تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بذكرى نياحة القديس جريجوريوس الأرمني.
وقال كتاب التاريخ الكنسي «السنكسار» الذي تُتلى فصوله على مسامع الأقباط يوميًا والذي يحتوي على الوقائع والأحداث والتذكارات المهمة في التاريخ الكنسي، إنه في مثل هذا اليوم تنيح القديس جريجوريوس بطريرك الأرمن والشهيد بغير سفك دم.
هذا القديس كما ذكرنا في اليوم التاسع عشر من شهر توت، قد عذبه تريداته ملك الأرمن في سنة 272 م بسبب مخالفته له في عبادة الأوثان، ثم طرحه في جب أقام فيه خمس عشر سنة، عاله الله في أثنائها إذ كانت تأتيه عجوز بما يقتات به، ولطول الزمن لم يعرف ذويه إن كان قد مات أو لازال على قيد الحياة.
فلما قتل الملك العذراء أربسيما ومن معها من العذارى وأمر بطرح أجسادهن علي الجبال، عاد فندم علي ما فرط منه لأنه كان يريد إن يتزوج منها ولما رأى ذويه أنه قد أفرط في الحزن على قتلها، أشاروا عليه أن يخرج للصيد ليسري عن نفسه، وفيما هو يمتطي جواده وثب عليه شيطان وطرحه إلى الأرض وصار ينهش في جسده، ثم غير الله شخصه إلى صورة خنزير بري فأخذ يجول في البرية وينهش كل من وجده، كما أن كثيرين من أهل مملكته قد أصابهم ما أصابه وصار فزع وصراخ عظيم في القصر، وهذا بسبب ما فعله بالعذارى.
ورأت شقيقة الملك رؤية، في ثلاث ليالٍ متوالية، كأن إنساناً يقول لها إن لم تصعدوا غريغوريوس من الجب فلن تنالوا خلاصًا ولا شفاء، فتحير القوم إذ كانوا يعلمون أنه مات، ثم أتوا إلى الجب وانزلوا له حبلًا ونادوه، فلما حرك القديس الحبل، علموا أنه لا يزال حيًا فطلبوا منه أن يتعلق بالحبل واصعدوه، ثم اغتسل وألبسوه ثيابًا جديدة وأتوا به راكبًا إلى القصر.
وهناك استعلم منهم عن أجساد العذارى، حيث ذهب فوجدها سالمة فوضعها في مكان لائق، وسأله الشعب أن يشفي الملك مما هو فيه، فأحضره وقال له: هل تعود إلى أعمالك الرديئة؟ فلما أشار الملك بالنفي، صلى عليه فخرج منه الشيطان وعاد إليه عقله وشخصه، ولكنه لم يعد صحيحًا كما كان، بل ما زالت فيه بقية من خلقة الخنزير وهي أظافر يديه ورجليه، تأديباًَ له وتذكيرًا بما كان منه حتى لا يعود لمثله.
ثم شفى الأب البطريرك جميع المصابين وأخرج شياطين كثيرة، فآمن الملك وكل السكان، فعلمهم وعمدهم وبنى لهم كنائس كثيرة، ورسم لهم أساقفة وكهنة، ووضع لهم السنن وفرض الأصوام، ولما أكمل سعيه تنيح بسلام.