعت بركة خدمة التعاون والمحبة التي تمثلت في كاهنيها المثاليين، أبينا مرقس وأبينا ميخائيل حتى أصبحت الكنيسة خلية نحل فى الخدمة .
رجل صلاة
قال عنه قداسة البابا شنوده الثالث ( وكان أبونا ميخائيل أب اعتراف قداسته ): لم يكن أبونا ميخائيل إبراهيم يعمل عملا صغيرا أو كبيرا دون أن يبدأ بالصلاة، سواء كان يذهب لفض نزاع عائلي أو لأي داع فكان أول عمل يقوم به قبل أن يتكلم أحد هو أن يقود الحضور للصلاة لطلب إرشاد الله ومعونته وحضوره، و لما كان يريد أن يعرض أي موضوع، كان يطلب من الجميع أن يرفعوا قلوبهم بالصلاة .
كل من له مشكلة كان يكتب اسمه على المذبح الذي تكدست عليه مئات الأوراق كتبت عليها أسماء من طلبوا منه الصلاة من أجلهم، فكان لا يرد أي طلب لأي واحد من الشعب
يطلب منه إقامة قداس لأجل مشكلته أو بسبب أي موضوع ولذلك كان يرفع القداس في الكنيسة كل أيام الأسبوع تقريبا.
تطور الكنيسة
تتكون الكنيسة حالياً من طابقين.. الدور الأول به 3 مذابح، الأوسط على اسم مار مرقس والبحرى على اسم الشهيد إسطفانوس والقبلي على اسم مار جرجس، وبها أيضاً
حجرة المعمودية، والدور الثاني 3 مذابح، الأوسط على اسم مار مرقس والبحري على اسم السيدة العذراءوالقبلي على اسم الملاك ميخائيل . بالإضافة إلى مذبح كنيسة السيدة العذراء أسفل مبنى الخدمات ( قاعة القمص ميخائيل إبراهيم )، ومذبحاً آخر أعلى مبنى الخدمات بإسم القديس مار لوقا الإنجيلي .
تباركت الكنيسة بكوكبة مضيئة من الآباء الكهنة على مدى تاريخها:
1- المتنيح القمص مرقس داود (الرسامة 1948 – القمصية 1973 – النياحة 1986)
2- المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم (الرسامة 1951 – القمصية 1952 – النياحة 1975)
3- المتنيح القمص يوحنا جرجس (الرسامة 1960 – القمصية 1974 – النياحة 1990)
4- المتنيح القمص إسطفانوس عازر (الرسامة 1966 – القمصية 1988 – النياحة 1989)
5- القمص مينا ميخائيل إسحق (الرسامة 1972 – إنتدب للخدمة بأستراليا 1974 لفترات متقطعة – ثم إستقر بأستراليا منذ عام 1990 ويخدم حالياً بكنيسة الأنبا بيشوي والأنبا شنوده بملبورن – وهو كبير كهنة إيبارشية ملبورن)
6- المتنيح القمص ميخائيل نجيب غالى (الرسامة 1975 – إنتقل للخدمة بكنيسة مار مرقس بميلانو بإيطاليا عام 1995 – القمصية 2003 – النياحة 2006)
7- القمص لوقا قسطنطين (الرسامة 1979 – القمصية 1997)
8- القمص بيمن جورج (الرسامة 1988 – القمصية 2017)
9- القمص برسوم بشرى (الرسامة 1988 – القمصية 2017)
10- القمص مرقس فتحي (الرسامة 1994 – إنتقل للخدمة بكندا 1998 – ويخدم حالياً بكنيسة الملاك ميخائيل والأنبا تكلا ببرامبتون)
11- القس يوسف يوسف (الرسامة 1999)
12- القس كيرلس كمال (الرسامة 2009 )
13- القس أنطونيوس مفيد (الرسامة 2009)
14- القس ميخائيل مقار (الرسامة 2009)
15- القس مرقس منير (الرسامة 2014)
16- القس يوحنا محفوظ (الرسامة 2014)
زيارة الاباء البطاركة للكنيسة
تباركت كنيسة مارمرقس بشبرا بزيارات تاريخية للآباء البطاركة، منها زيارة مفاجئة لقداسة البابا كيرلس السادس عام 1959 بعد رسامته بقليل . ايضا عدة زيارات لقداسة البابا شنوده الثالث منذ أن كان أسقفاً للتعليم خلال أعوام 1963، 1964، 1967، 1970 – وبعد تنصيبه بطريركاً قام بثلاث زيارات للكنيسة، منها مرتين في أسبوع البصخة عامي 1974، 1976 – والمرة الثالثة في الإحتفال باليوبيل الذهبي للكنيسة في 1 يوليو 2003. فضلا عن الزيارة التاريخية لقداسة البابا تواضروس الثاني يوم الأربعاء 9 مارس 2017م و القاء عظة الاربعاء من داخل الكنيسة .
