ونحن نحتفل بميلاد السيد المسيح له المجد من البتول الطاهرة مريم العذراء, لعلنا نتساءل مع أنفسنا ومع الآخرين
لماذا جاء المسيح؟ أو لماذا حل المسيح في وسطنا؟
ولماذا أخلي ذاته وأخذ شكل العبد ونزل من السماء وتجسد وصار في الهيئة كإنسان؟
قبل ميلاد المسيح كان هناك خوف بسبب حكم الموت الذي صدر علي الإنسان الأول (آدم ) عندما عصي أوامر الله وجاء المسيح لكي يصالحنا معه ويزيل هذا الخوف, لذلك كان هناك فرح عندما ولد المخلص كقول إشعياء النبي لأنه يولد لنا ولد ونعطي ابنا وتكون الرياسة علي كتفه ويدعي اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام إن التجسد والفداء أساسهما محبة الله للناس فمن أجل محبته لنا جاء إلينا ومن أجل محبته لنا مات بالجسد علي عود الصليب عنا لذا يقول الإنجيل هكذا أحب الله العالم حتي بذل ابنه الوحيد ( يو3:16) ونحن في تجسده نتذكر محبته التي دفعته إلي التجسد, لذلك نتغني في بدء كل يوم إذ نقول في صلاة باكرأتيت إلي العالم بمحبتك للبشرية وأبطلت المظالم وأفرحت البرية وكل الخليقة تهللت بمجيئك فميلاد المسيح نقلنا من الخوف العظيم إلي الفرح العظيم..
عندما تجسد كلمة الله في صورة الإنسان وأخلي ذاته يولد من امرأة تحت الناموس كبني البشر لكي يجسد الحياة الأبدية علي الأرض في شكل السيدة العذراء مريم وظهور الملائكة للبشر ولكي يوفي العدل الإلهي وينوب عن البشرية بتصالح السمائيين مع الأرضيين فرفع ذاته علي عود الصليب لكي يخلص البشرية من الخطية, جاء ليفديهم ويموت عنهم ويبذل ذاته عن كثيرين..لأنه يريد أن الجميع يخلصون وإلي معرفة الحق يقبلون, فهو الذي دبر فكرة الفداء والخلاص لكي يسعي الينا حتي وإن كنا في تكاسلنا غافلين عن خلاص أنفسنا..
لقد جاء المسيح متجسدا إياها لكي يفتح سمواته لينزل إلينا ويسكن فينا فلا نشعر بعد في عزلة بل بوحدة كاملة ثابتة معه ومع الملائكة والشهداء العظماء والقديسين الأبرار…
لقد حل السيد المسيح متجسدا لكي يبث في قلوب البشر كرامتها بل وسكب عليها بهاء مجده وفي نفس الوقت شاركنا الحياة الأرضية ليقدس كل تصرفاتنا..حل فينا لكي يكرم طبيعتنا ويقدس فكرنا ومشاعرنا وسلوكنا وعبادتنا ولكي يبارك حياتنا…فقد صارت الحياة الأبدية حقيقة كائنة أمام كل إنسان تشتهي نفسه إلي الأبدية فيجد راحته واستقراره في الرب..
لقد جاء السيد المسيح متجسدا بين البشر ليحل سلامه الذي انتزع من البشرية بسبب الخطية, حينما خلق الله الإنسان كان في سلام معه ولكن بالخطية فقد سلامه مع الله ومن أمثلة ذلك آدم وحواء وهكذا حدث مع قايين والكثير من الأشرار في العالم كله عبر العصور…فالأشرار يفقدون سلامهم مع الله بالظلم هنا علي الأرض وأيضا في آخر الزمان يوم مجيء الرب للدينونة قال الرب لا سلام للأشرار(22:48) وفي ذلك يحذرنا معلمنا بولس الرسول قائلا مخيف مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي ما أكثر الذين أوصدوا قلوبهم في وجه الرب وفتحوها للشيطان فكانت النتيجة أنهم أوصدوها في وجه القداسة وفتحوها للنجاسة وأوصدوها في وجه السعادة وفتحوها للتعاسة والشقاء والآلام.. ماذا يكون شعورك أيها الظالم في حق نفسك لو أنك ذهبت بيت صديقك ولم يفتح لك الباب؟ وماذا يكون شعورك لو أنك ذهبت إلي بيتك الذي بنيته أنت فلم يقبلك من يسكن فيه وأنكر عليك كل حق في تملكه؟ أتعرف أن الله من رحمته واقف علي الباب يبغي الدخول لك ومنتظر سماع صوتك ! أتعرف أنك لاتستطيع الدخول معه إلا من خلال سلامه.. أعلم أن السلام الحقيقي هو من الله هذا الذي قيل عنه في المزمورالله يبارك شعبه بالسلام وعن السلام قال القديس بولس الرسول سلام الله يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم وينزع عنكم الخوف والقلق..أنك تجد سلاما داخل قلبك.. الله يريد لنا السلام ويمنحنا إياه بقوله سلامي أترك لكم, سلامي أنا أعطيكم, لاتضطرب قلوبكم ولا تجزع(يو14:27) وفي مناسبة عيد الميلاد المجيد الذي سبحت فيه الملائكة وهللت ورنمت أنشودتها الخالدة بإعلان حلول ملك السلام متجسدا بين البشر قائلة المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة
نطلب من الله أن يحل سلامه في قلوبنا جميعا.. وهكذا تمتد فرحتنا بعيد الميلاد العجيب من فرحة يوم العيد إلي فرحة عمر شامل إلي فرحة أبدية سعيدة.. وكل عام وأنتم في ملء النعمة والبركة.
أخلي ذاته
وطني
وطني
اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.