أعلن الرئيس السوداني عمر البشير، الدرديري محمد أحمد وزيرًا للخارجية خلفًا لإبراهيم غندور الذي أُعفي من منصبه قبل 26 يومًا، على خلفية تصريحات للبرلمان، أعلن خلالها إفلاس وزارته، لرفض بنك السودان تحويل رواتب الدبلوماسيين وإيجارات المقار لـ7 أشهر.
جاء ذلك خلال التشكيل الوزاري الجديد الذي أعلنه البشير، مساء أمس الاثنين، بتعديل حكومة الوفاق الوطني، وتسمية 5 وزراء دولة في عدد من الحقائب المهمة، شملت النفط والمالية والخارجية والداخلية والزراعة، وكذلك 8 ولاة جُدد للولايات.
قبل تسميته رسميًا وزيرًا لخارجية السودان، حلّ السفير الدرديري في قائمة الترشيحات المُرجّحة لخلافة غندور، ولا سيّما أنه يملك باعًا كبيرًا في السلك الدبلوماسي الخارجي؛ إذ تقلّد منصب رئاسة قطاع العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الوطني في وقت سابق.
من هو الدرديري محمد أحمد؟
بحسب تقارير سودانية، وُلِد الدرديري محمد أحمد الدخيري عام 1956 بقرية في أقصي غرب ولاية جنوب كردفان، حيث كان والده ينشط في التجارة. التحق بجامعة الخرطوم عام 1978 وأكمل سنواته بالجامعة ليتخرّج من كلية القانون في 1981.
عَمِل بالقضاء ثم اشتغل بالمحاماة في شراكة مع زميله القيادي الإسلامي والكاتب الصحفي أحمد كمال الدين، وهاجرا معًا إلى البحرين، حيث عمل في الاستشارات القانونية في شركات. وبعد وصول حكومة الإنقاذ الوطني في السودان تم استدعاؤه لتعيينه بوزارة الخارجية.
نال درجة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة ليستر البريطانية، وعَمِل لسنوات كأستاذ جامعي. كما نال ماجستير القانون من جامعة لندن وماجستير القانون الدولي لحقوق الإنسان من جامعة أكسفورد، وله اهتمامات بحثية في القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي صدر له كتاب (الحدود الأفريقية والانفصال في القانون الدولي).
يُعرف بالتميز والمثالية والأناقة والاهتمام بالمظهر، بحسب مُقرّبين منه. يقول الخبير الاستراتيجي السوداني حسين كرشوم، الذي عاصره خلال فترة دراسته بجامعة الخرطوم، إن الدرديري "رجل قليل الكلام ولا يتحدث كثيرًا ويحبذ العمل في صمت. وهو كذلك ذو بال طويل وسعة صدر، يتعامل مع القضايا بحكمة ورويّة، وهو مستمع جيد ومتحدث لَبِق، يجيد العربية على أصولها ويتقن التحدث بالإنجليزية بطلاقة".
ووفق صحيفة "الصحية" المحلية، شكّلت الدبلوماسية جانبًا مُضيئًا في حياة الدرديري؛ إذ عمل سفيرًا للسودان في عدد من الدول الأفريقية أبرزها فترته التي قضاها في كينيا قائمًا بالأعمال في نيروبي، وتزامن ذلك مع بداية مفاوضات "نيفاشا" وإعلان "ميشاكوس"، حيث كان المتحدث الرسمي باسم الوفد الحكومي. وتم اختطافه من قبل عصابات طالبت مقابل تسليمه فدية مالية، ما أثار أزمة دبلوماسية انتهت بإطلاق سراحه .
وفي الوقت نفسه، امتلك الدرديري كمًا هائلًا من المعلومات أهّله لأن يكون عضوًا في معظم لجان المفاوضات بين الحكومة السودانية وخصومها، إذ كان واحدًا من أعضاء الوفد الحكومي المفاوض في اتفاقية "نيفاشا"، وبعد التوقيع تولى منصب مُقرر مفوضية المراجعة الدستورية التي صاغت دستور السودان في 2005 .
إبّان الفترة التي تولّى فيها رئاسة قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني على مستوى علاقات السودان الخارجية، كان أكثر ما كان يشغله هو "الطريقة التي يُمكن من خلالها أن يستفيد السودان في علاقاته المتاحة مع دول صاعدة في الساحة الدولية تحتل مساحة متزايدة مثل الصين. وفي ذات الوقت مواصلة جهوده لإعادة المياه إلى مجاريها مع الولايات المتحدة التي تمسك بقيادة النظام العالمي"، حسبما قال الدرديري في حديث صحفي سابق.
وبعد رئاسة قطاع العلاقات الخارجية بالحزب، عاد الدرديري للانزواء في مكتبه يمارس مهنة المحاماة، حتى لمع اسمه كمُرشّح إبّان التشكيل الوزاري في 2015لمنصب في وزارة الخارجية كوزير للدولة، بيد أن اختيار البشير للراحل صلاح ونسي، وقتذاك، لم يُمكّن الدريري من دخول الوزارة ليستأنف عمله في المحاماة، ومن ثمّ يعاود الظهور بعد سنوات في ترشيحات الخارجية ليتقلّدها في النهاية.