مارمرقس بشبرا .. مقرا للانبا انجيلوس
اتسعت الخدمة بشبرا و اصبحت بحاجة للخدمة الرعوية، فقام قداسة البابا تواضروس الثاني بسيامة القمص شاروبيم البرموسى أسقفاً عاماً على منطقة شبرا الشمالية باسم ” نيافة الأنبا أنجيلوس ” وذلك فى يوم الأحد أول يونيه 2014 في تذكار عيد دخول السيد المسيح إلى أرض مصر ..
وفى مساء الخميس 26 يونيه 2014 تم إستقبال نيافته بكنيسة مار مرقس بشبرا فى حفل كبير حضره 14 أسقفا من أحبار الكنيسة الأجلاء وجمع غفير من أباء شبرا الشمالية
و شعب غفير. وتباركت الكنيسة بأن تكون مقر نيافة الاسقف .
كنوز مارمرقس
تضم الكنيسة بركات ثمينة اهمها : قطعة من خشبة صليب السيد المسيح له المجد ، وشوكة من إكليل الشوك الذي وضع على رأس السيد المسيح وجزء من طرحة السيدة العذراء مريم، و جزء ثمين من رفات القديس مار مرقس الرسول شفيع الكنيسة (جزء من عظام فقرات الظهر)، ورفات أكثر من مائة قديس من الأباء الرسل والشهداء والقديسين، وذلك بجهد ونشاط الأب المحبوب القمص لوقا قسطنطين – آدام الرب كهنوته.
كما يذكر للكنيسة أنشطة متميزة متعددة من خدمات روحية وإجتماعية لكل فئات الشعب تحت إشراف الآباء الكهنة وبتعضيد صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا أنجيلوس الاسقف العام لكنائس شبرا الشمالية.
قامات روحية
خدم بكنيسة مارمرقس بشبرا قامات روحية , المتنيح القمص مرقس داود و كان اسمه العلمانى حافظ داود، و عمل موظفا فى وزارة الصحة بعد حصوله على شهادة البكالويا فى عام 1934 حينما ترك وظيفته و قرر التفرغ للخدمة.
درس ابينا المتنيح فى الاكليريكية ثم قام بالتدريس فى الاكليريكية باثيوبيا التى اسسها عام 1944 بدعوة من الامبراطور هيلاسلاسى و تولى ادارتها و كان اهم شخصية فيها و
جذب لها بعض الشباب القبطى فى الاربعينيات للعمل معه فى الكنيسة الاثيوبية من بينهم سعد عزيز ( الانبا صموئيل اسقف الخدمات العامة .
انعم عليه الامبراطور الاثيوبى هيلاسلاسى بنيشان (نجمة اثيوبيا الذهبية ) , كما تم دعوته من قبل السفارة البريطانية ليكون من ضمن مستقبلى الملكة اليزابيث ملكة انجلترا اثناء زيارتها للحبشة .. بخلاف عمله الكهنوتى والرعوى كان متعدد المواهب : اكليركى – واعظ – مدرس – كاتب – مترجم و مؤلف، وبلغ عدد مؤلفاته ما يقرب من 170 كتاب ما بين ترجمات للكاتب متى هنرى , ف . ب . ماير و آخرين بخلاف كتاباته الخاصة .
كما خدم بالكنيسة ابينا المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم ، رجل الصلاة و صاحب البصيرة الروحية حبيب الفقراء و المحتاجين .. عرف عنه قديس العصر و قدم حياته ذبيحة لله و كرس حياته للخدمة بعد ان استقال من وظيفته بوزارة الداخلية في مراكز البوليس بفوة ثم شربين بكفر الشيخ ثم بلبيس فههيا حيث قضي عشرة سنوات (1938-1948) ثم محافظة الجيزة لمدة ثلاث سنوات.
ومنها انتقل إلى الخدمة الكهنوتية في بلدته بكفر عبده في 16 سبتمبر 1951 فأحبه الشعب جدا والتف حوله. وبعد عام من سيامته أعطاه الأسقف القمصية في مايو 1952. و بتدبير الهى رتببت السماء بان ينتقل للخدمة بكنيسة مارمرقس .
هذا و خدم المتنيح القمص يوحنا جرجس بالكنيسة , و يعد اول كاهن يرسم على الكنيسة و هو شقيق المتنيح الارشدياكون نجيب جرجس صاحب تفسيرات العهد القديم.
كما خدم المتنيح القمص إسطفانوس عازر، صاحب الوجه الملائكى المنير و الاصابع الموسيقية و الحنجرة النارية و الخدمة العالية و المحبة الباذلة .. كان فى صلاته كروان مغرد .
خدم مع هذه الباقة العطرة من آباء الكنيسة الاولين القمص لوقا قسطنطين و القمص بيمن جورج و القمص برسوم بشرى و تتلمذوا على يديهم و صاروا امتدادا لمسيرة خدمة هؤلاء الاباء المباركين , فاتسعت الخدمة يوما بعد يوم .