القمص يوحنا نصيف: الكنيسة مؤسسة لا تهدف للربح
03.05.2023 17:29
اخبار الكنيسه في المهجر Church News in Immigration Land
الدستور
القمص يوحنا نصيف: الكنيسة مؤسسة لا تهدف للربح
حجم الخط
الدستور

قال القمص يوحنا نصيف راعي كنيسة السيدة العذراء مريم للأقباط الأرثوذكس في شيكاغو، خلال تدوينة له صدرت منذ قليل، إن الكنيسة مؤسسة لا تهدف إلى الربح، ثم تسائل: "ما هي الكنيسة؟.. هل هي مجرد تجمع إنساني حول بعض الأفكار أو المبادئ المدونة في الكتاب المُسمَّى بالإنجيل؟ .. هل هي مجرد جماعة وفيّة لذلك المصلوب الذي مَرّتْ قرون طويلة على ظهوره في التاريخ؟!.. هل هي شركة مساهمة تنشُد الربح المادي والنمو والانتشار، من أجل رفاهية أعضائها وتأمين مستقبل مزدهر لأبنائهم..؟!.

وأضاف: "في الحقيقة أن الكنيسة كما يُعَرِّفها لنا الكتاب المقدس، هي ملكوت الله على الأرض.. وهي جسد المسيح الحيّ في قلب العالم.. لقد أوضح المسيح رسالته التي تجسَّد من أجلها، عندما قال: "إن كنت أنا باصبع الله أُخرِج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله" .. "ها ملكوت الله داخلكم".

وتابع: إذن، الكنيسة هي كيان إلهي إنساني.. سفارة حيّة للسماء، وقاعدة أرضية للملكوت السماوي.. هي تلتقط دائمًا موجات الحُبّ الإلهية التي من فوق، والمُحَمَّلة برسالة الله الخلاصيّة، لكي بدورها ترسلها إلى كلّ بقاع الأرض، كإشعاع حيّ ينير ويُحيي القلوب.. هذه السفارة أو المؤسسة الإلهية، إذا جاز لنا أن نسمّيها مؤسسة، هدفها أن تنقل الإنسان إلى حالة أفضل.. وتُحدِث فيه تغييرًا جوهريًا عميقًا..

وأوضح: فهي لا تهدف إلى ربحٍ ماديّ.. ولا تقيم المشروعات والأبنية والأنشطة، من أجل أن يزيد رصيدها في البنوك مثل سائر المؤسّسات العالمية.. ولكنها تتبنّى منهج المسيح الذي قال: "أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل"، "ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويُخلِّص ماقد هلك" .. فالكنيسة تحمل حياة المسيح فيها، وتحيا بروحه، وتود أن تنقل هذه الحياة لكلّ النفوس..

من هنا نفهم أنّ الربح المادي غير وارد بالمرّة في فكر الكنيسة، بل هي تهدف فقط لربح النفوس، مؤمنةً أنّ الله يدبِّر كلّ احتياجاتها الماديّة.. وإذا كانت هناك خدمات في الكنيسة، يتحوّل هدفها إلى الربح المادي، فقد تَعَطَّل صليب المسيح وعمله، وتَعَطَّلت الكرازة، وانحرف الهدف..

 وأشار: هل يمكن أن يحدث هذا؟!.. في الحقيقة، وقبل الإجابة على هذا السؤال، يجب أن نضع أمامنا حقيقة واقعة ملموسة في مجتمعنا المعاصر. ففي ظلّ تطور أسلوب الاقتصاد الرأسمالي، نجد مع الأسف أنّ الكثير من المؤسّسات المتخصّصة، التي من المفروض أن تكون مؤسسات تهدف إلى تغيير الإنسان إلى حالة أفضل، ولا تهدف للربح المادي.. الكثير من هذه المؤسّسات أصبحت تُنشَأ وتُدار لأجل الربح المادّي، ويتراجَع الهدف الأصلي إلى درجات تالية.. مِمّا أوجَدَ خَللاً جَسيمًا في رسالة هذه المؤسّسات الخَدَميّة، وشَرخًا إنسانيًا عميقًا بينها وبين جمهور المنتفعين بأنشطتها..!.

واختتم: لنأخُذ بعض الأمثلة التوضيحيّة:  المدرسة: هي مؤسسة تربويّة تعليميّة.. المفروض أن يكون هدفها هو التربية والتعليم، وبناء إنسان ذي عقلية نشيطة، وسلوكيّات نافعة للمجتمع.. ولكننا نرى اليوم مشاريع كثيرة لمدارس وجامعات وحضانات خاصّة بمصروفات باهظة، مع تراجُع كبير للمستوى التربوي والعلمي.. وواضح أنّ الغرَض لم يكن التعليم، ولكنّه مجرد مشروع استثماري يدرّ الأموال..

 المستشفى: هي مؤسسة للعلاج وللاهتمام بصحة الناس، وإسعافهم في حالة تعرّضهم لأخطار صحّيّة... ولكنّنا نرى اليوم أعدادًا ضخمة من المستشفيات الاستثمارية التي تراجع فيها الهدف الطبّي الإنساني، وتَقدَّم الهدف المادي على قائمة الأولويات.. إذ يتم تقديم الخدمات الطبيّة بأسعار فلكية، مع إعلانات مُبهِرة تملأ الشوارع، يَدفع فاتورتها بالطبع المريض الذي أوقعه حظّه العاثر في براثن هذه المستشفيات.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.