تحتفل الكنيسة القبطية الآرثوذكسية يوم 6 أمشير الموافق 13 فبراير بتذكار استشهاد الشهيدين العظيمين أباكير ويوحنا والثلاث عذاري وأمهن.
وقال الباحث ماجد كامل عضو اللجنة الباباوية للتاريخ الكنسي في تصريحات له على خلفية احتفالات الذكرى عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: “أما عن الشهيدين أباكير ويوحنا فهما حسب ما يروي عنهما السنكسار ولد أباكير بمدينة الإسكندرية من أبوين تقيين وربياه تربية مسيحية حقيقيبة؛ فنشأ محبا لله والكنيسة”.
وأضاف: “تعلم مهنة الطب واشتهر بعلمه وتقواه ومحبة الفقراء؛ فوشوا به عند الوالي أنه يشفي المرضى بالسحر والشعوذة فأمر بالقبض عليه رغم علمه بالخدمات الكثيرة التي كان يقدمها لكل الناس؛ فهرب أباكير إلى الصحراء حيث انضم للنساك وكان يخدمهم بكل أمانة”.
وتابع: “أما يوحنا فكان ضابطا كبيرا في بلد ما بين النهرين وكان مسيحيا تقيا يميل للوحدة والنسك؛ فلما سمع بخبر أباكير؛ ترك الجندية وزار الأماكن المقدسة في أورشليم ثم جاء إلى مصر وتقابل مع أباكير وسكن بجواره واتخذه معلما له في الفضيلة وصارا كأخوين روحيين”.
وواصل: “عندما أثار دقلديانوس الاضطهاد ضد المسيحين؛ أمسك جنوده بسيدة مسيحية تقية تدعي أثناسيا (كلمة يونانية معناها الخالدة أو غير المائتة) وبناتها العذاري الثلاث ثيؤدورا عطية الله) وثاؤبستي (أي إيمان الله) وثاوذكسيا (أي مجد الله) وقاموا بتعذيبهن عذابا شديدا في منطقة تدعي الكانوب بشرق الإسكندرية”.
واستكمل: “لما سمع القديس أباكير بخبر القبض على أثناسيا وبناتها ؛ أشفق عليهن؛ فقرر أن ينزل إلى الإسكندرية للوقوف بجانبهن ونزل معه أخوه الروحي يوحنا.. فلما سمع الوالي بوصول أباكير ويوحنا؛ أمر بالقبض عليهما ومحاكمتهما وتعذيبهما بعذابات شديدة .. ثم أمر الوالي بقطع رؤوس أثناسيا وبناتهن الثلاث أمام أباكير ويوحنا لكي يرعبهما ولكهنهما أزدادا تمسكا بإيمانهما فقام بالقبض عليهم وبعد سلسلة طويلة من العذابات؛ قام بقطع رأسهما فنالا أكليل الشهادة في منطقة كانوب ؛ والتي تغير أسمها بعد ذلك إلي أبو قير نسبة للقديس أباكير، ثم جاء القديس يوليوس الأقفهصي مع غلمانه وحملوا أجساد الشهداء ودفنوهم في مقبرة بقرب كنيسة مارمرقس بالإسكندرية ثم كتب قصة جهادهم واستشهادهم".
كما يذكر السنكسار القبطي تحت يوم 4 أبيب أن القديس كيرلس الكبير قام بنقل الأجساد إلى كنيسة مارمرقس الثانية التي على البحر ؛ إلى أن بنوا كنيسة كنيسة كبيرة على اسم القديسين أباكير ويوحنا ونقلوا الأجساد إليها في المنطقة المعروفة حاليا بأبوقير؛ وتم تكريسها يوم 4 أبيب.. ولقد أقيمت الكنيسة على أنقاض معبد وثني كبير يعرف باسم "معبد إيزيس المعالجة" ولقد ظهرت عجائب كثيرة من أجسادهم في هذه المنطقة.
ومن أشهر الكنائس التي على اسم الشهيدين أباكير يوحنا يأتي ذكر كنيستهما الأثرية بمصر القديمة.. ولقد جاء ذكرها في كتب الرحالة الألماني فانسليب (1635- 1679 ) حيث قال عنها “خارج مصر القديمة وبين خرائب هذه المدينة والتي تكون جبلا من الشقف والأحجار توجد ثلاث كنائس في صف واحد ؛الأولي بابليون الدرج للسيدة العذراء والثانية للطوباوي يوحنا وأبوقير والثالثة للطوباوي تادرس”.
ومن المراجع الحديثة التي كتبت عن الكنيسة، نذكر كتاب "الكنائس القبطية القديمة في مصر" للمؤرخ الانجليزي الشهير ألفريد بتلر (1850- 1936 ) الجزء الثاني حيث قال عنها "المدخل الذي يصل من الفناء الي الكنيسة هو مدخل خلفي منخفض وضيق ؛مقوس في أعلاه ؛ويسده باب خشبي ضخم ثقيل الوزن ؛وهو يمثل نوعا نادرا كان شائعا بالكنائس القبطية يوما ما أما المذبح الذي في الهيكل فهو مدشن بالطبع علي اسم القديسين اباكير ويوحنا شفيعي الكنيسة ويتضمن حائط الشرقية رسما بالطلاء الجيري للسيد المسيح مغطاة بصفائح الفضة.
أما الهيكل الجانبي الشمالي فهو مكرس على اسم العذراء مريم والهيكل الجانبي مكرس علي أسم مارجرجس
وقد علق أمام حجاب الهيكل الرئيسي هالة صغيرة من البرونز كما علقت هالة أخري أكبر حجما في هيكل العذراء ..... وتمتلك الكنيسة أيضا كأسا فضية وبقية أواني سر القربان وهي الصينية والنجم والقبة والملعقة وجميعها مصنوعة من الفضة ؛ومخصصة لخدمة المذبح . ويوجد أيضا صلبان من الفضة ؛ وعلبة عجيبة لحفظ الكتاب المقدس ؛وهي موشاة بالفضة المنقوشة ..... كما وجدت بطرشيلا رائعا ومعه اثنان من الأكمام ومنطقة ذات مشابك فضية.
كما كتب عنها الدكتور رؤوف حبيب ( 1902- 1979 ) في كتاب "الكنائس القبطية بالقاهرة " حيث قال عنها "الوصول إلى الكنيسة عن طريق باب ضيق واطيء بحوش الكنيسة وينوه بتلر عن غرابة الباب الخشبي فهو ضخم وسميك ويتكون من الصحن والجناحين ثم الهيكل الأوسط . أما مبناها فهو عادي ويتكون من الصحن والجناحين ثم الهيكل الأوسط والهيكلين الجانبيين ويغطيهما حجاب واحد مستمر للثلاثة، ثم روي بتلر عن المصابيح الزجاجية علي الهيكل وشمعدنات المذبح من البرونز والنواقيس والدفوف النحاسية والفضية ؛ثم كأس وغطاءه وملعقته وكلها من الفضة، ناهيك عن الملابس الكهنوتية الفاخرة التي كانت تحتويها تلك الكنيسة مثل البدرشيل وعليه رسوم الرسل ؛وعلي كل جانب أسم كل منهم بالعربية ؛ ثم أكمام مصنوعة من القطيفة المطرزة بالفضة.
كما كتب عنها المتنيح الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر في موسوعة "الكنائس والأديرة القديمة بالوجه البحري والقاهرة وسيناء" حيث قال عنها "تقع هذه الكنيسة في منطقة بابليون بجوار كنيسة الأمير تادرس ويفصلهما فناء صغير ذكرها ابن دمقاق ( 1349- 1407 م ) كما ذكرها المقريزي 1444 م وذكرت في إحدي مخطوطات البطريركية 1426م وذكرها فانسليب 1672م . يقع المدخل في الجزء القبلي من الحائط الغربي والصحن شبه منحرف غير منتظم يتوسطه كتفين مستطلين وأمام الهيكل الأوسط والهيكل البحري قبرين متقاطعين – الركن الشرقي به مقصورة لإيقونات القديسين ؛الهياكل غير منتظمة وتقع المعمودية في الركن الغربي القبلي من الصحن.
أما آخر مرجع كتب عنه فهو – في حدود معلوماتي – كتاب "المسيحية القبطية في ألفي عام" للمؤرخ الإلماني أوتو مينادريس ( 1925- 2005 ) حيث قال عنها "بالكنيسة ثلاثة هياكل تعلو جميعها درجة من الخورس.. يغطي الهيكل الإوسط قبة وفي الحائط الشرقي توجد الشرقية المعتادة ولوحة المسيح البانتوقراط (الجالس على العرش) والمذابح مكرسة علي أسماء القديسين :القديس مارجرجس ؛القديسين أباكير ويوحنا ؛والسيدة العذراء؛ وعلي حجاب الهيكل الأوسط توجد أيقونات السيدة العذراء والأثني عشر تلميذا وهم يرتدون ملابس الخدمة الكهنوتية القبطية . العمود الشمالي بصحن الكنيسة محاط بسياج زجاجي ؛ ويعتقد المؤمنون أن البقع الجصية القائمة في العمود ؛ تشكل صورا للسيدة العذراء ؛ووجه السيد المسيح ووجه البابا كيرلس السادس ؛ويوجد مزار في الجناح الجنوبي للكنيسة يحتوي علي رفات القديسن أباكير ويوحنا".